مخيمات دون خدمات تنشأ لمتضرري الزلزال في الشمال السوري

مدنيون في مخيمات إيواء للمتضررين جراء الزلزال في قرية الحمزية بريف سلقين شمال غربي سوريا- 15شباط 2023 (عنب بلدي/ محمد نعسان دبل)

camera iconمدنيون في مخيمات إيواء للمتضررين جراء الزلزال في قرية الحمزية بريف سلقين شمال غربي سوريا- 15 من شباط 2023 (عنب بلدي/ محمد نعسان دبل)

tag icon ع ع ع

“كله بينحل بس بدنا شي ندفي أولادنا”، بأصوات مرتجفة كرر ناجون من الزلزال تلك العبارة خلال استطلاع رأي أجرته عنب بلدي حول أبرز احتياجاتهم في مخيمات لجؤوا إليها تاركين منازلهم المدمرة أو الآيلة للسقوط.

عشرات المخيمات أقيمت استجابة لكارثة الزلزال، تضاف اليوم إلى قائمة طويلة من المخيمات العشوائية في شمال غربي سوريا، وتحمّل المنطقة أعباء احتياجات مضاعفة.

وتفاقمت الأزمة في تلك المخيمات، بعدما اختار أصحاب المنازل التي لم تتأثر بالزلزال البقاء في الخيام خوفًا من زلزال جديد أو هزات ارتدادية يمكن أن تهدم ما بقي من المنازل.

ورغم غياب الإحصائيات الدقيقة لعدد المخيمات الناشئة استجابة للزلزال، أحصت منظمة “GLOCA” وجود 78 مخيمًا معظمها في مناطق نائية أو متضررة من الزلزال.

وفي حين كانت المنظمات قبل الكارثة عاجزة عن سد احتياجات سكان المخيمات، صارت اليوم أكثر عجزًا أمام كارثة جعلت المنطقة “منكوبة”.

وقدّر “الدفاع المدني السوري” عدد العائلات التي شُردت جراء الزلزال بحوالي 40 ألف عائلة، بينما بلغ عدد الأبنية المدمرة بالكامل نحو 550 بناء، والمتضررة بشكل جزئي أكثر من 1570 بناء إلى جانب مئات الأبنية المتصدعة.

نقص بالخيام

“عندي أربع أولاد ولليوم قاعدين بخيمة مع أختي”، تشتكي خديجة محمد، لعنب بلدي، عجزها عن تأمين خيمة.

واضطرت خديجة إلى البحث عن مأوى بعدما هدم الزلزال منزل العائلة، ما أسفر عن تعرضها مع أبنائها لإصابات طفيفة، وفق قولها.

وتقيم عائلتان في كل خيمة بمعظم المخيمات الناشئة التي رصدتها عنب بلدي، بعد أن صار تأمين الخيام أشبه بالحلم بالنسبة لمعظم العائلات.

مدير قسم حملات الاستجابة في فريق “ملهم التطوعي”، فيصل الأسود، قال لعنب بلدي، إن تأمين الخيام صار إحدى أكبر المشكلات في الشمال السوري، خصوصًا بعد توجه العديد من العائلات التي تقطن في منازل سليمة إلى المخيمات خوفًا من الهزات الارتدادية.

وتعمل المنظمات على حل هذه المشكلة من خلال تفصيل خيام في المنطقة أو شرائها من تركيا، وفق ما قاله الأسود، لافتًا إلى أن تفصيل الخيام صار مكلفًا بشكل كبير بعد ارتفاع الأسعار جرّاء الزلزال.

وبحسب خريطة تفاعلية أعدّتها منظمة “GLOCA”، تحتاج المخيمات الناشئة استجابة لكارثة الزلزال إلى نحو 2943 خيمة.

رئيس مجلس إدارة “GLOCA”، وسيم الحاج، قال لعنب بلدي، إن أعضاء فريق “Shabab Pro” التابع للمنظمة، لاحظوا خلال جولاتهم في الشمال وجود عشرات المخيمات في مناطق نائية ويصعب وصول المنظمات إليها، ما دفع الفريق لإعداد الخريطة التفاعلية لإظهار حاجة تلك العائلات.

ويدفع النقص الكبير في تأمين الخيام  العديد من العائلات لتشاركها ليلًا والبقاء في العراء خلال ساعات النهار، وفق ما قاله الحاج.

مناشدات لتأمين الدفء

خلال استطلاع رأي أجرته عنب بلدي، ناشد معظم الأهالي في المخيمات لتأمين وسائل تدفئة في ظل تدني درجات الحرارة.

“التدفئة لليوم مو متوفرة، ونحن خسرنا كل شي وطلعنا بتيابنا”، يشتكي غازي الحمد، أحد سكان جنديرس أكثر المدن تضررًا جراء الزلزال.

وبعد أيام قضاها وعائلته في منزل أقاربه، استطاع تأمين خيمة لكنه لم يستطع تأمين وسيلة تدفئة تقيهم برد الشتاء، وفق ما قاله لعنب بلدي.

وبحسب الخريطة التفاعلية المعدة من قبل منظمة “GLOCA”، تحتاج المخيمات الناشئة استجابة لكارثة الزلزال إلى 4958 وسيلة تدفئة، و15 ألفًا و202 بطانية، وتعد البطانيات ووسائل التدفئة ثاني أكبر احتياج للأهالي في المخيمات، وفق ما قاله رئيس مجلس إدارة “GLOCA”، وسيم الحاج.

دورات المياه غير متوفرة

بعد مضي نحو 20 يومًا على الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، ما زالت معظم المخيمات الناشئة استجابة للكارثة دون دورات مياه.

وتضطر العائلات إلى التوجه لمخيمات قديمة لقضاء الحاجة، أو قصد منازل أقاربهم للاستحمام.

وتحتاج المخيمات في الوقت الراهن إلى نحو 281 دورة مياه، وفق تقديرات منظمة “GLOCAL”، ما أرجعه رئيس مجلس إدارة المنظمة، وسيم الحاج، إلى أن تلك المخيمات يُفترض أن تكون مؤقتة وتفتقر للبنية التحتية والإدارة.

بدوره، قاله مدير قسم حملات الاستجابة في فريق “ملهم التطوعي”، فيصل الأسود، إن المنظمات تعمل على توفير كتل دورات مياه لبعض المخيمات لكنها لم تغطِ الحاجة بعد.

معاناة مستمرة

يعاني سكان المخيمات منذ سنوات نقصًا بتأمين العديد من احتياجاتهم، وعلى رأسها نقص المواد الغذائية وحليب الأطفال، وهي احتياجات مشتركة مع المخيمات الناشئة استجابة للزلزال.

بينما تتزايد احتياجات المخيمات مقابل تزايد عجز المنظمات وقلة الدعم خلال الشتاء، إذ يواجه السوريون سنويًا المأساة ذاتها خلال فصل الشتاء.

وبلغ عدد السكان الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في شمال غربي سوريا خلال عام 2022 نحو أربعة ملايين و600 ألف شخص، بينهم ثلاثة ملايين و300 ألف يعانون انعدام الأمن الغذائي، ومليونان و900 ألف نازح داخليًا، بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).

كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.2 مليون شخص مقارنة بعام 2021، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 15.3 مليون شخص في عام 2023.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة