غارات إسرائيلية تلاحق خبراء إيران في سوريا.. تصعيد بعد الزلزال

طائرة إسرائيلية من طراز "F15" في مطار "عوفدا"- 24 من تشرين الأول 2021 (AFP/ Getty Images)

camera iconطائرة إسرائيلية من طراز "F15" في مطار "عوفدا"- 24 من تشرين الأول 2021 (AFP/ Getty Images)

tag icon ع ع ع

ارتفعت وتيرة الضربات الإسرائيلية في الأراضي السورية، مستهدفة مواقع متفرقة ونقاطًا عسكرية في العاصمة دمشق وريفها وحلب وأرياف حماة وطرطوس وحمص.

ووصل عدد الاستهدافات إلى سبعة، ستة منها عبر غارات جوية واستهداف واحد بقذائف دبابة لموقع عسكري جنوبي القنيطرة، منذ مطلع آذار الماضي حتى الاثنين 3 من نيسان.

ضربات لا تعترف إسرائيل بها أو تعلّق عادة عليها، في حين تتعدد الروايات عقب هذه الاستهدافات، إذ تحاول وسائل إعلام النظام السوري الحديث عن أن الأهداف التي يطالها القصف الإسرائيلي تابعة له، أو أهداف مدنية بالمجمل.

وتتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الأهداف تعود لـ”الحرس الثوري الإيراني” المصنف على قوائم “إرهاب” دولية.

استهداف بوتيرة مرتفعة

أحدث الاستهدافات كان قصفًا لقاعدة “T4” الجوية الواقعة غربي مدينة تدمر، ومطار “الضبعة” العسكري الواقع قرب مدينة القصير في حمص وسط سوريا، في 2 من نيسان الحالي.

ونقلت وكالة “رويترز عن مصدرين استخباريين غربيين لم تسمِّهما، أن المواقع المستهدفة تضم عناصر من “حزب الله” المدعوم من إيران إلى جانب مقاتلين إيرانيين وميليشيات موالية لإيران.

وأسفر الهجوم عن مقتل أحد مستشاري وضباط “الحرس الثوري الإيراني” مقداد مهقاني، وفق بيان نقلته وكالة “تسنيم” المقربة من “الحرس الثوري”.

وفجر الجمعة 31 من آذار الماضي، شن سلاح الجو الإسرائيلي غارات استهدفت مواقع عسكرية في ريف دمشق، وبعد 12 ساعة على الاستهداف أعلنت العلاقات العامة في “الحرس الثوري”، مقتل أحد مستشاري وضباط “الحرس الثوري”، ميلاد حيدري، جراء القصف.

ونفذت طائرات إسرائيلية، فجر 30 من آذار، غارات استهدفت مواقع داخل العاصمة السورية دمشق، سبقها قصف مطار “حلب” الدولي مرتين خلال آذار أوقفتا عمل المطار ليومين واستهداف أوقفه لثلاثة أيام، وطال استهداف إسرائيلي لنقاط عسكرية في ريفي حماة وطرطوس.

صور أقمار صناعية لمواقع يُزعم أن إسرائيل ضربتها في مطار "الضبعة" قرب مدينة القصير- 2 نيسان 2023 (ImageSat International)

صور أقمار صناعية لمواقع يُزعم أن إسرائيل ضربتها في مطار “الضبعة” قرب مدينة القصير- 2 نيسان 2023 (ImageSat International)

مؤشرات تنذر بغارات

تزايدت المؤشرات على احتمالية استهداف الطيران الإسرائيلي لمناطق في سوريا عقب نشاط لسرب الطيران “122” الاستخباراتي الإسرائيلي مؤخرًا.

ونشر حساب “SAM“، المختص بتتبع الضربات الإسرائيلية في سوريا، عبر “تويتر” في 28 من آذار الماضي، أن سلاح الجو الإسرائيلي عبر السرب “122” استطلع بجهد باتجاه عمق سوريا، ويوجد نوع من التركيز باتجاه المنطقة المحيطة بحمص وحماة ومحيط مصياف.

وأضاف في منشور منفصل في 2 من نيسان، أن البيانات فيها مؤشرات لاستهدافات مستقبلية خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة، وأن “الخطر مستمر” باتجاه محيط مصياف وحمص والساحل ودمشق ومحيط حلب.

مركز “ألما” الإسرائيلي البحثي، قال إن الضربات التي نفذتها إسرائيل في سوريا خلال الأيام الأربعة الماضية استهدفت مناطق من نشاط الممر البري لـ”المحور الشيعي المتطرف بقيادة إيران” و”حزب الله”.

وتعتبر دمشق وحمص مركزين رئيسيين في إطار النشاط الإيراني، وتعد المنطقتان الجغرافيتان “محطات تخزين” قصير المدى للأسلحة قبل تسليمها إلى “حزب الله” في لبنان، و”محطات تخزين” طويلة الأمد لاستخدامها في المستقبل من قبل “المحور الشيعي” في سوريا، وفق تقرير المركز الصادر في 2 من نيسان الحالي.

ضباط وعناصر من الشرطة والأمن يقفون وسط أنقاض مبنى مدمر في موقع هجوم صاروخي في حي كفرسوسة في دمشق- 19 شباط 2023 (رويترز)

ضباط وعناصر من الشرطة والأمن يقفون وسط أنقاض مبنى مدمر في موقع هجوم صاروخي في حي كفرسوسة في دمشق- 19 شباط 2023 (رويترز)

خبراء وسلاح “تحت الضرب”

ذكر المركز الإسرائيلي أن الإيرانيين استغلوا الوضع بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة في شباط الماضي، وهرّبوا الكثير من الأسلحة عبر الممر.

وأرسلت إيران أكثر من 14 طائرة قالت إنها تحمل “مساعدات” لمتضرري الزلزال في سوريا، في حين أشار باحثون ومراكز دراسات إلى احتمالية استغلال “الزلزال لتمرير الأسلحة تحت غطاء المساعدات”.

الباحث في الشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، قال لعنب بلدي إن زيادة وتيرة الضربات الإسرائيلية بالدرجة الأولى تعتمد على المعلومات الاستخباراتية التي تحصل عليها إسرائيل سواء من الجهد الجوي الذي يجريه السرب “122” الاستخباراتي الإسرائيلي، أو المعلومات التي يتم الحصول عليها من الجانب الأمريكي.

وكذلك الجهد الأرضي الذي يتم العمل عليه بشكل حثيث لاستهداف الأشخاص والمتمثل باغتيال العديد من شخصيات “الحرس الثوري الإيراني” بغارات جوية.

ويرى النعيمي أن الاستهدافات الإسرائيلية مرتبطة بشكل دقيق ووثيق بحجم تدفق الخبراء والسلاح إلى الساحة السورية، لافتًا إلى أن القيادي في “الحرس الثوري”، ميلاد حيدري (الذي استهدفته إسرائيل) يدير مقر الحرب السيبرانية في سوريا، وهذا يمثل خطرًا كبيرًا على إسرائيل، كغيره من المستشارين والقياديين.

وأضاف النعيمي أن استهداف إيران في سوريا هو أولوية قصوى لدى إسرائيل، وأنها لن تتوانى في استهداف القياديين الإيرانيين وشحنات الأسلحة والأدوات التكنولوجية التي تمثل متغيرًا كبيرًا في قواعد الاشتباك، وهذا يتطلب ردًا مباشرًا ومفتوحًا، وفق الرؤية الإسرائيلية.

وتستمر الغارات الإسرائيلية باستهداف مواقع وأهداف إيرانية في سوريا، رغم سوء الأوضاع الداخلية في إسرائيل التي شهدت موجة احتجاجات على خطط “إصلاحية” وضعتها الحكومة.

وأوضح النعيمي أنه لا يمكن ربط ارتفاع وتيرة الضربات بمعطيات تداعيات محلية للمستهدَف أو المستهدِف، وذلك نظرًا لأن المسار التصاعدي للاحتجاجات في إيران لم تثنِ “الحرس الثوري” و”فيلق القدس” عن إرسال الأسلحة عبر الطرق الجوية والبحرية والبرية إلى سوريا.

وكذلك الاحتجاجات الداخلية على حكومة بنيامين نتنياهو لم تثنِ سلاح جوه عن استكمال استراتيجيته في سوريا، في استهداف فائض القوة الإيرانية.

إيران تتوعد

تعلن إيران بشكل دوري عن مقتل عناصر وقياديين لها على الأراضي السورية أو حتى الكشف عن هوية جثث لمقاتلين قُتلوا في وقت سابق في سوريا، وقلما تنعى استشاريين أو قياديين من هذا النوع.

وأدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني مقتل مستشارَين عسكريين في غارات نسبها لإسرائيل في ضواحي العاصمة دمشق.

وقال كنعاني إن دماء المستشارين في سوريا لن تضيع هدرًا، وأضاف أن بلاده تحتفظ بحقها في الرد على إسرائيل في الزمان والمكان المناسبين.

في أيلول 2022، نفذت إسرائيل غارات جوية على مطار “دمشق” الدولي في سوريا ومواقع أخرى جنوب العاصمة، ولم تعلن وسائل الإعلام الإيرانية عن ماهية هذه الضربات بدقة.

وكشفت قناة “Iran International” الإيرانية (مقرها واشنطن)، أن الغارات استهدفت ما يسمى بـ”الوحدة 2250″، وهي مؤسسة لوجستية إيرانية خاصة يديرها “الحرس الثوري الإيراني”.

ونشرت القناة الإيرانية أن “الوحدة” أُسست كمجموعة فرعية من “الوحدة 2000″، ويقع المقر الرئيس للجهاز في دمشق مع العديد من المكاتب في جميع أنحاء سوريا، مثل ضواحي العاصمة، وكذلك اللاذقية وحماة وحلب ودير الزور.

وأشارت القناة إلى أن “الوحدة” مسؤولة عن استقبال المعدات والأسلحة والأفراد الوافدين من إيران، وكذلك دعم القوات اللبنانية المدعومة من إيران في البلاد.

كما أنها مكلفة بمرافقة واستضافة كبار المسؤولين الإيرانيين وعائلاتهم عند وصولهم إلى سوريا، والتي تتم عادة بالتنسيق مع سلطات النظام السوري.

الممر الإيراني

هو ممر إيراني مؤدٍ إلى سوريا ولبنان برًا وجوًا وبحرًا تديره إيران بشكل مخفي، يعمل بوتيرة متفاوتة، فأحيانًا بكثافة عالية، وأحيانًا بكثافة منخفضة، وفق تقرير لمركز “ألما” في تشرين الأول 2022.

ويشمل تشغيل الممر الإيراني تهريب الأسلحة إلى سوريا ولبنان، والبنية التحتية لإنتاج وتجميع أسلحة تقليدية متطورة على الأراضي السورية، ومشروع الصواريخ الدقيقة في مصياف مثال على ذلك، بحسب المركز الإسرائيلي.

ويتم تنفيذ هجمات إسرائيلية تهدف إلى إحباط وتعطيل وتأخير تهريب الأسلحة والبنية التحتية للإنتاج، كجزء من اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

وذكر مركز “ألما” أنه كلما زاد ضرر البنى التحتية والمنشآت، كلما قام الجانب الآخر (النظام السوري وحلفاؤه) بإجراء تغييرات، وإيجاد بدائل، وإعادة تأهيل البنى التحتية.

ولفت المركز إلى أن استهداف إسرائيل لمركز البحوث العلمية في منطقة مصياف جنوب غربي حماة، في 25 من آب الماضي، اعتبر “ضربة قاتلة” للبنية التحتية المتطورة لإنتاج الأسلحة، ورغم ذلك بدأت عمليات إعادة التأهيل في الموقع، بقيادة “الحرس الثوري” الإيراني.

وتعد الأضرار التي لحقت بمسارات الممر الجوي والبحري هي الأشد خطورة، في المقابل كان الممر البري أقل تضررًا، وفقًا للتقارير الإسرائيلية، التي أشارت إلى نجاح 70% في إعاقة نقل الأسلحة ونحو 90% في تدمير البنية التحتية لإنتاج الأسلحة على الأراضي السورية.

وأقر الجيش الإسرائيلي، في اعتراف نادر، بتنفيذ عشرات الغارات الجوية على أهداف في سوريا، ضمن إحصائية عملياته خلال عام 2022، الذي نفذت خلاله القوات الإسرائيلية “عشرات العمليات في (الحرب ما بين الحروب)، وشنت غارات على مئات الأهداف بمئات القذائف، بالإضافة الى العمليات الخاصة”، وفق بيان صدر أواخر 2022.

وتطلق إسرائيل على عملياتها في سوريا اسم “الحرب ما بين الحروب”، وتقول إنها تستهدف مواقع إيرانية أو شحنات أسلحة موجهة إلى “حزب الله” في لبنان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة