مكلف وله دلالات

مع اقتراب العيد.. ارتفاع الطلب على الزي العربي النسائي بالحسكة

camera iconأقمشة متنوعة تستخدم في خياطة الزي العربي للنساء في محافظة الحسكة - نيسان 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

تعتبر محافظة الحسكة واحدة من أكثر المحافظات التي تحافظ نساؤها على ارتداء الزي العربي التقليدي، الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي للمنطقة.

ومع حلول فصل الربيع واقتراب عيد الفطر، تتجه عديد من نساء وفتيات المحافظة إلى شراء الزي العربي التقليدي، وخصوصًا في مناطق الريف، من أجل ارتدائه خلال الزيارات المتبادلة بين المعارف والأصدقاء في عيد الفطر وغيره من الأعياد والأعراس.

فضيلة محمد (55 عامًا) لا تعتبر زيها العربي مجرد عادات وتقاليد “قديمة” أو “فلكلور”، لأنها لا تزال تحتفظ بطريقة لباسها العربي الذي يجمع “الحشمة والجمال بما يحتويه من الزخارف والتطريزات المميزة” في كل الأوقات وعلى مدار سنوات، على حد قولها.

تسكن فضيلة في ريف القامشلي الجنوبي، وهي أم لخمسة أولاد، بينهم فتاتان، تحرص فضيلة، بحسب ما قالته لعنب بلدي، على جعلهما ترتديان الزي العربي، خاصة في المناسبات الاجتماعية العامة، دون أن تجد صعوبة في إقناع بناتها بلبس هذا النوع من الأزياء.

ويتماشى الزي التقليدي مع المتطلبات والأعراف الاجتماعية للريف، الذي يغلب عليه الطابع العشائري، كما أن كثرة الألوان والزخارف التي يضمها اللباس تجذب الفتيات الأصغر سنًا لارتدائه، وتتناسب الأقمشة التي يخيّط منها مع الأيام الربيعية، حين يكون الطقس معتدلًا.

المدرّسة هيفاء (28 عامًا)، من ريف مدينة الجوادية بمحافظة الحسكة، قالت لعنب بلدي، إن لديها، إلى جانب لباسها المعتاد الذي ترتديه خلال ذهابها إلى الجامعة، زيًا عربيًا ترتديه في أعراس القرية، أو عند الذهاب في مناسبات خاصة، حيث ترى فيه “جمالًا خاصًا ولمسة إبداعية”، بحسب تعبيرها.

ميّزات ودلالات في الثوب

ليس جميع الخياطين مؤهلين لتصميم وخياطة الزي العربي التقليدي للنساء، فهو يحتاج إلى “خبرة ومهارة خاصة”، ودراية بكل تفاصيله.

الخياطة هند محمد (39 عامًا) من أحد أحياء مدينة القامشلي، قالت لعنب بلدي، إنها تفصّل الزي العربي للنساء منذ نحو تسع سنوات، وإن هناك إقبالًا متزايدًا على هذا النوع من الزي هذه الأيام، من جميع أعمار النساء، وحتى من قبل الفتيات دون سن 20 عامًا.

ويتألف الزي العربي، وفق هند، من غطاء الرأس الذي يسمى عدة أسماء منها “المقرونة” أو “الملفع”، و”الهبرية” (يعصب بها الرأس)، وهي عادة ما تُنسج من الحرير المصبوغ بألوان عديدة، وكلما زاد طول “الهبرية” كان ذلك دلالة على مكانة المرأة الاجتماعية والمادية بين قريناتها.

كما يضم الزي التقليدي ثوبًا طويلًا “فضفاضًا” نوعًا ما، له فتحة أكمام واسعة من عند الرسغ تسمى “الردن”، ثم يلبس فوقه ثوب آخر يسمى “الزبون”، عادة ما يكون مفتوحًا من الأمام بشكل طولي، وهو منسوج من قماش أخف من الثوب الرئيس، وقد يكون من الجوخ المطرَّز “دلالة على مكانة المرأة الاجتماعية العالية”.

وعندما تكون المرأة بعمر كبير قليلًا، فإنها تلبس أيضًا حزامًا حول خصرها يسمى “الشويحي”، يكون من القطن أو الصوف، وتتدلى منه عدة “شراريب”.

ويحتوي الزي العربي، إضافة إلى هذه القطع الأساسية، عديدًا من الملحقات و”الإكسسوارات”، مثل “الحجول” (الخلاخل) التي تُلبس في القدم، و”الكردان” الذي يوضع حول العنق، و”العران” الذي يوضع في الأنف، وفق الخياطة هند.

وفي الوقت الحالي، تغيّر التصميم والخياطة عن الشكل القديم للزي، فالحزام على سبيل المثال نادرًا ما يُلبس حاليًا مع الزي العربي، كما أن الحلي الذهبية والفضية التي يُشتهر لبسها مع الزي لم تعد موجودة لأنها “غالية الثمن”، بحسب هند.

وتبلغ التكلفة التقديرية لتصميم وخياطة الزي بين 500 ألف و750 ألف ليرة سورية، وتختلف التكلفة حسب نوع القماش المستخدم، وحسب أجرة الخياط، علمًا أن تفصيل بدلة الزي العربي الكاملة تحتاج إلى نحو ثلاثة أمتار ونصف من الأقمشة.

ويعاني عديد من سكان محافظة الحسكة غلاء أسعار الألبسة عمومًا، إذ بلغ سعر البنطال حوالي 85 ألف ليرة سورية، وسعر القميص نحو 90 ألف ليرة، بينما وصل سعر الحذاء إلى حوالي 80 ألف ليرة.

كما ارتفعت أسعار ألبسة الأطفال التي يزداد الطلب عليها مع اقتراب العيد بشكل كبير أيضًا، ما جعل السكان يعانون صعوبة تأمين ملابس لأبنائهم.

وتعود أسباب غلاء الألبسة في الحسكة إلى عديد من العوامل، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية والتدهور الحاد في قيمة الليرة السورية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النقل والشحن، ما دفع عديدًا من السكان إلى شراء الملابس المستعملة كبديل للحفاظ على الميزانية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة