مبادرات فردية بغياب الحكومة

الجفاف يدفع مزارعي درعا نحو غراس الزيتون

camera iconأشجار زيتون في أرض زراعية غربي محافظة درعا- 1 آذار 2023 (عنب بلدي/ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

ارتفعت أسعار غراس الزيتون في درعا وسط إقبال على شرائها من قبل المزارعين، بعد تناقص كميات مياه الري على اعتبار أن الزيتون لا يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه مقارنة بمحاصيل أخرى، كالرمان والعنب والحمضيات.

ولجأ بعض المزارعين إلى استبدال أشجار الزيتون بمحصول الرمان، كما حدث مع المزارع أنس (36 عامًا)، بسبب تراجع منسوب مياه الآبار، وعدم قدرته على سقاية محصول الرمان الذي يحتاج إلى ريه مرة واحدة على الأقل خلال 20 يومًا في فصل الصيف.

أزمة مياه

يلاحَظ تفضيل الزيتون على غيره من المحاصيل، كونه يحتاج إلى سقاية لمرة واحدة كل شهرين، إذ يعتبر أكثر مقاومة للعطش، ويتماشى مع الجفاف الذي ضرب الآبار والينابيع في درعا، بحسب ما قاله أنس لعنب بلدي.

هذه الحالة رصدتها عنب بلدي خلال الفترة الماضية من خلال عدد من المزارعين في المنطقة، إذ قال جابر، وهو مزارع من ريف درعا، إن نقص المياه بات مشكلة بالنسبة لجميع المزارعين في المحافظة، خصوصًا أنه أُجبر على استبدال الزيتون بمحصول العنب بسبب مشكلة السقاية نفسها.

وأضاف أن محصول العنب يحتاج إلى سقاية مكثفة لم يتمكن من تأمينها، إذ لجأ إلى زراعة الزيتون بين أشجار العنب ضمن مشروعه الزراعي، ومن ثم اقتلع أشجار العنب تباعًا بغرض توفير المياه.

وفي ظل أزمة المياه، شهدت محافظة درعا خلال فصل الشتاء إقبالًا على شراء غراس الزيتون، إذ اشترى جابر أكثر من ألف غرسة بسعر 4500 ليرة لكل منها.

وفي آب 2021، حذرت منظمات إغاثية دولية من أن ملايين الأشخاص في سوريا والعراق معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه والكهرباء والغذاء، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي، بسبب قلة هطول الأمطار والجفاف.

وبحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” عن المنظمات، فإن الدولتين بحاجة إلى تحرك سريع لمكافحة النقص الحاد في المياه، كما سيؤدي الجفاف أيضًا إلى تعطيل إمدادات الكهرباء، إذ يؤثر انخفاض مستويات المياه على السدود، ما يؤثر بدوره على البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المرافق الصحية.

خيارات المزارعين

خلال جولة أجرتها عنب بلدي على مشاتل بيع غراس الزيتون في درعا، قابلت خالدًا سليمان، وهو مهندس زراعي، كان يعمل مديرًا لمشتل “تل شهاب” لبيع الغراس.

خالد قال لعنب بلدي، إن الزيتون أكثر تأقلمًا مع الظروف الحالية التي تعانيها محافظات الجنوب السوري بعد تناقص مياه الري.

وأضاف المهندس أن أصنافًا متعددة للزيتون أقبل مزارعو المحافظة على طلبها، منها زيتون المائدة من صنف يُعرف ملحيًا باسم “أبو شوكة”، والصنف “الاسطنبولي” المستخدم في المائدة وللزيت، إذ بدأ المزارعون بتغيير محاصيلهم ليزرعوا الزيتون مؤخرًا.

ويعتبر الزيتون من الأشجار التي تعيش طويلًا، وهو أكثر مقاومة للأمراض، على خلاف بقية أنواع المحاصيل.

وتحاول مشاتل خاصة صغيرة أو منشأة حديثًا تأمين شتلات الزيتون للمزارعين الذين يطلبونها بكثرة، علمًا أن تأمينها يقع على عاتق حكومة النظام السوري عبر مشاتلها العامة.

تقصير حكومي بتأمين الغراس

اعتاد فلاحو درعا سابقًا قبل عام 2011 استجرار الغراس من المشاتل العامة في محافظة درعا، وأهمها مشتل “تل شهاب المركزي” الذي كان ينتج مئات آلاف الغراس سنويًا، ويصدّرها للمحافظات السورية ودول الجوار، وكانت تباع بأسعار رمزية لا تتعدى نصف دولار للغرسة الواحدة.

وفي عام 2012، تعرض مشتل “تل شهاب” للتخريب، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بعد فقدان قوات النظام السيطرة على البلدة.

عام 2015، استطاع كادر من المهندسين الزراعيين والعمال التابعين لـ”مجلس محافظة درعا الحرة” إعادة دورة الإنتاج عبر دعم المشتل من قبل “مشروع سوريا للخدمات الأساسية”، وأنتج ما يقارب مليون غرسة من ضمنها 600 ألف غرسة زيتون بيعت بأسعار رمزية لفلاحي المنطقة الجنوبية.

وبعد سيطرة قوات النظام على محافظة درعا، خرج المشتل عن الخدمة، ما دفع المزارعين للجوء إلى المشاتل الخاصة بأسعارها الحالية.

مشاريع صغيرة لإنتاج الغراس

أنشأ بعض العمال السابقين في المشاتل الزراعية مشاريع صغيرة لبيع غراس الزيتون، مستفيدين من خبرة اكتسبوها في أثناء عملهم قبل سنوات في “تجذير عقل الزيتون”، أي تقليم أغصان صغيرة، ومن ثم معالجتها بالمواد الزراعية، وإعادة زرعها لتحويلها إلى شتلات صغيرة.

أحمد (30 عامًا)، كان موظفًا سابقًا في مشتل “تل شهاب” الحكومي، أسس قبل أشهر مشروعه الصغير لإنتاج الغراس، ومع بداية الموسم الحالي، تمكن من بيع نحو خمسة آلاف غرسة.

وعن كيفية “التعقيل” في البداية قال أحمد، إنه تمكن من تأمين بيت بلاستيكي لتوفير حرارة محددة للمزروعات، إلى جانب أحواض توضع داخل البيوت البلاستيكية، تُملأ بمادة “الخفان” (مخلّفات الأبقار).

وتابع، “نلجأ لحقول الزيتون، ونقصّ منها الفروع التي تنبت حول ساق الشجرة بمسافة 15 سنتمترًا، وتُزرع في (أحواض الخفان) حتى تنبت جذورها، ومن ثم تُباع في الأسواق”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة