الشبكة متهالكة.. نقص وتلوث في مياه الشرب بالحسكة      

camera iconنهر "جغجغ" (جقجق) الذي يمر من وسط مدينة القامشلي مياهه ملوثة بمياه الصرف الصحي- 20 من آذار 2023 (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – الحسكة

يشكو سكان عدد من الأحياء في مدينة القامشلي بالحسكة، شمال شرقي سوريا، من تلوث مياه الشرب، لتلف شبكاتها واختلاطها بمياه الصرف الصحي، وكذلك انعدام وصولها إلى المنازل الطابقية.

مياه ملوثة ذات لون أصفر ورائحة سيئة تحولت من مياه صالحة للشرب إلى مصدر للأمراض، دفعت الأهالي إلى حلول بديلة “غير صحية” ومكلفة ماليًا، منها الصهاريج الجوّالة ومعظمها غير خاضعة للرقابة الصحية، و”فلاتر” التنقية “المكلفة”.

شبكات قديمة.. الأنفاق سبب أيضًا

محمد، أحد قاطني حي الزهور بمدينة القامشلي، أوضح لعنب بلدي أن مياه الشرب القادمة عبر الشبكة الرئيسة إلى الحي أصبحت منذ عدة أسابيع تميل إلى اللون الأصفر، وأن رائحتها سيئة بشكل متفاوت يختلف من شارع إلى آخر ومن بيت إلى آخر ضمن الحي نفسه.

وقال محمد، إن مشكلة الحي مع شبكة الصرف الصحي وخطوط توزيع المياه ليست وليدة اليوم، فالبنية التحتية الخاصة بالشبكة متهالكة وقديمة، وتتعرض قساطل وأنابيب النقل للتلف باستمرار، وتغمر الشوارع بالمياه الملوثة.

وأضاف الرجل الأربعيني الذي فضّل إخفاء اسمه الكامل لسلامته، أن عمليات حفر الأنفاق التي نفذتها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تسيطر على المنطقة ضمن الحي وفي أطرافه زادت الوضع سوءًا، وعرّضت الخطوط للضرر، وكذلك تأخر الصيانة مدة طويلة من الزمن، مشيرًا إلى أن مخلّفات الحفر لا تزال موجودة في بعض الشوارع حتى اللحظة.

وعملت “قسد” على إنشاء شبكة من الأنفاق ممتدة تحت الأرض في مناطق نفوذها، كخطة دفاعية خوفًا من تحركات عسكرية تركية محتملة في الشمال السوري ضدها، وربطت عبر الأنفاق مراكزها الرئيسة الموجودة داخل مدينة القامشلي.

مياه شحيحة وتلوث عالٍ

تنسحب مشكلة التلوث على معظم أحياء المدينة، يضاف إليها انعدام الوصول إلى الطوابق والمناطق المرتفعة، الأمر الذي يجبر السكان على تشغيل مولدات تكبدهم أعباء مالية إضافية.

جورج شبلي (44 عامًا) من الحي الغربي في مدينة القامشلي، قال لعنب بلدي، إن إمدادات المياه للحي “سيئة”، ويعاني قاطنو الطوابق العالية في الحي ضعف وصول المياه إلى منازلهم.

وأوضح أن هذه المشكلة سبّبت عديدًا من المشاحنات والمشاجرات بين الجيران أنفسهم للحصول على المياه، إذ يعترض أصحاب الطوابق العليا على تشغيل مضخات السحب من قبل الآخرين قبل أن يحصلوا على المياه.

ويحتاج جورج إلى تعبئة خزان المنزل أكثر من مرة في الشهر لتغطية حاجات عائلته المكوّنة من أربعة أفراد، ما يزيد من الأعباء المادية عليهم في ظل تدهور الاقتصادي وانخفاض قيمة الليرة السورية.

وتابع أنه في حال استمرار الوضع السيئ للمياه حتى دخول فصل الصيف، فإن الحال ستكون أسوأ وتنذر بأزمة، لأن استهلاك المياه يتضاعف مع ارتفاع درجات الحرارة.

إلى جانب شح المياه وتلوثها في بعض الأحياء، يضطر البعض إلى غليها قبل استخدامها لأغراض الطبخ.

منال، من سكان حي السريان، قالت لعنب بلدي، إنها تضطر إلى غلي المياه قبل استخدامها في تحضير الطعام، فهي غير صالحة لصنع الشاي مثلًا، الذي يبدو عكرًا وكأنه “مخلوط بالطين”، إذا لم تُغلَ المياه وتُبرد ليعاد استخدامها بعد مدة، جراء نسبة الكلس العالية فيها.

وتعاني أحياء الهلالية والموظفين ضعف وصول المياه وانقطاعها أيامًا عديدة.

حلول بديلة.. “مكلفة وغير صحية”

تختلف الحلول البديلة تبعًا للمتوفر في كل حي، إذ يلجأ الأهالي في حي الزهور لتأمين المياه الصالحة للشرب إلى نقلها بمختلف الوسائل من الأحياء المجاورة عبر السيارات الخاصة، أو حملًا على الأكتاف (عبوات بسعة خمسة وعشرة ليترات)، أو شرائها من الصهاريج الخاصة بتكلفة نحو 15 ألف ليرة سورية لكل ألف ليتر من المياه.

وقال جورج، إن الأهالي في الحي الغربي يضطرون بشكل متقطع إلى شراء مياه الشرب على نفقتهم الخاصة، بسعر يتراوح بين 15 ألفًا و20 ألف ليرة سورية لكل ألف ليتر.

وتعد “الفلاتر” التي تُركّب في مطابخ المنازل على خط المياه الرئيس أحد الحلول للتخلص من مشكلة تكلّس المياه في أحياء المدينة، لكنها مكلفة وليست بمتناول الجميع.

وتتراوح أسعار “الفلاتر” بين 75 و120 دولارًا أمريكيًا، وتختلف تبعًا للجودة وبلد المنشأ وعدد مراحل التنقية، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي من خلال جولة على محال بيع أدوات الطاقة وتنقيه المياه في المدينة.

ويبلغ سعر صرف الدولار الواحد مقابل الليرة السورية 7710 ليرات، وقت تحرير هذا التقرير، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص بمراقبة سعر صرف العملات.

مطلع شباط الماضي، أعلنت مديرية المياه في القامشلي التابعة لـ”الإدارة الذاتية” التي تدير المنطقة، عن البدء بإنشاء خزان لتجميع المياه بسعة 3000 متر مكعب في محطة “الهلالية”، التي تعد من أكبر محطات المياه في القامشلي، والتي تغذيها نحو 51 بئرًا، وتكلفة الخزان نحو 500 ألف دولار أمريكي.

وقال الإداري في مديرية المياه واصل أسعد، لصحيفة “روناهي” المقربة من “الإدارة الذاتية”، إن مدة العقد ثلاثة أشهر، ويجب خلال هذه الفترة دخول المشروع بالخدمة، بعدها ستتم صيانة الخزانات القديمة، لتحقيق ضخ المياه دون انقطاع.

وبداية آذار الماضي، صرح أسعد لإحدى الإذاعات المحلية، أن ما أُنجز من مشروع الخزان هو 20% فقط.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة