فوالق وانبعاثات رملية.. “مرافقات” للزلزال تترك أثرها في إدلب

تعرضت الأراضي الزراعية على أطراف نهر “العاصي” شمال غربي سوريا لانهيارات في التربة، وتشققات خلقت فجوات بأحجام مختلفة، بالإضافة إلى انبعاثات رملية من باطن الأرض.

وانزاحت التربة في أراضٍ زراعية متفرقة بمدينة دركوش بريف إدلب الغربي، الواقعة على ضفتي النهر، وظهرت شقوق في الأراضي المجاورة للنهر بعرض مترين إلى ثلاثة، وبعمق من ثلاثة إلى أربعة أمتار.

وأفاد مزارعون من دركوش لعنب بلدي، أن التشققات أظهرت أنفاقًا جديدة على شكل مجاري مياه، كما خرجت من باطن الأرض رمال سوداء على شكل فقاعات تشبه البركان.

وحدثت هذه التغيرات بعد وقوع الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، في 6 من شباط الحالي.

وعزا المزارعون انزياح التربة باتجاه “العاصي” والتشققات الحاصلة، إلى أن الزلزال أثر على التربة كونها هشة وغير متماسكة، والأراضي مشبعة بمياه النهر ومياه الأمطار.

الخبير الجيوفيزيائي علي الشاهر، أوضح لعنب بلدي أن التشققات التي حدثت على أطراف نهر “العاصي” تسمى فوالق محلية، وهي موازية لمجرى النهر، وتسمى هذه التغيرات بـ”مرافقات الزلزال الخطر”.

وتتمثل هذه “المرافقات”، وفق الشاهر، بانخفاض وانزياح التربة مع انبعاثات رملية في بعض الأماكن، لافتًا إلى أن هذه الانبعاثات لا تحصل إلا في حالة الزلازل الشديدة جدًا.

في 6 من شباط الحالي، وقع زلزال مدمر كان مركزه ولاية كهرمان مرعش التركية بشدة 7.7 درجة على مقياس “ريختر”، تبعه زلزال آخر في الولاية ذاتها بشدة 7.6 درجة في ظهيرة اليوم نفسه.

وأسفر الزلزال عن وفاة أكثر من 48 ألف شخص في تركيا وسوريا، في حصيلة قابلة للارتفاع.

عوامل داخلية وخارجية

يمكن أن تحدث تشققات التربة التي تتميز بخصائص ميكانيكية مختلفة، بسبب العمليات الجيولوجية لقوى داخلية تتمثل بالخصائص الفيزيائية والكيماوية للتربة، أو خارجية وهي عوامل طبيعية وبشرية المنشأ.

وقسّم الباحثون جيا بينغ يان، وشياويانغ تشن، ويي كاي، وفانغكوي تشنغ، وتينغيو فان، الشقوق الناتجة عن العمليات الجيولوجية وفق مقال بعنوان “مراجعات التصنيف الجيني وخصائص تشققات التربة“، نُشر في مجلة “افتح علوم الأرض” (Open Geosciences) في 2021، إلى:

-شقوق ناتجة عن الزلازل الطبيعية والصناعية، ويكون مقياس طول الشقوق كبيرًا بشكل عام، وتكون الشقوق الموزعة في المنطقة المتأثرة بالنشاط الزلزالي شقوق البثق أو التوتر أو القص، وتوجد شقوق بأحجام مختلفة في نفس الموقع.

وتكون دورة تطور الشقوق قصيرة، وأسطحها مستقيمة ومنتظمة بشكل عام.

-شقوق ناتجة عن العمليات الهيدروجيولوجية، ويتراوح طولها من عدة سنتيمترات إلى عدة أمتار، ويتوافق اتجاه توزيع الشقوق مع اتجاه حركة المياه الجوفية، وتقسم إلى نوعين، الأول ناتج عن التآكل والثاني بسبب الانحلال.

-شقوق ناتجة عن تأثيرات الانهيارات الأرضية، ويختلف قياس طولها اختلافًا كبيرًا، وقد يكون اتجاه امتداد الشق موازيًا أو رأسيًا أو مائلًا لاتجاه الانزلاق الأرضي.

-شقوق ناتجة عن الانهيار الكارستي، وتكون أطوالها مختلفة في الحجم، وتتوزع بشكل دائري حول نقطة الانهيار المركزية، وتميل الشقوق عادة إلى مركز الانهيار.

-شقوق ناتجة عن كسر الأرض، ويتراوح طول الشقوق من مئات الأمتار إلى الآلاف، ويتم توزيع الشقوق في المنطقة النشطة من إجهاد الأرض.

وتتميز هذه الشقوق بكبر حجمها وعمقها وطول امتدادها وطول دورة تطورها.

“براكين طينية”

موقع “science direct” المتخصص بنشر المعلومات العلمية والطبية، عرّف البراكين الطينية بأنها عبارة عن هياكل تشبه المخروط تتشكل عندما ينبثق الطين، وهو عبارة عن ملاط ​​من الرواسب مع الماء والغاز في قاع البحر.

وذكر أن القوى الخارجية مثل النشاط الزلزالي على طول مناطق الصدع النشطة، قد تؤدي إلى حدوث ثورات بركانية، ويبلغ ارتفاع معظم البراكين الطينية بضعة سنتيمترات فقط إلى عدة أمتار.

ويُعتقد أن البراكين الطينية ترسبت بسبب الضغط الزائد للطين في العمق، ويتم حقن هذه الأوحال ذات الضغط الزائد من خلال نقاط ضعف الكسور أو الشقوق في السطح.

ويتم ترسيبها كمزيج من الطين والسوائل والغازات، وعادة ما تبدأ بسبب تسخين الطين المدفون تحت سطح التربة، وتنبعث هذه الأوحال إلى السطح عن طريق الزلازل أو عن طريق النشاط البشري (الحفر مثلًا).

ظواهر بعد الزلزال

وشهدت بعض المدن التركية ظواهر “غامضة” بعد الزلزال، منها تشكّل حفرة بقطر 37 مترًا وعمق 12 مترًا في منطقة كارابينار بولاية قونيا.

وأثارت الحفرة التي ظهرت بشكل مفاجئ مخاوف وحيرة السكان، وقال مدير مركز البحوث والتطبيقات في جامعة “قونيا التقنية”، فتح الله أرك، “لم نتمكن من العثور على رابط بينها وبين الزلزال والهزات الارتدادية”.

وأضاف لوكالة “الأناضول” التركية، أن الحفرة تشكّلت من قبل، وظهرت للعيان بعد حوالي 20 يومًا من الزلزال، لذا فإن “هذه الحفرة لا علاقة لها بالزلازل الكبيرة السابقة أو الزلزال الحالي”.

وتابع، “بتعبير أدق، ربما كانت هذه الحفرة جاهزة للانهيار وربما يكون لها تأثير، وربما حدث ذلك أيضًا في أثناء الزلزال”، وأوضح أنه يمكن ربط حصول الحفر مع الزلزال في بعض الأماكن، “لكننا لم نجد هنا أي دليل واضح على حصولها بسبب الزلزال”.

وأظهرت صور من الفضاء أن الزلزال تسبب في إحداث صدع كبير نتج عنه شقان هائلان في سطح الأرض، يمتد أطولهما حوالي 300 كيلومتر عبر جنوبي تركيا، وظهرت الانقسامات عبر الحقول والطرق، ما أدى إلى تحريك المباني بأمتار في أي من الاتجاهين.

–