“حدائق المياه”.. زلزال اسطنبول وتصادم الثقافات

tag icon ع ع ع

تبدأ رواية “حدائق المياه” للكاتب الأمريكي آلان درو بالفقدان، عندما ترك إسماعيل (تسع سنوات) يد والده، في أثناء صعودهم على متن عبارة في اسطنبول، واختفى فجأة بين الركاب.

ولا يمر ذعر الأب دون أن يلاحظه أحد، حتى في ظل الازدحام الكبير، ففي غضون دقائق، يرى الوالد، سنان، ابنه إسماعيل، يعود إليه على وهو يطفو على أيادي الركاب.

وفي المرة التالية التي يرى فيها سنان ابنه طافيًا، يكون الصبي على سريره خلال انهيار شقتهم، التي تحولت جدرانها إلى خليط من الخرسانة المكسورة بسبب الزلزال الذي ضرب غربي تركيا عام 1999.

وتروي “حدائق المياه” الصدمات التي يتردد صداها في حياة عائلتين، كردية وأمريكية، في أعقاب الزلزال المدمر.

العائلة الأولى هي عائلة سنان، وهم نازحون من الحرب التي كانت تدور بين الجيش التركي والمسلحين الكرد في المقاطعات الجنوبية الشرقية، من القرويين الذين فروا إلى حياة أكثر أمنًا في ضواحي إسطنبول.

عالم اسطنبول ليس عالمهم، وفي مثل هذه الظروف الصعبة، ربّوا ابنهم إسماعيل مع ابنتهم إيريم، والتي تعاني من تفضيل والديها الواضح لإسماعيل. حاربت إيريم (15 عامًا) عادات عائلتها التقليدية، وهي مفتونة بعائلة الجيران الأمريكيين، ولا سيما ابنهم المراهق، ديلان، الذي يتحدى التقاليد المحلية بطرق تجدها إيريم خطيرة.

من خلال الانقسامات ووجهات النظر المتغيرة، تستكشف الرواية التفسيرات المختلفة للعائلتين للأحداث وقرارات حياتهم اليومية.

يحب ديلان الاستماع إلى موسيقى ​​على جهاز “والكمان”، والذي يصبح نقطة اتصال بينه وبين إيريم، إذ تمنح الموسيقى الأمريكية لإيريم حرية شخصية لا تتماشى مع عادات عائلتها.

الفقدان هو الموضوع الرئيسي في الرواية، فعندما اجتمعت العائلات الأمريكية والكردية معًا وبشكل غير متوقع بسبب الزلزال، نجت عائلة سنان، ولكنها جائعة ومشردة. الدولة غير قادرة على مساعدتهم، تركتهم فريسة اللامبالاة ويعيشون على كرم الغرباء.

ونجا الطفل إسماعيل، المحاصر تحت أنقاض الزلزال، بفضل الجارة الأمريكية، التي ماتت في أثناء محاولة إدخال الماء إلى فمه من حنفية مكسورة.

وفي النهاية تنتقل عائلة سنان إلى معسكر للكوارث أنشأه فريق إغاثة أمريكي، يقوده والد ديلان، الذي كان حزينًا على زوجته الميتة ومنشغلًا جدًا لتتبع ابنه المتمرد. في المخيم، يجد سنان وزوجته وأطفاله خيامًا ورعاية طبية وطعامًا، ولكن في نفس الوقت يشعر سنان بفقدان لكرامته.

تستهزئ إيريم بقيم والديها من خلال مصادقتها لديلان، وتقع في حبه بسرعة. اللاجئون الأتراك المحيطون بها في المخيم يدينونها في البداية على أنها حمقاء، ثم يعتبرونها منحلة.

يشك الأتراك في صداقة ديلان مع إيريم، وبأن المساعدات الأمريكية تأتي لعائلة سنان بشكل أكبر. قبوله بوضع عائلته يترك سنان يعاني بسبب تضارب قيمه، فهو رجل بسيط وصادق يحاول أن يكون أباً صالحًا لابنه، لكنه ينفر من ابنته، فهو فريسة لجميع أنواع الضغوط من المجتمع بسببها.

في واحدة من المفارقات في الرواية، حصل سنان على وظيفة في أحد متاجر كارفور القريبة، في محاولة لكسب ما يكفي من المال لإعادة عائلته إلى المنزل في الريف، فيجد سنان المتديّن نفسه يكدس علب النبيذ لبيعها للناس في إسطنبول.

الكاتب آلان درو أمريكي قضى ثلاث سنوات يعمل مدرسًا في اسطنبول، حيث شهد الزلزال الذي ضرب المدينة عام 1999، ومن خلال الاستفادة من تجربته التي عاشها وقت الزلزال، بنى هذه رواية.

وهو أستاذ محاضر في اللغة الإنجليزية بجامعة فيلانوفا، في فيلادلفيا في الولايات المتحدة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة