دروس ومواقف وسط الفاجعة

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

أسبوع من الحزن والألم على هول الفاجعة، جراء الزلزال المخيف والمدمر، الذي داهم حياة البشر في جنوب تركيا وشمال ووسط سوريا، الاثنين الماضي، حاصدًا معه أرواح قرابة 25 ألف إنسان وإصابة 300 ألف على الأقل، ومساحات واسعة من الدمار والخراب في البلدين… مأساة لا يمكن تصورها للأمانة.

رحم الله الضحايا وكان في عون أهاليهم وعائلاتهم التي ما زالت تنتظر أخبارًا عن مفقودين تحت الأنقاض. في الحقيقة لا يمكن شرح هذا المصاب بالكلمات ولا بالأسطر ولا يمكن نقل الصورة الحقيقية عما جري وكيف مرت الساعات على البلدين وعلى المناطق المنكوبة منذ أول دقائق الزلزال المدمر وحتى اليوم.

المجتمع الرياضي، وكما في كل أحداث ومناسبات الحياة، طالته سهام الحزن والفقد والترقب والمصير المأساوي لعديد الرياضيين وعائلاتهم في سوريا وتركيا، فقد ودعت الأسرة الرياضية العالمية ومن مختلف الألعاب والفئات العمرية لاعبين ومدربين واداريين في المدن السورية وفي ولايات أنطاكيا وكهرمان مرعش وغازي عنتاب واسكندرون، وما زال الكثير منا يمني النفس بأن يكون من هم تحت الأنقاض على قيد الحياة وأن تستطيع فرق الإنقاذ والإسعاف الوصول إليهم.

في سوريا، توفي اللاعب السوري السابق نادر جوخدار مع ولده تاج الدين، بانهيار المبنى الذي كان فيه في مدينة جبلة، وفي الشمال السوري توفي بطل سوريا ببناء الأجسام سابقًا سامر زيدان مع ولديه في أول أيام الزلزال المدمر، كما توفي لاعب نادي سلقين لكرة السلة محمد شعبوق، بعدما سحب جثمانه من تحت الأنقاض في ثاني أيام الفاجعة، وفي حلب توفي لاعب نادي العروبة للناشئين بكرة السلة ألبير تنكجيان مع والدته بانهيار مبنى سكني، وقائمة من الوفيات والإصابات لم يعلن عنها بالشكل الكامل والواضح حتى الآن.

في تركيا كانت المصيبة أكبر، ورافق شلل عام الوسط الرياضي أيام الزلزال المدمر، ويبدو بأنه سيكون أطول من ناحية المدة الزمنية، فقد تم تعليق النشاطات والمسابقات الرياضية في عموم ملاعب وصالات الجمهورية التركية حدادًا على أرواح الضحايا والمصابين، وتحولت بعض الملاعب الرسمية للأندية التركية الشهيرة (بشكتاش، غلطة سراي، فنربهشة وإسطنبول باشاك شهير) إلى مراكز لتقديم المساعدات وتنظيم حملات المعونة والإسعاف من أجل الأماكن المتضررة والرياضيين المتضررين جراء المصاب الأليم.

وأبدت رابطة الدوري التركي لكرة القدم تعاطفًا كبيرًا موصولًا برغبة الأندية بمساعدة نادي هاتاي ونادي غازي عنتاب ونادي كهرمان مرعش، لتجاوز الأزمة الراهنة، وتفهم رغبة الأندية بالانسحاب من مسابقة الدوري بسبب الخسائر التي لحقت بهم وبكوادرهم ومنشآتهم في هذه الأيام الصعبة، ولربما يكون إكمال الدوري بمن تبقى من الأندية مع حفظ حقوق الأندية المنسحبة في العام القادم بمتابعة منافساتهم ضمن أندية الدرجة الممتازة.

كان من الواضح أيضًا سيل التعاطف الدولي الرياضي في الأندية الكبرى والمؤسسات الرياضية الدولية، من برقيات التعاطف وحملات التضامن وتقديم المساعدة والمبالغ المالية ويد العون في كل ما يسمح به المواقف، من أندية كبرشلونة وليفربول وإيفرتون وريال مدريد وقائمة تطول من المؤسسات الرياضية، وحتى في المنافسات القائمة حاليًا، كان مشهد التحية للضحايا مؤثرًا في لقاء نصف نهائي كأس العالم للأندية بين الهلال السعودي وفلامينغو البرازيلي وارتداء الشارات السوداء في مواجهة الأهلي المصري مع ريال مدريد الإسباني.

لربما يكون هذا التلاحم الرياضي درسًا وعبرة وحكمة، بل وموقفًا إنسانيًا نفخر به دائمًا، ويجب أن يتعلم منه الساسة وقادة الفكر في المحفل السياسي العالمي بكيفية التعامل وقت الأزمات وفي فترات الفاجعة التي تطال كل شيء لدى اصطدامها بحياتنا.

الرحمة لأرواح الضحايا والأمنيات بالشفاء والسلامة لكل المصابين والمنكوبين في حادثة الزلزال المرعب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة