ضباط النظام قرب خطوط التماس بإدلب.. رفع معنويات أم معركة مقبلة

camera iconرئيس هيئة الأركان العامة في قوات النظام السوري العماد عبد الكريم محمود إبراهيم وقائد "الفرقة 25" (قوات خاصة/ قوات النمر) العميد سهيل الحسن خلال تدريبات عسكرية للجنود- 30 من تموز 2022 (وزارة الدفاع/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسن إبراهيم

زار عدد من الضباط في قوات النظام السوري مواقع ومقار عسكرية قرب خطوط التماس الفاصلة مع مناطق سيطرة المعارضة بريف إدلب مؤخرًا، دون إعلان رسمي للزيارة.

تأتي الزيارة في حين نشطت العمليات “الانغماسية” التي تنفذها فصائل المعارضة خلف خطوط التماس، والتي وصلت إلى 25 عملية منذ أواخر أيلول 2022 حتى نهاية آذار الماضي.

زيارة قرب خطوط التماس، قلما تشهد مثلها المنطقة منذ توقف العمليات العسكرية في آذار 2020، طرحت تساؤلات عن الأسباب والتوقيت والرسائل التي تحملها، والتعتيم عليها إعلاميًا.

أربعة ضباط قرب إدلب

زار رئيس هيئة الأركان العامة في قوات النظام، العماد عبد الكريم محمود إبراهيم، وقائد “الفيلق الخامس- اقتحام”، اللواء منذر إبراهيم، واللواء غسان طراف، ومدير الإدارة السياسية، اللواء حسن سليمان، مقار لقوات النظام قرب خطوط المواجهة بريف إدلب.

ولم يصدر إعلان رسمي عن الزيارة، في حين تناقلت صفحات محلية موالية وإعلاميون صورًا للضباط برفقة عدد من العناصر، في 27 من آذار الماضي، وقالوا إنها على “خطوط النار الأولى المباشرة مع العدو بريف إدلب”.

وقلما يعلَن عن زيارات لضباط أو قادة عسكريين في قوات النظام لمواقع قرب خطوط التماس، تنشر صورها صفحات محلية، إذ سبق وتم تسجيل زيارة لقائد ما يسمى “قوات النمر” (الفرقة 25- قوات خاصة)، العميد سهيل الحسن، في 31 من كانون الثاني الماضي.

وذكرت صفحات محلية، أن الحسن أجرى زيارة إلى مقار في إدلب دون تحديد المكان بدقة، في حين ذكرت مراصد عسكرية في الشمال السوري أنه أجرى جولة ميدانية زار فيها قواته المنتشرة على محاور ريف إدلب الجنوبي.

وكانت أبرز الزيارات لخطوط التماس في المنطقة، زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى بلدة الهبيط، كبرى بلدات ريف إدلب الجنوبي، في تشرين الأول 2019، وكانت الأولى له منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.

وتزامنت زيارة الأسد حينها مع تصعيد قوات النظام، وتكثيفها القصف على مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف اللاذقية، وجاءت بعد ثلاثة أشهر من سيطرة النظام على البلدة في حملة وهجوم “عنيف” شنته قوات النظام بغطاء جوي روسي، سيطرت من خلاله على مئات المدن والبلدات، وفي وقت يناقش فيه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، التطورات في شمالي سوريا.

على وقع العمليات “الانغماسية”

لا تخلو زيارة الضباط مؤخرًا من توجيه الرسائل للداخل والخارج، خاصة مع توقف العمليات العسكرية في المنطقة منذ 2020، واقتصارها على عمليات قنص أو صد تسلل أو عمليات “انغماسية” ارتفعت وتيرتها مؤخرًا.

وكثفت “هيئة تحرير الشام”، صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، من عملياتها “الانغماسية” خلف خطوط المواجهة، وشملت أماكن متفرقة ممتدة من ريف اللاذقية حتى ريف حلب الغربي.

العقيد الطيار السابق في قوات النظام، مصطفى بكور، قال لعنب بلدي، إنه يمكن النظر إلى هذه الزيارات بمنظورين، الأول أنها زيارات تفقدية روتينية للاطمئنان على جاهزية القوات، ودراسة نقاط الضعف التي جعلت أغلبية العمليات “الانغماسية” تنجح في حصد أرواح عشرات العناصر.

الثاني أنها محاولة لرفع معنويات الجنود، خاصة مع تردي الوضع المعيشي في مناطق سيطرة النظام، وينسحب ذلك على معيشة العسكريين على الجبهات، كما ترسل الزيارات رسالة إلى سكان في مناطق سيطرة النظام بأن عليهم الصبر، لأن إمكانيات “الدولة” تذهب للتحضير لاستعادة المناطق الخارجة عن سلطة الأسد، وفق بكور.

ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد القتلى في صفوف قوات النظام نتيجة العمليات “الانغماسية”، إذ نادرًا ما يعلن النظام عن ذلك، في حين تنشر حسابات إخبارية موالية له معلومات عن سقوط قتلى، بالإضافة إلى منشورات نعي لعناصر من قواته في منطقة الاشتباك أو الاستهداف.

رسائل الزيارة.. هل تتجاوز الحدود؟

رجّح العقيد الطيار إمكانية تفسير الزيارات على أنها في إطار التحضيرات لأي عمليات عسكرية ممكنة باتجاه الشمال السوري في حال توفرت الظروف، خاصة بعد حديث عن تقارب تركي وعربي مع النظام السوري.

ويرى العقيد الطيار أن هناك رسائل توجهها هذه الزيارات إلى الفصائل في الشمال السوري، بأن النظام مصر على استعادة سيطرته على المنطقة، وأن على الفصائل القبول بأي تفاهمات دولية، وإلا فالنظام يحضّر لعمليات عسكرية كبيرة.

ويعتقد بكور أن تزامن الزيارة مع الحديث عن لقاء النظام مع الدول ومحاولة إعادة تعويمه، تحمل رسائل بأن الأسد لا يزال يضع الخيار العسكري والتصعيد ضمن أولوياته في حال رفضت تلك الدول شروطه.

ولا يزال الحديث عن تقارب تركي مع النظام في مرحلة شد وجذب تؤجله تصريحات وتقربه أخرى، ويجري حديث عن عقد مشاورات رباعية على مستوى نواب وزراء خارجية النظام وروسيا وتركيا وإيران مطلع نيسان الحالي.

بدوره، المحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن الزيارة بروتوكولية من أجل تفقد هذه المواقع، والتأكد من المهام والجاهزية القتالية، وليست من أجل تحديد نقاط أو استطلاع للمنطقة، نظرًا إلى وجود تقارب بين النظام السوري وتركيا.

ويرى الأسعد أن التعتيم على هذه الزيارة، وإبقاءها بعيدة عن الترويج الإعلامي، كان من أجل عدم ظهورها كعملية استفزازية تجاه تركيا، كي لا تؤثر على مسار التفاوض بين الطرفين، مرجحًا إمكانية وجود تعليمات روسية بعدم الإفصاح عن زيارات كهذه في الوقت الحالي.

واعتبر الأسعد أن الزيارة لا تحمل رسائل كبيرة، فهي ليست على مستوى عالٍ تصل إلى رتبة وزير الدفاع مثلًا، مستبعدًا أن يكون هناك أي عمل عسكري حاليًا، لوجود تنسيق ومسار يعمل على مستوى دولي وإقليمي.

المعارك اليوم

لم تتغير خريطة السيطرة العسكرية شمال غربي سوريا، منذ اتفاق “موسكو” الموقّع في 5 من آذار 2020 بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، والذي ينص على:

-وقف إطلاق النار على طول خط المواجهة بين النظام والمعارضة.

-إقامة ممر أمني على بعد ستة كيلومترات شمالي الطريق الدولي السريع الرئيس في إدلب (4M) وستة كيلومترات جنوبه، وهو الطريق الذي يربط المدن التي يسيطر عليها النظام السوري في حلب واللاذقية.

-نشر دوريات روسية- تركية مشتركة على طول طريق “4M” ابتداء من 15 من آذار من العام نفسه.

اتفاق أوقف الزحف لكنه لم يوقف التصعيد والاستهداف، إذ تتعرض مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا لقصف شبه يومي وغارات للطيران الروسي بوتيرة غير ثابتة، بالتزامن مع طيران مسيّر روسي في سماء المنطقة يوميًا.

ووثّقت فرق “الدفاع المدني السوري” خلال عام 2022 مقتل 165 شخصًا، من بينهم 55 طفلًا و14 امرأة.

ونشطت العمليات “الانغماسية” التي نفذها مقاتلون في ألوية مختلفة منضوية تحت راية “تحرير الشام”، وفي مقدمتهم قوات “نخبة” مدربة على هذه العمليات، كـ”القوات الخاصة” و”العصائب الحمراء” و”كتائب خالد ابن الوليد” و”الوحدة 82″، وتصدّرت معرّفات “الهيئة” وإعلامها الرديف، ونالت ثناء من كبار شرعييها ومسؤوليها.

وتبدأ العمليات “الانغماسية” بالتسلل أو الالتفاف على نقاط قوات النظام، والاشتباك مع عناصرها وقتلهم، ومصادرة أسلحتهم كغنيمة، وتخلل بعضها تفجير مبنى النقطة العسكرية بالكامل، بعد انتهاء العملية.

 



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة