tag icon ع ع ع

لجين مراد | علا سليمان | خالد الجرعتلي

“بيسألوني كيف انغشيت؟ وأنا كنت عالإنترنت عم بتعامل مع شخص مثالي، وبالواقع لقيت حالي عم واجه وحش”، بنبرة ساخرة تحدثت “سلمى” (34 عامًا) عن “خدعة” الزواج عبر الإنترنت التي تعرّضت لها.

تعرّفت “سلمى” إلى زوجها المقيم في النمسا عن طريق أقاربه في سوريا، وبعد أشهر قليلة من التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سافرت إلى السودان لعقد قرانهما، حيث تلقت “الصدمة الأولى”، بحسب ما روته “سلمى” (اسم وهمي لأسباب اجتماعية) لعنب بلدي.

ورغم وجود مؤشرات عديدة على أن هناك “فخًا” بانتظارها، تغلّب خوف “سلمى” من نظرة المجتمع على رغبتها بإنهاء العلاقة، ما دفعها للسفر إلى النمسا ومحاولة بدء حياة جديدة مستقرة.

ظروف الحرب التي ألقت بظلالها على حياة السوريين، وتركتهم في دوامة من الأزمات المتتالية، دفعت العديد من النساء السوريات للبحث عن فرص النجاة وبدء حياة جديدة في بيئات أخرى مثل أوروبا، للتعويض عن المعاناة الأمنية والاقتصادية التي يعشنها في مناطق سيطرة النظام.

تعارف عبر الإنترنت تسبقه في بعض الحالات “خطبة أهل”، بين شبان سوريين لجؤوا إلى أوروبا وشابات تستمر معاناتهن في بلد أنهكتها الحرب، تسافر بعده المرأة إلى المجهول لتأسيس حياة زوجية مع احتمالات متساوية في فرص الفشل أو النجاح.

تحاول عنب بلدي في هذا الملف من خلال قصص شابات وشبان سوريين، وآراء خبراء واختصاصيين، توضيح دوافع الطرفين لاختيار هذا النوع من الزواج، وقياس أثر التجربة عليهما اجتماعيًا ونفسيًا.

كما تحاول تسليط الضوء على حالات استغلال تعرض لها الطرفان، وموقف القانون من ذلك، بالإضافة إلى تقديم توصيات يمكن أن تحدّ من الأثر السلبي للتجارب الفاشلة.

ما الدوافع؟

في ظل احتمالية وجود اختلاف بين دوافع الزواج بين الشريكين، والعديد من المؤثرات الخارجية المحيطة بهما، يمكن أن يأتي الزواج عبر الإنترنت بنتائج سلبية أو إيجابية لكلا الشريكين.

“كانت حياتي مستقرة رغم ظروف الحرب بس كنت حابة أسس عيلة”، هذا ما دفع “سلمى” للقبول بالزواج عبر الإنترنت، على الرغم من رفضها السابق لهذا الخيار.

وامتلكت “سلمى” رفاهية القبول أو الرفض بسبب وضعها المادي المستقر “نسبيًا” في سوريا، بينما تُجبر العديد من النساء على القبول بهذا النوع من الزواج رغبة بالخلاص من واقعهن الصعب في سوريا، تابعت “سلمى”.

فرصة نجاة

في بلد تتعمق فيه الأزمة الإنسانية والسياسية والاقتصادية باستمرار، تواجه الفتيات مشكلات مختلفة، تدفعهن للبحث عن سبل للنجاة.

وتحتل سوريا المركز قبل الأخير كأسوأ البلدان للعيش بالنسبة للنساء من إجمالي 170 بلدًا مشاركًا بالتصنيف بعد أفغانستان، بحسب تصنيف معهد “جورج تاون” الأمريكي.

وفي حين تأمل العديد منهن تكوين أسرة مستقرة والوصول إلى مستوى متقدم مهنيًا وعلميًا، تجد الفتيات أنفسهن بعيدات عن تحقيق ذلك الهدف.

وتعد الرغبة بالسفر أبرز دوافع الفتيات لقبول خيار الارتباط عبر الإنترنت، بحسب حالات رصدتها عنب بلدي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وتعمقت رغبة النساء بالبحث عن مهرب جرّاء التغير الملحوظ في سوريا بنسبة الذكور إلى الإناث، الذي ترك النساء الراغبات بتكوين أسرة أمام خيارات محدودة.

وبحسب إحصائية شاركتها وكالة “سبوتنيك” الروسية في أيلول 2022 من مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية السورية، بلغت نسبة “العنوسة” في سوريا 70%.

وتفرض الأحكام المترتبة على تصنيف المجتمع للمرأة على أنها “عانس” ضغوطًا كبيرة، وتحملها أعباء إضافية.

وواجهت “سلمى” تلك الضغوطات بعد أن تجاوز عمرها الـ30 دون زواج، لكن استقلالها المادي وطبيعة عائلتها الداعمة أنقذاها من ذلك، وفق قولها.

“بنت البلد”

ظروف دول اللجوء جعلت العثور على شريكة “مناسبة” مهمة أشبه بـ”المعجزة”، بحسب مقابلات أجرتها عنب بلدي مع شبان سوريين لجؤوا إلى أوروبا.

وأرجع الشبان ذلك إلى غلاء المهور، ورفض الكثير من الفتيات الزواج بسبب رغبتهن بتحقيق أهداف علمية ومهنية يمكن أن “يعوقها الزواج”، وفق منظورهن.

مع غياب الروابط بين السوريين بدول اللجوء، ومحدودية فرص التعارف، يتردد الشبان بالارتباط بفتيات أوروبيات خوفًا من الاختلافات الدينية والثقافية.

“نادر” (40 عامًا)، اسم مستعار لشاب لجأ إلى النرويج قبل تسع سنوات ويعمل في إدارة “كامبات” اللجوء، برر توجه الشباب للزواج عبر الإنترنت برغبتهم بالزواج من “بنت البلد” في محاولة ضمان وجود توافق اجتماعي وثقافي.

تزوج “نادر” بشابة سورية مقيمة بالنرويج، لكن زواجهما لم يستمر أكثر من بضعة أشهر، ما أرجعه الشاب إلى الاختلاف الكبير بين الشريكين.

ورغم إدراكه مسبقًا لهذا الاختلاف، أجبرته محدودية الخيارات على خوض علاقة غير متكافئة، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

بعد الطلاق سعى “نادر” للارتباط مجددًا، ولكنه اختار شابة مقيمة في مناطق النظام، على غرار الكثير من الشبان المقيمين في أوروبا.

مجددًا اصطدم “نادر” كغيره من السوريين في أوروبا بصعوبة إجراءات لمّ الشمل، وخصوصًا لمن تزوج بعد حصوله على حق اللجوء في إحدى الدول الأوروبية، ما تركه في مواجهة مع علاقة أخرى “فاشلة”.

اكتشاف الآخر

“كانت الصفات السيئة مخفية، ولقيت حالي بعد اللقاء بمواجهة مع صدمات متتالية ولا نهائية”، قالت “سلمى” مشيرة إلى أن الصدمة الأولى و”الأبسط” كانت بشكله الحقيقي بعد أن اكتفى زوجها بإرسال صور قديمة لا تظهر شكله في الوقت الراهن.

“الخدعة الكبرى كانت بإخفاء زواجه السابق”، تابعت “سلمى” بعد أن اكتشفت علاقة زوجها السابقة من خلال العثور على متعلقات نساء في منزلهما بالنمسا.

وفي ظل اقتصار الزواج بمعظم الحالات على تعارف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغياب التواصل الفيزيائي بين الطرفين، يمكن أن يجد كل منهما نفسه بعد اللقاء في دوامة اكتشاف الآخر.

الاختصاصي والباحث في علم الاجتماع صفوان قسام، يرى أن الزواج المقتصر على تعارف عن طريق الإنترنت من الصعب أن ينتج علاقة سليمة، إذ لا يمكن أن يظهر الطرفان شخصياتهما كاملة خلال هذا التواصل.

ويتطلّب التعامل مع الاختلافات المكتشفة بعد الزواج والجوانب المخفية لدى الشريكين مرونة كبيرة من كليهما، بحسب ما قاله قسام لعنب بلدي.

وفي حال لم يمتلك أحد الطرفين المرونة الكافية لاستيعاب اختلافات الآخر والتأقلم معها، ستتشكل علاقة غير سليمة بينهما، أضاف قسام.

ويتطلب نجاح العلاقة وجود توازن في العلاقة بين الشريكين، خصوصًا أن هذا الزواج سينتج عنه أطفال تتطلب تربيتهما بيئة أسرية مستقرة.

وأشار قسام إلى أن “الانجذاب السويّ” في العلاقة الجنسية لا يمكن أن ينشأ عبر الإنترنت، ويتطلب معرفة طويلة بين الشريكين.

تعبيرية (تعديل عنب بلدي)

القانون السوري والزواج عن بُعد:

القانون تغاضى عن الزواج عن بُعد ولم يتطرق إليه نهائيًا، وبذلك يترك الأمر للقواعد العامة في قانون الأحوال الشخصية.

بحسب القانون، يجب أن يسجل الزواج بمعاملة إدارية في المحكمة الشرعية إما بواسطة الزوجين بالذات، وإما بواسطة وكيلين عنهما بإشراف القاضي الشرعي، وهناك تساهل من قبل القاضي في موضوع الوكالات.

تجري أمور تثبيت الزواج بسهولة ويسر إذا استطاع الزوجان توكيل محامٍ أو غيره من أجل هذا الأمر، ليتم تثبيت الزواج وتسجيله في سجل الأحوال المدنية.

محامٍ مطلع في دمشق

الرغبة بالسيطرة.. نساء يواجهن سلطة الرجل

تظهر بشكل دوري تقارير حول ارتفاع نسبة الطلاق بين السوريين في أوروبا، وسط اتهامات للنساء بـ”الانفتاح” والتأثر بمجتمع محيط يمنحهن “حرية مطلقة”.

ورغم تكرار الحديث عن تحول الطلاق إلى “ظاهرة”، لا توجد إحصائيات أو معلومات دقيقة حول حالات الطلاق.

وتتحمل النساء عبء تلك الاتهامات من قبل مجتمع يتجاهل في معظم الحالات دور الرجل بوصول الشريكين إلى نهاية العلاقة.

“أنا الرجل”

“عنده رغبة بالسيطرة على كل تفاصيل حياتي، ليظل دائمًا الطرف الأقوى”، هكذا وصفت “سلمى” نهج زوجها بالتعامل معها.

ورغم كونها طبيبة، استغل زوجها عدم معرفتها باللغة الألمانية (اللغة الرسمية في النمسا) ليبقى متفوقًا عليها وقادرًا على التحكم بمصيرها، بحسب تعبيرها.

وفي حين يفرض مضي سنوات على لجوء الشاب أن يكون متقنًا للغة ومنخرطًا بالمجتمع ولو بشكل جزئي، تعيش النساء القادمات من سوريا خطواتهن الأولى في رحلة الزواج، وفي بلد جديد ومجتمع مختلف كليًا.

تلك الظروف تضع النساء بموقف “ضعف”، تعززه رغبة الرجل في بعض الحالات بأن يظهر بصورة “المنقذ” للمرأة من ظروف الحرب التي عاشت فيها لسنوات.

الاختصاصي الاجتماعي صفوان قسام قال، إن “أنا الرجل” أحد أبرز أسباب فشل هذه العلاقات.

وأوضح قسام أن تأقلم الرجل في بلد اللجوء، يعزز من شعوره بالاستعلاء مقابل التقليل من شأن شريكته.

من جهتها، قالت الاختصاصية النفسية في منظمة “AFYA”، المعنية بالحالة النفسية للاجئين في النمسا، ونسة نصر الله، لعنب بلدي، إن عجز الرجل عن قبول التغيير والتأقلم معه هو إحدى أبرز المشكلات التي تحكم على العلاقات الزوجية بالفشل.

ويرفض الرجل استيعاب اختلاف المجتمع ووجود مساحة للمرأة لتطور ذاتها، ما يدفعه لتقييد حريتها ومنعها حتى من الحصول على دورات اللغة.

وخلال عملها ضمن جلسات الدعم النفسي المخصصة للنساء، تصادف ونسة نصر الله العديد من النساء اللواتي يحضرن جلسات الدعم النفسي دون علم أزواجهن.

عنف بأوجه متعددة

“بيطلع من البيت وسنت ما بيترك معي”، بعبارة صغيرة لخصت “سلمى” العنف الاقتصادي الذي تتعرض له منذ عام كامل، مشيرة إلى أنها لا تحصل على أي مساعدة اجتماعية بسبب نوع إقامتها.

وتُمنع “سلمى” من تشغيل التدفئة في المنزل، ما يبرره زوجها بـ”على أساس بسوريا كنتي قدرانة تدفي”، بالإضافة إلى منعها من شراء معظم احتياجاتها بذريعة مشابهة.

“بقيت شهر مريضة دوا ما جبلي”، تشتكي من عنف زوجها الذي وصل حدّ حرمانها من حقها بالطبابة.

ويرفض زوج “سلمى” وصولها إلى خدمات الدعم النفسي أو تكوين علاقات اجتماعية يمكن أن تحميها من عنفه، لكنها استطاعت خلال الأشهر الماضية فعل ذلك في أثناء ساعات عمله.

“رح رحلك على سوريا”، تهديد ظل يكرره زوج “سلمى”، مستغلًا عدم معرفتها بقوانين البلد، ما شكّل رعبًا حقيقيًا بالنسبة لها.

وعاشت “حسناء” (27 عامًا)، اسم مستعار لأسباب اجتماعية، تزوجت بطبيب سوري مقيم بألمانيا، قصة مشابهة لما عاشته “سلمى”.

وبعد أشهر من محاولات زوجها حبسها في المنزل وحرمانها من العمل والحصول على المال، قررت الانفصال عنه، بحسب ما روته لعنب بلدي.

ودفع القرار زوجها لمحاولة إقناعها بأن يكون انفصالهما رسميًا في سوريا، ما يعني تجريدها من كافة حقوقها في ألمانيا، بما فيها حقها بالإقامة، لكن استشارة جهات قانونية مختصة أنقذتها من ذلك.

لمّ الشمل: يمنح القانون في الدول الأوروبية للاجئ حق التقديم على طلب لمّ شمل بعد ثلاثة أشهر من الحصول على قرار الإقامة من قبل مكتب الهجرة.

-يشترط للموافقة على لمّ الشمل إثبات أن الزواج جرى قبل التقدم بطلب اللجوء.

-يحصل أفراد العائلة (الزوجة والأطفال القاصرون) القادمون من خلال لمّ الشمل تلقائيًا على حق اللجوء بعد وصولهم إلى أوروبا.

لمّ الشمل مع كفال مالية: يمنح القانون اللاجئين الذين تزوجوا بعد الحصول على الإقامة، أو تجاوزا المدة المحددة لتقديم الأوراق حق لمّ الشمل وفق شروط محددة.

-تشمل شروط لمّ الشمل مع كفالة مالية وجود دخل ثابت (يختلف مقداره بين الدول الأوروبية)، يكفي ليؤمّن الشخص الاحتياجات المالية للأشخاص الذين كفلهم.

-يحصل أفراد العائلة على إقامة تُجدد بشكل دوري اعتمادًا على أوراق يقدمها الطرف الحاصل على حق اللجوء (إقامة عائلية).

-لا يحق للأشخاص القادمين بموجب لمّ شمل مع كفالة مالية التقدم بطلب اللجوء إلا في حالات استثنائية.

تعبيرية (تعديل عنب بلدي)

استغلال مادي ومعنوي ضحيته شبان

تداولت صفحات عبر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، العديد من الروايات التي تحدثت عن حالات احتيال واستغلال ضحيتها شبان سوريون خاضوا تجربة الزواج عن بُعد.

وشارك “اليوتيوبر” السوري يمان نجار مقطعًا مصوّرًا على حسابه الشخصي في تشرين الأول 2022، حول قصة شابة سورية مقيمة في دمشق ومرتبطة بشابين لاجئين في أوروبا.

وبحسب ما رواه نجار حينها، استطاعت الشابة الحصول على حوالات مالية لأشهر من ألمانيا والسويد بعد أن أوهمت الشابين بـ”الحب”.

ورغم تعرّض نجار للانتقادات والاتهامات بالتشهير وانتهاك الخصوصية بحق الشابة من قبل شريحة واسعة من السوريين شملت شخصيات عامة وحقوقية وفنية، سلّطت تلك الحادثة الضوء على قصص مشابهة كثيرة.

السوري “الأجنبي”

قرر براء (28 عامًا)، شاب سوري مقيم في فرنسا، الزواج من شابة مقيمة في سوريا، رغم رفض عائلته ذلك الخيار خوفًا من الوقت الطويل الذي تستغرقه معاملات لمّ الشمل.

وفي منتصف عام 2022، عقد براء خطوبته على شابة سورية مقيمة في محافظة حماة، ليجد نفسه مجبرًا على دفع نفقات تفوق قدرته، وفق ما قاله الشاب لعنب بلدي.

“تعاملت معاملة الأجنبي”، هذا ما قاله الشاب، في إشارة إلى أن عائلة خطيبته استغلت عدم معرفته بالأسعار المتقلبة في سوريا، وحمّلته أعباء مادية كبيرة.

ورغم انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار، تجاوزت نفقات خطيبته الشهرية نصف راتبه، ما دفعه في النهاية للانفصال عنها.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرض فيها براء للاستغلال المادي، إذ خاض تجربة الزواج من شريكة مقيمة في سوريا، لكنّها انتهت بالفشل بعد أن بلغت متطلبات زوجته المقيمة في سوريا نحو 500 يورو شهريًا.

فتيات هدفهن السفر

علاء (31 عامًا)، تخلّت زوجته عنه جرّاء فشل معاملة لمّ الشمل، ورفضها فكرة عودته إلى سوريا حيث تقيم ليعيشا معًا.

لجأ علاء إلى ألمانيا عام 2014، واستطاع بعد عامين من استقراره فيها تأسيس عمل خاص لعائلته في سوريا، “على أمل ألا تطول فترة اللجوء والبعد عن العائلة”، وفق ما قاله لعنب بلدي.

وفي 2016، تزوج الشاب بشابة مقيمة في سوريا، ليبدأ بمعاملة لمّ الشمل بشكل قانوني.

وباعتبار زوجة علاء كانت دون السن القانونية للزواج في ألمانيا، لم توافق السلطات على لمّ شمله بزوجته.

وبعد تفكير مستمر بالعودة إلى سوريا، قرر علاء أن هذا الوقت المناسب لذلك، كونه لن يتمكن من لمّ شمل زوجته في الوقت القريب.

في المقابل، دفع ذلك القرار زوجته للانفصال عنه، مطالبة بمستحقاتها المالية بموجب عقد الزواج بينهما.

وعاش “نادر” قصة مشابهة، بعد أن قرر الانفصال عن خطيبته في سوريا، خوفًا من تعقيدات أوراق لمّ الشمل التي يمكن أن تستغرق سنوات.

“ديني تكلفة السفر تهريب لأوروبا”، هذه العبارة التي قالتها خطيبة “نادر” السابقة كان كفيلة ليدرك أن ارتباطها به لم يكن إلا محاولة للنجاة من حياتها في سوريا.

ما موقف القانون؟

في حين يحاول الرجل تهديد المرأة بسحب إقامتها، يحفظ القانون في الدول الأوروبية حق تقديم طلب لجوء في حالة المرأة السورية، وفق ما قالته المستشارة في منظمة “Orient Express” النسوية عبير حيدر.

وتسعى المنظمات للتركيز على حق المرأة السورية بتقديم طلب لجوء في تلك الحالات، ما يمنح النساء حجة قانونية للحد من أي عنف محتمل تحت تهديد “الترحيل إلى سوريا”.

كما يمنح القانون المرأة حق الحصول على الحضانة المنفردة لأطفالها حتى في حال تقدمت بشكوى رسمية لإثبات تعرضها للعنف، إلا في حال اختارت عدم الانفصال، وفق ما قالته حيدر.

وأوضحت حيدر أن قبول المرأة العيش تحت تهديد عنف “مثبت” من قبل الرجل، يعطي للجهات المختصة حق التدخل لحماية الأطفال من الطرفين.

من جهته، قال المحامي والمستشار القانوني بقضايا الهجرة واللجوء باسم سالم، إن المرأة السورية قادرة على الانفصال والتخلي عن إقامتها المرتبطة بالزوج مع الحفاظ على حقها بالحصول على اللجوء.

وأرجع ذلك إلى الظروف التي تشهدها سوريا، مشيرًا إلى أن المرأة التي تحمل جنسية لا تتيح لها التقدم باللجوء، قادرة على البقاء في البلد في حال أثبتت أن الزوج هو المتسبب الأول بالانفصال.

ويرى ‏المدير الإقليمي للمنظمة العربية الأوروبية لحقوق الإنسان، محمد كاظم هنداوي، أن تهديد الزوج للمرأة بالترحيل إلى سوريا يعد “انتقامًا”، وهو ما يرفضه القانون بشكل قطعي.

في المقابل، قال هنداوي، إن القانون لا يحاسب المرأة بناء على وجهة نظر الرجل بتعرضه للاستغلال المادي.

وأوضح هنداوي أن القانون يعتبر أن الرجل تحمّل هذه التكاليف بقرار شخصي يتحمّل مسؤوليته، مشيرًا إلى وجود العديد من قصص الاستغلال “العكسي”.

تعبيرية (تعديل عنب بلدي)

خطوات للحد من الأثر السلبي

تحمل العلاقات “الفاشلة” آثارًا سلبية نفسية واجتماعية على كلا الشريكين أو أحدهما في معظم الحالات.

ويفرض وجود المرأة في مجتمع غريب عنها غير قادرة على التواصل معه بالشكل المطلوب وغير مطلعة على قوانينه خطرًا أكبر، وفق ما قالته المستشارة في منظمة “Orient Express” النسوية عبير حيدر.

وللحد من الآثار السلبية بشكل مسبق، أوصى الاختصاصي الاجتماعي صفوان قسام الشريكين بالحصول على فترة تعارف كافية لإظهار القسم الأكبر من الصفات والطباع المخفية لدى الطرفين.

ويجب على كل طرف بالعلاقة بذل مجهود كافٍ لمحاولة تقبل اختلاف الآخر، وفق ما قاله قسام، لافتًا إلى أهمية تكوين شبكة اجتماعية داعمة للعلاقة في بلد اللجوء.

من جهتها، توصي الاختصاصية النفسية في منظمة “AFYA” المعنية بالحالة النفسية للاجئين في النمسا ونسة نصر الله، النساء بالتوجه لتلقي خدمات الدعم النفسي بالدرجة الأولى.

المستشارة عبير حيدر أوصت النساء اللواتي يتعرضن لأي شكل من أشكال العنف بإبلاغ الشرطة حتى في حال لم تكن لديهن القدرة اللغوية الكافية لتوضيح الحالة كاملة.

وأوضحت أن الشرطة تتخذ إجراء أوليًا بإبعاد الرجل لمدة أسبوعين، لحماية المرأة من أي خطر محتمل.

ويمكن للنساء التوجه للعديد من المنظمات الفاعلة بشؤون حماية المرأة، والقادرة على إرشادهن للخطوات السليمة لحماية حقوقهن كافة.

مقالات متعلقة