أمطار وسيول سوريا المتأخرة.. مزروعات انتعشت وأخرى تضررت

طالت الأراضي الزراعية في معظم مناطق سوريا، هطولات مطرية غزيرة مع اقتراب موسم نهاية الأمطار، تلتها عاصفة هوائية في مناطق متفرقة وسط وشمال غربي سوريا.

محاصيل بمناطق شاسعة انتظرت الأمطار التي تأخرت حتى نهاية آذار الحالي، انتعش بعضها ولحقت الأضرار بأخرى، نتيجة غزارة الهطولات وتشكيلها السيول والفيضانات.

وترصد عنب بلدي في هذا التقرير الفوائد والأضرار التي طالت المزروعات عقب الهطولات المطرية الغزيرة، وتناقش أسباب تفاوت الضرر والفائدة بين المحاصيل مع مزارعين ومهندسين زراعيين في معظم مناطق سوريا.

شمال غربي سوريا.. محاصيل “حساسة”

في 18 و19 و20 من آذار، تعرضت معظم مناطق سوريا لهطولات مطرية بغزارة شديدة متفاوتة من منطقة وأخرى، وسجلت فرق “الدفاع المدني السوري” أضرارًا مباشرة في 112 دونمًا من الأراضي المزروعة بالمحاصيل الصيفية “الباكورية” كالفاصولياء والخيار والكوسا والبندورة، وأراضٍ مزروعة بمحصولي الكمون والقمح.

وقال “الدفاع المدني”، إن الأضرار طالت شبكات ري تغذي أكثر من 100 دونم في منطقة عدوان بسهل الروج غربي إدلب، بعد غمر مياه السيول للأراضي الزراعية وفي 30 و31 من آذار الماضي، تسببت عاصفة هوائية بأضرار كبيرة بعدد من المحاصيل الزراعية.

في 23 من آذار، قال المدير العام للزراعة في حكومة “الإنقاذ” شمالي سوريا، تمام الحمود، إن 635 دونمًا قد تضررت جراء الفيضان خلال المنخفض الجوي، وتنوع الضرر ما بين الغمر والانجراف.

وكانت هذه المساحات مزروعة بالقمح والبطاطا والبقوليات واليانسون وحبة البركة والكمون  والخضار، وتركز الضرر في مناطق معرة مصرين وسهل الروج ومحمبل، وفق حمود.

معاون وزير الزراعة والري في “الإنقاذ”، المهندس أحمد الكوان، قال لعنب بلدي، إن الوزارة لم تقدر الخسائر المادية لحصيلة الأضرار، إنما أحصت  المساحات المتضررة.

وأضاف أن وزارة الزراعة شكلت لجنة من المديرية العامة للزراعة ومديرية الموارد المائية، لوضع خطة مشتركة لمنع حدوث مثل هكذا فيضانات، واستثمار المياه المتدفقة من الأودية والمنحدرات وتوجيهها للمصارف التجميعية والاستفادة منها في سقاية المحاصيل.

وعبر برنامج “شو مشكلتك”، نقلت عنب بلدي واقع المحاصيل الزراعية في قرية مورين بريف إدلب، والأضرار التي طالت محاصيل الأنفاق البلاستيكية بسبب الرياح والعاصفة الهوائية التي اجتاحت المنطقة.

وقال مزارعون، إن الأضرار فاقت نصف الموسم وطالت جذور وأوراق محاصيل الكوسا والخيار، وبعضهم قدر الضرر بـ60%، وناشدوا الجهات المعنية بالمساعدة وفق الإمكانيات المتاحة.

حسن هلال مزارع في ريف حلب الشرقي، أوضح لعنب بلدي، أن معظم المحاصيل استفادت عدا المحاصيل “الحساسة”، مثل محاصيل البيوت البلاستيكية والحمّص والكمون وحبة البركة، مشيرًا إلى أن “قوام النبتة وروحها” لا تقاوم غزارة الأمطار وشدة الرياح.

ولفت إلى أن الأمطار المتأخرة تضر بمحصول الحمّص، وتصيبه بالفطريات نتيجة زيادة نسبة الرطوبة، وتخسر ثماره نسبة كبيرة من الحمضيات والأملاح، ويضعف إنتاجه.

المهندس الزراعي شمالي سوريا، أنس أبو طربوش، أوضح أن الهطولات المطرية التي تعرضت لها مناطق شمال غربي سوريا، خلال الفترة الماضية، تعتبر جيدة لبعض المحاصيل ومضرة لأخرى.

وقال أبو طربوش في حديثه لعنب بلدي، إن المحاصيل التي تستفيد من كميات الهطولات المطرية هي المحاصيل “النجيلية” بشكل عام، وتضم القمح والشعير والشوفان والذرة، بالإضافة إلى بعض المحاصيل والنباتات الطبية والعطرية، لأنها تحتاج إلى ري خلال هذه الفترة.

وذكر المهندس الزراعي، أن بعض المحاصيل تتأثر بشكل سلبي بالهطولات الغزيرة خلال هذه الفترة، كمحاصيل الخضار أو محاصيل الأنفاق (الباكورية)، وهي محاصيل حساسة تحتاج إلى أجواء رعاية خاصة ونسبة مياه معينة.

وأضاف أبو طربوش، أن ارتفاع نسبة الرطوبة في هذه المحاصيل تزيد من نسبة الإصابة بالأمراض الفطرية، وبالتالي يمكن أن تخفف من نسبة الانتاجية، وتؤخر موعد النضج.

مناطق سيطرة النظام.. أضرار متفاوتة

اعتبر الخبير التنموي والزراعي أكرم عفيف في حديثه لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، أن خسائر العاصفة الهوائية التي ضربت سوريا تعادل 100 ضعف خسائر الزلزال، دون أن يحدد مناطق هذه الخسائر.

وقال، إن السوريين سيكونون دون “فواكه ولا خضار” على حد تعبيره، كون الأزهار تضررت بشكل كبير في الحمضيات واللوزيات، فضلًا عن ضرر محاصيل الفول، القمح، البازلاء، المشاتل، والبيوت البلاستيكية.

ودعا عفيف إلى إعلان حالة الطوارئ لمساعدة الفلاحين وتعويضهم، ومنح إعفاءات على الديون.

من جهته مدير زراعة حمص، يونس حمدان قال إن الهطولات المطرية في 18 و19 من آذار الماضي، شملت جميع مناطق المحافظة وبكميات جيدة، ما يؤثر بشكل إيجابي على الحالة العامة للمحاصيل الزراعية البعلية والمروية والأشجار المثمرة، وتحسن المراعي في البادية.

ولفت حمدان إلى أن محصول القمح المروي بحالة جيدة، ومن المتوقع تحسن حالة محصول القمح البعل ومحصول الشعير البعل والذي كان بحالة متوسطة بنسبة 60 %، وتبلغ المساحة المزروعة بالقمح في المحافظة تبلغ 39224 هكتارًا.

وأضاف أن الهطولات المطرية رافقها حبات البرد في بعض المناطق إما بشكل ممزوج مع المطر أو بشكل مستقل، لكن دون أي أضرار.

المهندس الزراعي خالد سليمان من أبناء مدينة درعا (غير مقيم)، قال لعنب بلدي إن الشتاء المتأخر قد يسبب الأمراض الفطرية على بعض المزروعات في الجنوب السوري، كالبازلاء والفول والخس، والأشجار المزهرة كالليمون والزيتون والرمان واللوزيات، لذلك يلجأ المزارع لرش المبيدات الفطرية الوقائية، تجنبًا لإصابة المحاصيل في الحمرة أو بالبياض الدقيقي أو الزغبي.

وأشار سليمان إلى أنه في حال سقوط برد(حبات مياه متجمدة)، قد يؤثر على محصول الخس  والبطاطا.

أضرار طفيفة شمال شرقي سوريا

بالنسبة لمناطق شمال شرقي سوريا، قال المهندس الزراعي طارق العايد من ريف القامشلي، إن فائدة المطر كبيرة على المناطق، خصوصًا أن أغلب الأراضي تعتمد على الزراعة البعلية، وأغلب المزروعات في المنطقة هي القمح والشعير والذرة والبقوليات بأنواعها.

وأوضح العايد لعنب بلدي، أن الفائدة عمّت على الخضروات أيضًا، والبصل والثوم والفجل، وأن الأمطار كانت جيدة للتربة، مشيرًا إلى أن الأمطار المتأخرة تضر بالأشجار المثمرة وهي غير متوفرة في المناطق الشرقية.

وذكر العايد أن كثرة الأمطار المتأخرة تضر بأنواع معينة من المزروعات، متمثلة بنمو الفطريات على المزروعات وإغراق بعض النباتات في حالة السيول.