كوبر- الصالح.. سمك لبن تمر هندي

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

في كل بلاد العالم، وفي كل مسابقات كرة القدم (الكبرى، المتوسطة، المقبولة، الزفت)، نسمع ونشاهد ونتابع دائمًا تعاقدات مع مدربين ومع مديرين فنيين ومع خبرات لتطوير المستوى الكروي في الفئات العمرية والأولمبية ومنتخبات الرجال، ونستطيع أيضًا أن نقول إن هذا المدرب يُنتظر منه “نقلة نوعية” أو “تغيير أداء قديم”، أو أن المأمول منه “انتزاع بطاقات التأهل للمسابقات القارية”، وقائمة تطول من الأمور التي تتوفر في المدربين، وتكون مطلبًا ملحًا عند المتعاقدين أيًا كانوا: أندية أو منتخبات.

في منطقتنا، من المعروف أن الراحل محمود الجوهري ذهب إلى الأردن لتطوير منتخباتها وتقديم أداء تنافسي قوي لمنتخب الرجال، وقد فعل هذا الأمر خلال خمس سنوات، وكان الأردن فارس بطولة الأمم الآسيوية بجدارته ونتائجه التي لم يوقف زحفها آنذاك إلا حيلة زيكو مدرب اليابان، الذي طلب من الحكم تغيير مكان تسديد ركلات الترجيح، فأعطى منتخبه فرصة الهدوء واستفز منتخب الأردن الذي خرج من البطولة يومها برأس مرفوع.

والحال أيضًا تنطبق على العراقي المخضرم عدنان حمد، الذي تجول في منتخبات المنطقة وعمل بجد وجهد، وترك بصمات لا تُنسى في منتخبات الرجال والشباب، منها العراق والأردن.

أما من ناحية المدربين العالميين فكان لكارلوس ألبرتو فيريرا شأن عظيم في منتخبات الخليج العربي، واليوم نشاهد أيضًا الفرنسي هيرفي رينارد وما فعله بمنتخب المغرب 2018، ومنتخب السعودية 2022.

ما أريد الوصول إليه في هذه المقدمة الطويلة هو أنه لا مشكلة بأن يتم التعاقد مع أي مدرب وأي اسم كان نجح أم لم ينجح، فهذه ظروف وأحوال كرة القدم، ولكن توفير الأرضية المناسبة لقدوم مدرب مشهور والعوامل الأساسية لخدمة عمل المدرب وطاقمه، من أشد الاحتياجات قبل الحديث والفخر والإعلان بأن فلان أتى.

هيكتور كوبر، المدرب الأرجنتيني المعروف، صاحب البصمات الأوروبية مع أندية فالنسيا وإنتر ميلان وريال بيتيس، ومدرب منتخبات مصر، جورجيا، أوزبكستان، الكونغو الديمقراطية، الذي قفز بالفراعنة مجددًا إلى مونديال 2018، تعاقد مع اتحاد النظام السوري لكرة القدم لتدريب المنتخب الأول في دمشق.

فنيًا، هيكتور كوبر مناسب لأجواء الكرة السورية المعروفة منذ 40 عامًا، وقادر على أن يقدم ويطور، في حال تُرك له المجال، ويستطيع أن يقلب الطاولة في أكثر من مناسبة، حتى لا يقال إننا نهاجم فقط ولا نرى أي بارقة أمل إلا وندمرها بالقدح والذم… يا أهل الخير منتخبكم لا يعنيني أبدًا، ولكن هيكتور كوبر مناسب لأن يتسلّم الدفة.

لكن أين الدفة؟ ودفة من؟ أين كرة القدم في دمشق وفي المحافظات السورية؟ إلى أين أتى هذا الرجل؟ هل يعلم تمامًا ما يحدث وإلى أي حال وصلت الأحوال في سوريا؟ هل يعلم بأن البلاد بلا كهرباء وبلا محروقات، وأن العملة فيها “بالحضيض”، وأن الحالة الأمنية مستشرية في كل ناحية؟ هل يعلم أن البلاد مقسمة وأنه لا يستطيع التجول في عموم البلد والملاعب، وأن اختياراته يجب أن تتماهى مع رغبة اتحاد كرة صلاح رمضان، المتجاوب والمتعاضد كليًا مع اتحاد فراس معلا الرياضي العام؟ اختيارات اللاعبين ستكون محدودة، والملاعب بلا تنظيف وبلا مياه ساخنة، وبلا أضواء وبلا مباريات ودية… كيف وافق هذا الرجل على التعاقد دون معرفة كل ما ذكرناه ولم نذكر شيئًا حتى الآن؟

قد تكون “جهة شقيقة” هي من ستتكفل بمستحقات كوبر، إن أكمل في تعاقده ولم يهرب، تتكفل بالدفع لأنه مدرب أجنبي، والعلقة معه صعبة، وليس كنبيل معلول الذي “أكل الكم”، ورحل إلى غير رجعة بعد أن لعن ساعة تعاقده وقدومه إلى دمشق.

السؤال الآن، إذا كانت أدنى مقومات واستعدادات ومتطلبات كرة القدم الحديثة غير متوفرة، والدوري الكروي توقف أكثر من مرة ولربما يتوقف مجددًا، فكيف وافق كوبر على العقد؟ وكيف يستطيع أن يمر بين كل هذه المشكلات ليصنع منتخبًا قادرًا على المنافسة والوصول على الأقل للدور الثاني في كأس آسيا 2023؟

على سيرة الكرة السورية وكوبر، مر في الأخبار أول من أمس خبر ضرب حكم في مباراة الدوري، وقد ضربه أحمد الصالح كابتن منتخب النظام سابقًا ونادي الجيش. هذا فلكلووووووور، فلكلور يا بشر، والرجل فقط مارس حقه في الفلكلور الذي طال سابقًا ثلة من الحكام أبرزهم: جمال الشريف، خضر الحاج خضر، عبد الله بصلحلو، وقائمة من حكام الدرجة الثانية والثالثة في سوريا، بما يجعلك تردد دائمًا عند سماعك بتطوير الرياضة في سوريا: سمك لبن تمر هندي.. وصحتين وألف هنا يا سيد كوبر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة