تشققات عميقة وأنفاق جديدة خلّفها الزلزال في إدلب

عنب بلدي – إدلب

أثارت الانهيارات والتشققات والانبعاثات الرملية التي تعرضت لها الأراضي الزراعية على أطراف نهر “العاصي” شمال غربي سوريا قلق واستغراب المزارعين، كما تركت آثارها على مزروعاتهم، عقب زلزال ضرب المنطقة في 6 من شباط الماضي.

وانزاحت التربة في أراضٍ زراعية متفرقة بمدينة دركوش الواقعة على ضفتي نهر “العاصي”، وظهرت شقوق في الأراضي المجاورة للنهر بعرض مترين إلى ثلاثة، وبعمق من ثلاثة إلى أربعة أمتار.

وأظهرت التشققات أنفاقًا جديدة، كما خرجت من باطن الأرض رمال سوداء على شكل فقاعات تشبه البركان.

انهيار تربة واقتلاع أشجار

المزارع عبد الملك دبل أوضح أن التشققات المتفرقة التي ظهرت في أرضه بمدينة دركوش بريف إدلب الغربي عرّضت عشرات الأشجار للضرر والاقتلاع من الجذور والانزياح نحو نهر “العاصي”.

وقال لعنب بلدي، إن جميع الأشجار القريبة من نهر “العاصي” تأثرت باختلاف أنواعها وانزاحت باتجاه النهر، مع ظهور فوالق وتشققات “مفزعة” لم يشهدها المزارعون من قبل.

وأضاف دبل أن معظم المزارعين يجهلون كيفية التعامل مع هذه التشققات والفوالق والانزياح الحاصل في التربة، إذ لم تشهد المنطقة أي ظواهر أو حالات سابقة من هذا النوع.

من جهته، المزارع حسن زيبق أوضح لعنب بلدي أن عشرات الأشجار انزاحت نحو النهر، وأن التشققات في أرض بستانه بدركوش خلّفت أنفاقًا جديدة على شكل مجارٍ مائية، كما خرجت من باطن الأرض رمال سوداء بشكل يشبه البركان.

وأفاد مراسل عنب بلدي في دركوش، أن الأضرار طالت مئات الأشجار التي تتفاوت أعمارها من الصغيرة بين سنتين وثلاث سنوات، حتى الكبيرة بين 15 و20 عامًا.

وذكر أن الأضرار طالت الأراضي الممتدة على ضفاف نهر “العاصي”، منها قرية التلول التي تضررت أيضًا جراء فيضان مياه النهر على الأراضي والأحياء السكنية في 9 من شباط الماضي.

المهندس الزراعي موسى البكر أوضح لعنب بلدي أن التشققات أثرت سلبًا على الأشجار التي كانت مزروعة ضمن منطقة الصدع وتشقق التربة، الأمر الذي أدى إلى قطعها أو انزياحها، لافتًا إلى أن التشققات لا تحمل تأثيرات مستقبلية على المزروعات، فالضرر طال عشرات الأشجار.

المصاطب خيار

الخبير الجيوفيزيائي علي الشاهر قال لعنب بلدي، إن التشققات تسمى فوالق محلية، وهي موازية لمجرى نهر “العاصي”، وتسمى هذه التغيرات بـ”مرافقات الزلزال الخطر”، ولا تحصل إلا في حالة الزلازل الشديدة جدًا.

ويمكن الاستفادة من هذه الفوالق بحسب شاهر، بتحويلها إلى مصاطب زراعية، مع الحذر لأنها ربما قد تكون غير آمنة مع استمرار انهيارات التربة.

وتهدف الزراعة على المصاطب إلى إعادة ترتيب الأراضي الزراعية، وحفر وتحريك التربة السطحية لتشكيل مناطق يُمكن زراعتها، وتساعد المصاطب في السيطرة على التعرية وتفيد الحفاظ على التربة، واستعادة الغطاء النباتي وتعزيز التنوع البيولوجي.

كما تمنع الزراعة على المصاطب جرف مغذيات التربة وإبعاد النباتات بواسطة الأمطار، وتساعد على الحد من تآكل التربة وفقدان المياه، وتدفق وانتقال الماء إلى المنصات السفلية عندما تمتلئ المنصات العلوية بالماء، وبالتالي يتم توزيع كمية المياه بشكل متساوٍ إلى حد ما.

وتجلب المصاطب والمدرجات بعض المخاطر البيئية، إذ يمكن أن تؤدي زراعة المدرجات إلى تشبع التربة بمياه الأمطار، ما قد يسبب فيضان المياه خلال موسم الأمطار، كما قد تتسبب المصاطب في حدوث انهيارات طينية أحيانًا إذا لم تتم إدارتها بشكل جيد.

كما تتطلب الزراعة على المصاطب عمالة وتكاليف أكثر، وتؤدي إلى انخفاض جودة التربة بسبب عملية “النض” (فقدان التربة للعناصر الغذائية الأساسية).

في 6 من شباط الماضي، وقع زلزال مدمر كان مركزه ولاية كهرمان مرعش التركية بشدة 7.7 درجة على مقياس “ريختر”، تبعه زلزال آخر في الولاية ذاتها بشدة 7.6 درجة في ظهيرة اليوم نفسه.

وأسفر الزلزال عن وفاة أكثر من 48 ألف شخص في تركيا وسوريا، في حصيلة قابلة للارتفاع.

وشهدت بعض المدن التركية ظواهر “غامضة” بعد الزلزال، منها تشكّل حفرة بقطر 37 مترًا وعمق 12 مترًا في منطقة كارابينار بولاية قونيا، أثارت مخاوف وحيرة السكان، مع نفي من مراكز بحثية وجود علاقة بين الحفرة والزلزال.

كما أظهرت صور من الفضاء أن الزلزال تسبب في إحداث صدع كبير نتج عنه شقان هائلان في سطح الأرض، يمتد أطولهما حوالي 300 كيلومتر عبر جنوبي تركيا، وظهرت الانقسامات عبر الحقول والطرق، ما أدى إلى تحريك المباني بأمتار في أحد الاتجاهين.

---

شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب محمد نعسان دبل