“سوفا” الإسرائيلي يعقّد حياة المزارعين في القنيطرة

camera iconنقطة عسكرية إسرائيلية داخل أراضيها وتظهر على يسار الصورة جرافة إسرائيلية داخل الحدود السورية- تشرين الأول 2022 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – زين الجولاني

تشهد الحدود مع الجولان السوري المحتل حالة تأهب واستنفار إسرائيلي منذ أشهر، إذ تتكرر عمليات دخول الجيش الإسرائيلي إلى الأراضي السورية بشكل مستمر، وازداد التضييق والتوتر عقب البدء بشق طريق “سوفا” من الجانب الإسرائيلي، وبات مزارعو المنطقة يُمنعون بشكل متكرر من دخول أراضيهم بحجة إجراءات أمنية إسرائيلية.

هذا التضييق سبّب مخاوف بين سكان محافظة القنيطرة، خصوصًا بعد تكرر حالات إطلاق النار على الرعاة والصيادين والمزارعين الذين يقتربون من الشريط الحدودي.

في 12 من آذار الحالي، أوقفت وحدة إسرائيلية راعي أغنام بالقرب من بلدة الحرية، وعقب ساعات من التحقيق معه، أعادت المجموعة إطلاق سراحه، لتعاود قوات النظام السوري اعتقاله عند دخوله قريته.

المخاوف تتصاعد

تقع أرض “أحمد” الزراعية في ريف القنيطرة الجنوبي على مقربة من الشريط الحدودي مع إسرائيل، حيث يتردد بشكل شبه يومي، كون الزراعة مصدر دخله الأساسي.

“أحمد” (اسم مستعار لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إن المنطقة تحولت إلى ساحة لعمل الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية منذ نحو عشر سنوات، إذ تتردد الآليات العسكرية باستمرار إلى المنطقة.

كان الأمر اعتياديًا، إلى أن تصاعد التوتر والخوف مع تكرار حوادث إطلاق النار على المزارعين والصيادين من قبل الجيش الإسرائيلي.

وأضاف أن الفترة التي تبعت سيطرة النظام على الجنوب السوري عام 2018، شهدت هدوءًا عامًا بالقرب من الحدود، إذ كان المزارعون يقتربون من الشريط الفاصل بين البلدين، “وكأنهم يجلسون مع الجيش الإسرائيلي”، بحسب تعبير المزارع.

وتغيرت المعاملة لاحقًا، إذ بات كل من يقترب من الحدود، ولو كان مزارعًا أو مدنيًا، عرضة للاعتقال أو الضرب بالرصاص أو القنابل الدخانية.

وفي 30 من كانون الثاني الماضي، فتحت السلطات الإسرائيلية تحقيقًا على خلفية مقتل سوري وجرح آخر بالقرب من الحدود السورية مع الأراضي المحتلة.

وقالت “القناة 12” الإسرائيلية، إن الجيش الإسرائيلي بدأ تحقيقًا حول مقتل صياد سوري بنيران قواته، وأظهرت نتائج التحقيق مع الجنود، أن المسلحين السوريين “لم يقتربوا من الحدود الإسرائيلية بنيّة التخريب على ما يبدو”.

“سوفا” غيّر المعاملة

يعمل “حسين” (اسم مستعار) راعيًا للأغنام في ريف القنيطرة الشمالي، ويتجول في الأراضي القريبة من الحدود عادة برفقة أغنامه، بحسب ما قاله لعنب بلدي، إذ لاحظ أن الاقتراب من الشريط الحدودي بات خطيرًا اليوم مع تكرر الهجمات على المدنيين في المنطقة من قبل الجيش الإسرائيلي.

وأضاف أن هذا التوتر صار ملحوظًا بعد شق إسرائيل الطريق الجديد في المنطقة، الذي أُطلق عليه اسم “سوفا 53″، إذ صار المدنيون ممنوعين من الاقتراب من الحدود عقب ذلك.

مطلع كانون الثاني الماضي، تحدثت مجموعة من قوات “حفظ السلام” إلى مزارعين حاولوا الدخول إلى أراضيهم الزراعية على مقربة من الحدود جنوبي القنيطرة، عبر مترجم، عن أن الأمم المتحدة ستوزع بطاقات شخصية تسمح لأصحاب هذه الأراضي بالدخول إلى المنطقة دون مساءلة.

بينما لم ترد معلومات عن بداية تطبيق هذا القرار حتى لحظة تحرير هذا الخبر، كما لم يتلقَّ أي مزارع بلاغًا لتسلّم البطاقة المذكورة، بحسب مزارعين ممن قابلتهم عنب بلدي في المنطقة.

ومنذ منتصف 2022، دخلت قوات إسرائيلية إلى داخل الأراضي السورية بقوة عسكرية مؤلفة من ست دبابات من نوع “ميركافا”، وجرافتين عسكريتين يرافقهما عدد من الجنود لمراقبة الحدود والآليات، وذلك لتشييد طريق “سوفا 53” الجديد.

ووصلت هذه القوة العسكرية خلال تعبيد الطريق إلى عمق يتراوح بين 100 متر وكيلومتر واحد داخل الأراضي السورية.

بانتظار “البطاقة”

في بلدة الحرية بريف القنيطرة الشمالي، يذهب الرجل الستيني شاهر إلى أرضه الزراعية القريبة من الشريط الحدودي ليقلّم أشجاره، أو ليتفقد محصوله الزراعي.

في مطلع آذار الحالي، خلال عمله الروتيني في أرضه الزراعية، اعتقلته مجموعة عسكرية إسرائيلية تحت تهديد السلاح والصراخ، بعد شكوك راودتها بأنه يجمع معلومات حول قواتها.

وبعد تحقيقات استمرت لساعات على الجانب الإسرائيلي من الحدود، اقتادته إلى الجانب السوري من الحدود.

قال الرجل لعنب بلدي، إنه سأل وحدة الجيش التي اعتقلته عن البطاقات التي وعدتهم بها قوات الفصل التابعة للأمم المتحدة، في حين أن وحدة الجيش ذكرت أنها لا تملك أي معلومة عن ماهية هذه البطاقات.

لا تقتصر مخاوف المزارعين على مصالحهم في المنطقة، والتضييق الناتج عن الاستنفار الأمني المستمر على الحدود، وتجاوزت ذلك إثر تكرر عمليات القصف من قبل الجيش الإسرائيلي على ريف القنيطرة الجنوبي.

وفي 2 من آذار الحالي، استهدف الجيش الإسرائيلي بقذائف دبابة موقعًا عسكريًا لقوات النظام السوري في قرية بئر عجم جنوبي بلدة القنيطرة.

ولم ينتج عن الاستهداف خسائر بشرية، إلا أن وسائل إعلام النظام السوري لا تزال تتجاهل القصف، إلى جانب تجاهلها دخول القوات الإسرائيلية المتكرر إلى الأراضي السورية.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة