القطاع الطبي مهدد بالانهيار شمال غربي سوريا.. الاحتياجات ضخمة

camera iconمصابين في مستشفى "الشفاء" في عفرين جراء الزلزال في 9 شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

tag icon ع ع ع

لا يزال القطاع الطبي في شمالي غربي سوريا لليوم الرابع على الزلزال، يواصل العمل بطاقته القصوى، ووفق إمكانياته المحدودة، استجابة لتضاعف أعداد الإصابات الناتجة عن الزلزال الذي ضرب المنطقة فجر الاثنين 6 من شباط.

بحسب عدة مصادر عاملة في القطاع الصحي في المنطقة، فإن عدم وصول المساعدات الطبية و تغطية الاحتياجات اللازمة، ينذر بانهيار منظومة القطاع بشكل كامل، الأمر الذي يهدد حياة مئات المتأثرين بالزلزال.

تحديات تنذر بالأسوأ

الطبيب الباحث في مشروع أبحاث من أجل تقوية النظام الصحي في شمال سوريا، ومدير صحة إدلب السابق، منذر الخليل، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن المنشآت الطبية بشكل عام قدمت جهدًا جبارًا لإنقاذ المصابين، يعني خلال الساعات الماضية، وسط تحديات عدة تواجه القطاع بشكل عام.

ومن أبرز تلك التحديات، الكوادر الطبية نفسها والتي اضطر قسم منها لعدم الالتحاق بعمله نظرًا لتضرر عائلته جراء الزلزال إما في تركيا أو في شمال غربي سوريا، ما أجبر باقي الكوادر على قلة عددهم بالالتزام بأداء واجباتهم منذ ساعات الزلزال الأولى حتى الآن، لاستيعاب أعداد الإصابات الكبيرة، بحسب الخليل.

وأضاف الطبيب، أن العوائق اللوجيستية خلال الأيام الماضية، تمثلت أولًا بغياب الكهرباء التي كانت تصل إلى المنطقة بطبيعة الحال من تركيا، ما اضطر المستشفيات والمراكز الصحية على الرجوع للاعتماد على الديزل لتشغيل المولدات، الأمر الذي لم تتخذ احتياطات مسبقة له.

وخلال الأيام الثلاثة الأولى كانت حاجات القطاع الطبي من الديزل تعتبر كافية، لكن اعتبارًا من اليوم الرابع سيبدأ نقص المحروقات يظهر بشكل واضح، بسبب استخدام المخزون بشكل شبه كامل، ما سيترك أثره على مولدات الأوكسجين بشكل أساسي.

ونتيجة لأعداد المصابين الضخمة التي استقبلتها المستشفيات غير المهيئة لتخديم هذا العدد، يحتاج القطاع أصناف معينة من الأدوية، أهمها المضادات الحيوية، بحسب الخليل، موضحًا أنه من الممكن أن يعرض عدم حصول المصابين على هذا النوع من الأدوية فور وصوله إلى المستشفى لإصابته بإنتانات لاحقة، الأمر الذي ستكون تكلفته باهظة جدًا على صحة المرضى مستقبلًا.

مصابين في مستشفى "الشفاء" في عفرين جراء الزلزال في 9 شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

مصابين في مستشفى “الشفاء” في عفرين جراء الزلزال في 9 شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

الفرصة الذهبية أسبوع

الطبيب منذر الخليل، أوضح لعنب بلدي، أن استجابة القطاع الطبي خلال الساعت السبعين الأولى تقريبًا للزلزال، يجب أن تكون جيدة، وهي مهمة جدًا في هذا التوقيت، إلا أن الفجوات ستبدأ بالظهور حين يتم استهلاك المخزونات الموجودة من مواد الديزل والأدوية والمستهلكات الجراحية.

وأضاف الخليل، أن الاستجابة للمساعدات يجب أن تكون سريعة جدًا في الوقت الحالي، لافتًا إلى أن استجابة المؤسسات الدولية في هذا السياق تأتي عادة بعد فوات الفرصة الذهبية للإنقاذ.

وتعتبر “الفرصة الذهبية للإنقاذ”، بالنسبة للقطاع الطبي هي الأسبوع الأول من الكارثة، لكون المصابين الذين يتم إنقاذهم في اللحظة الأولى ليس بالضرورة أن تجرى لهم عمليات جراحية، إذ من الممكن ألا يظهر حجم الأذية بوقتها.

مصابين في مستشفى "الشفاء" في عفرين جراء الزلزال في 9 شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

مصابين في مستشفى “الشفاء” في عفرين جراء الزلزال في 9 شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

الاحتياجات تتضاعف.. الاستهلاك كبير

الطبيب عبد الرحمن العمر العامل مع “الجمعية الطبية السورية الأمريكية- سامز” في الشمال السوري، قال إن معظم الإصابات الواصلة إلى المستشفيات خلال الأيام الأربعة على الزلزال، كانت إصابات رضية بشكل أساسي، منها إصابات عظمية ومنها جراحية عصبية.

وأوضح العمر، في حديث إلى عنب بلدي، أن جميع الأشخاص الناجين من تحت الأنقاض تحدث لديهم ما تسمى بـ”أذية الهرس”، وهي حالة مرضية خطيرة جدًا، نتيجة تعرض أطرافهم وأجزاء من جسمهم للضغط، وفي حال بم يتم تدبير حالتهم الصحية بشكل مناسب تنتهي بهم الحالة بقصور كلوي، قد يودي بالحياة.

وخلال الأيام الأولى، امتلأت جميع مستشفيات شمال غربي سوريا بالمرضى، كما وضع عدد منهم في ممرات المستشفيات، نتيجة وصول أعداد إصابات “كبيرة” تفوق حجم الاستيعاب، وعبر تقديم الخدمات استنزفت المستشفيات الكثير من مواردها من الأدوية والمستهلكات الطبية التي كانت مخصصة للمشاريع النظامية.

واستخدمت مستشفيات “سامز” في المنطقة، مواردها التي كان مخططًا استهلاكها لمدة ستة أشهر قبل الزلزال، في يوم واحد فقط، بحسب العمر، مؤكدًا أيضًا أن غياب الكهرباء كان تحديًا إضافيًا للقطاع عمومًا، ما يتطلب الآن تأمين كميات كبيرة من الديزل لتأمين تشغيل المستشفيات بما فيها من أجهزة ضرورية للقيام بالعمليات الجراحية، والمنافس الآلية، وغيرها.

وحول احتياجات المستشفيات، بعد الاستجابة للكارثة لمدة أربعة أيام، أوضح العمر، أن المستشفيات كانت تعاني أساسًا من نقص في معدات غسيل الكلى قبل الزلزال، وبعد الكارثة تضاعفت هذه الاحتياجات، نتيجة استهلاكها بشكل كبير لمعالجة مرضى “أذية الهرس”، بالإضافة إلى المستهلكات الجراحية المختلفة منها العظمية و العصبية، والمستهلكات المختلفة من شاش ومعقمات ومثبتات خارجية وداخلية وجبس وجبائر وغيرها من المواد التي لم يعد بعضها متوفرًا أبدًا.

المجتمع الدولي غائب

لم تصل المساعدات الأممية أو الدولية إلى الشمال السوري إلى اللحظة، واقتصر عبور الحدود السورية على قافلة أممية محدودة، مجدولة مسبقًا، رغم مرور أكثر من أربعة أيام على الزلزال.

وقال “الدفاع المدني السوري” إن المعدات التي دخلت المنطقة هي “مساعدات دورية”، سبق أن توقفت خلال الأيام الأولى للزلزال، وأعيد استئنافها الآن.

واليوم الخميس، ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا إلى أكثر من 17 ألف شخص، بينما تتواصل جهود الإنقاذ والمحاولات لإدخال المساعدات إلى المنطقة المنكوبة في الشمال السوري.

ووصلت حصيلة ضحايا الزلزال في تركيا إلى 16 ألف و170 حالة وفاة، اليوم الخميس، وتتواصل الهزات الارتدادية منذ ثلاثة أيام، مسجلة أكثر من ألف و117 هزة متفاوتة الشدّة.

وحتى مساء اليوم، أحصى “الدفاع المدني السوري” وفاة أكثر من ألف و970 شخصًا وإصابة أكثر من ألفين و950 آخرين، شمال غربي سوريا.

بينما أعلن وزير الصحة لدى حكومة النظام، حسن محمد الغباش، مساء اليوم، أحدث إحصائية لأضرار الزلزال، موضحًا أن عدد الوفيات ارتفع إلى ألف و347 حالة وفاة وألفين و295 إصابة، في حصيلة غير نهائية.

مصابين في مستشفى "الشفاء" في عفرين جراء الزلزال في 9 شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

مصابين في مستشفى “الشفاء” في عفرين جراء الزلزال في 9 شباط 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة