تغيرت ملامحه مع الغلاء

الترفيه بالمناطق الشرقية.. فاتورة فوق استطاعة العائلات  

camera iconعائلات في مدينة القامشلي تتنزه في الحديقة العامة- 6 آذار 2023 (عنب بلدي / مجد السالم)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

“لم يعد الخروج في رحلة مع عائلتك والهروب من ضغط المدينة والعمل شيئًا ترفيهيًا فقط، بل بات ضروريًا بعد الأجواء المرعبة والقلق الذي عاشه أطفالنا وما زالوا بسبب الزلزال الأخير”.

بهذه الكلمات عبّر فاروق الخليف (39 عامًا) من سكان القامشلي لعنب بلدي عن إدراكه أهمية أن يقوم برحلة مع عائلته.

وأوضح أن كونه من ذوي الدخل المحدود، فإن حياته تقتصر على “الكفاح في سبيل تأمين متطلبات العائلة من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم وغيرها”، جراء تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار، والغلاء المعيشي والنفقات التي “لا تنتهي”، وفق تعبيره.

يعمل فاروق موظفًا في إحدى المؤسسات الخدمية براتب شهري لا يتجاوز 140 ألف ليرة سورية (نحو 18 دولارًا أمريكيًا)، وبلغ سعر صرف الدولار، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص برصد سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية، 7650 ليرة للدولار الواحد.

ولا يغطي دخل فاروق المادي المصروف سوى لعدة أيام من الشهر، وإذا فكر بالذهاب في نزهة عائلية بأقل “التحضيرات”، يكلّفه الأمر نحو 300 ألف ليرة، على حد قوله.

وارتفعت أسعار السلع والخدمات في المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” بشمال شرقي سوريا، ما أثر على نمط الحياة للعوائل الفقيرة وذات الدخل المحدود.

وترتبط بعض المواد الغذائية بأجواء وطقوس الرحلات العائلية، مثل اللحوم الحمراء والبيضاء التي يُحضّر منها مختلف أنواع “المشاوي”، لكن ارتفاع أسعارها حرم العديد من السكان إحضارها في رحلاتهم، كما غابت عن موائدهم في المنزل.

أجرت عنب بلدي جولة على سوق القامشلي لرصد أسعار أهم السلع التي تحتاج إليها العائلة للتحضير لرحلة ما، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء نحو 40 ألف ليرة في سوق “الجزارين”، علمًا أن أغلبية العوائل تحتاج إلى أكثر من كيلوغرام واحد للرحلة.

ووصل سعر الكيلوغرام من الفروج الحي إلى 14 ألف ليرة، أي أن متوسط سعر الفروج الواحد الكامل بوزن كيلوغرامين يصل إلى نحو 25 ألف ليرة.

وبالنسبة للخضار والفواكه، بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من التفاح أربعة آلاف ليرة، والموز سبعة آلاف، والبرتقال ثلاثة آلاف، والفريز عشرة آلاف.

أما “الموالح” فوصل سعر الكيلوغرام من “فستق العبيد” إلى نحو 20 ألف ليرة، وبزر “دوار الشمس” الأسود إلى نحو 25 ألف ليرة.

ومع ارتفاع تكاليف الحاجات الأساسية للمعيشة، مثل الطعام والسكن والمواصلات بشكل مطّرد، وجدت العديد من العائلات صعوبة في تخصيص جزء من الأموال للأنشطة الترفيهية.

الحدائق العامة.. حل رخيص

تقع أشهر المواقع التي يقصدها سكان مدينة القامشلي على بعد عشرات الكيلومترات، كمنطقة عين ديوان، ومزكفت، وسويدك، والذهاب إليها يتطلب من العائلة استئجار وسيلة نقل خاصة تكلّف نحو 100 ألف ليرة.

ويرى ثامر محمد (32 عامًا) من سكان القامشلي، أن أفضل حل بالنسبة له اصطحاب عائلته كل نهاية أسبوع إلى الحدائق العامة، حتى لو كانت هذه الحدائق غير مجهزة “بشكل مثالي”، ولا توجد فيها مساحات خضراء بحالة جيدة، أو ألعاب للأطفال، فهي تبقى “أفضل من البقاء بين أربعة جدران”، وفق تعبيره.

ويلجأ ثامر إلى الحديقة ليوفر “تكاليف باهظة” لأي رحلة بديلة خارج المدينة، ويقضي “النزهة” بجلسة مع زوجته وطفليه على أحد مقاعد الحديقة العامة وسط المدينة مع عدة “سندويشات من الفلافل ومشروب غازي”.

ووجدت عائلات أخرى الحل في التقليل من كميات وأنواع الأطعمة، وتنظيم رحلات جماعية لمشاركة التكاليف وتخفيفها على الأفراد.

وجعل بعض الأهالي من أطراف المدن والحقول المجاورة مكانًا قريبًا للتنزه، لتوفير أجرة وسيلة النقل في شراء الأطعمة والأشربة لرحلاتهم، لكن قلة المساحات الخضراء المجاورة يصعّب إيجاد مكان قريب للتنزه، كما أن بعض أصحاب الحقول يرفضون دخول السكان إلى أرضهم خوفًا على محصولهم.

مدلول سعيد (52 عامًا)، صاحب محل لبيع معدات التنزه في القامشلي، مثل كراسي الرحلات وموقد الشواء وملحقاته، وخيام ومظلات كبيرة الحجم، قال لعنب بلدي، إن الإقبال على شراء معدات “الرحلات والتخييم” مقبول حاليًا، لكنه سيزداد مع اقتراب المناسبات الخاصة بسكان المنطقة مثل عيد “النيروز”.

وأضاف مدلول أنه يوجد بعض العائلات الميسورة، التي تنفق الملايين على التحضير والتجهيز لرحلاتها، كما أن بعض السكان يعتمدون على أبنائهم أو أقاربهم في بلاد اللجوء من أجل توفير تكاليف الرحلات من الأموال التي يحولونها.

وعن الأسعار قال مدلول، إن أسعار الكراسي تتراوح بحسب المنشأ بين إيراني وسوري، من 50 ألفًا إلى 100 ألف ليرة، أما الخيام فسعرها بين 50 و130 دولارًا أمريكيًا حسب الحجم والجودة، في حين يمكن للراغب شراء مظلات عوضًا عن الخيام بسعر أقل بين 20 و40 دولارًا.

ومع غلاء الأسعار، شكّلت هيئة الاقتصاد بـ”الإدارة الذاتية”، في 25 من كانون الأول 2022، لجنة لإعادة صياغة قانون حماية المستهلك، بما يتوافق مع الواقع الاقتصادي والتجارة الداخلية وحركة الأسواق، وبهدف ضبط الأسعار المرتفعة، وفق ما نشرته الصفحة الرسمية لهيئة الاقتصاد على “فيس بوك”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة