دبلوماسية واشنطن شجعت على إعادة تأهيل الأسد

رئيس النظام السوري بشار الأسد يظهر خلفه أحد الأحياء المدمرة في مخيم اليرموك إثر قصف النظام للمنطقة (تعديل عنب بلدي)

camera iconرئيس النظام السوري بشار الأسد يظهر خلفه أحد الأحياء المدمرة في مخيم "اليرموك" إثر قصف النظام للمنطقة (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

خلال الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تعهدت الولايات المتحدة بتنفيذ قانون “قيصر”، لكن مع ذلك، مر نصف عام قبل أن تفرض عقوبات على أي من كيانات النظام السوري، في حين أن إدارة ترامب، على الرغم من سياستها المتقلبة تجاه سوريا، كانت تعلن عن أهداف جديدة كل شهر بعد دخول القانون حيز التنفيذ.

وبمناسبة الذكرى السنوية للثورة السورية التي انطلقت عام 2011 ضد النظام السوري، انضم البيت الأبيض إلى حكومات المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ليعلن، “نحن لا نقوم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، لن نطبع حتى يكون هناك تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي”.

ومع ذلك، بينما بدأت دول عربية مختلفة جهودًا لتطبيع العلاقات مع النظام، أشارت إدارة بايدن إلى استعدادها لقبول النتيجة، بحسب ما رأته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

وبدلًا من الاحتجاج بشدة على هذه التحركات، قالت مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، في مقابلة، “ننصح أصدقاءنا وشركاءنا في المنطقة بضرورة الحصول على شيء مقابل المشاركة مع الأسد”.

لا مبررات واضحة

الصحيفة الأمريكية لم ترَ في التوجه الأمريكي تجاه السماح بتعويم الأسد أي مبرر، باستثناء “التعب”، خصوصًا أن النظام السوري تلقى دعمًا “غير محدود” من روسيا وإيران، إذ لا يبدو أن الإدارة الأمريكية تريد استثمار أي رأس مال دبلوماسي لإبقاء النظام معزولًا.

ولكل من “الديمقراطيين” و”الجمهوريين” في “الكونجرس” الأمريكي وجهة نظر مختلفة تمامًا عن الوضع، إذ أرسل أربعة نواب أمريكيين بارزين رسالة إلى بايدن بعد مرور عام تقريبًا على توليه منصبه، يعيدون فيها معارضتهم لـ”الموافقة الضمنية للإدارة على التعامل الدبلوماسي الرسمي مع النظام السوري”.

وكان اثنان من الأربعة من الرؤساء “الديمقراطيين” للجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ، واثنان آخران من الأعضاء “الجمهوريين”، بحسب “واشنطن بوست”.

وما بقي من مسببات الجمود الأمريكي في هذا الإطار هو “الأسباب الأخلاقية”، بحسب الصحيفة، إذ لا تقبل قضية “عزل الأسد” الجدل على هذا الصعيد، لكنها تصب أيضًا في المصلحة الذاتية الضيقة للولايات المتحدة.

وعلى نحو متزايد، يشبه النظام السوري “عصابات تهريب المخدرات”، حيث يغمر المنطقة بـ”الكبتاجون”، ولا تزال دمشق جزءًا لا يتجزأ من الشبكة الإيرانية التي تنقل أسلحة متطورة ومئات الملايين من الدولارات إلى “حماس” و”حزب الله” اللبناني، المصنفين على قوائم “الإرهاب” الأمريكية، بحسب الصحيفة.

وفي الخلاصة، يرى كاتب المقال أن إعادة تأهيل النظام التي نشاهدها اليوم من قبل جيرانه ما كانت لتصل إلى هذا الحد لولا ضوء أخضر أمريكي، ويبقى احتمال عكس مسار التعويم متاحًا بضوء أمريكي آخر أيضًا.

لا تطبيع “دون مقابل”

مراسلة وزارة الخارجية الأمريكية لدى موقع “المونيتور” إليزابيث هاجدورن كتبت، مطلع نيسان الماضي، عن تغيّر السياسة الأمريكية تجاه النظام السوري، من “يجب أن يرحل الأسد” إلى “لا يجب التطبيع دون مقابل”.

الطور الثاني من التحول الأمريكي (لا تطبيع دون مقابل)، من وجهة نظر هاجدورن، رأته المراسلة في تصريح مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، أيضًا، وهو ما بُني عليه رأي “واشنطن بوست” السابق في القضية نفسها.

ونقل المقال عن دبلوماسي عربي لم يسمِّه، أن ما يُقرأ في الموقف الأمريكي هو أن واشنطن ليست ضد المبادرات التي تقوم بها الدول العربية، لكن في الوقت نفسه، لم ترفع العقوبات الأمريكية عن النظام، ويترجم العرب الآلية الأمريكية في التعاطي مع النظام، “لندع العرب يحاولوا التواصل مع الأسد، ودعونا نرَ ما النتائج”.

ومؤخرًا، لفت قادة مجلسي النواب والشيوخ من الحزبين الانتباه إلى “الوتيرة البطيئة المخيبة للآمال للعقوبات” بموجب قانون “قيصر”، الذي من المفترض أن يكون “أداة لخنق شريان الحياة المالي للأسد”، بحسب المقال.

ونقل “المونيتور” عن كبيرة مستشاري “المعهد الأمريكي للسلام” في سوريا، منى يعقوبيان، أن إدارة بايدن تبنت موقفًا أكثر واقعية من التطبيع.

“إذا كنا سننفق رأس المال الدبلوماسي، فلماذا ننفقه، وبدلًا من الجهود الفاشلة لحمل الدول على الاستمرار في عزل النظام، ربما يتم إنفاق رأس المال على الجهود المبذولة للحصول على شيء ما مقابل ذلك بالفعل”، بحسب يعقوبيان.

وأشارت إلى بعض الاحتمالات الإضافية التي سيكون لها تأثير على الأرض، بما في ذلك توسيع وصول المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار على الصعيد الداخلي.

اقرأ أيضًا: “مبادرة” مشروطة أم توجهات فردية.. باب عربي “موارب” أمام الأسد

عوامل مشتركة

عربيًا وعلى صعيد الإجابة عن أسئلة طرحتها صدمة السوريين من موجة التقارب مع النظام السوري، منذ زلزال شباط الماضي، كتب موقع “الجزيرة” الممول من الحكومة القطرية، أن من المتوقع استمرار التطبيع مع النظام خلال الفترة المقبلة.

وتوقع المقال أن تشهد المنطقة عودة النظام إلى الجامعة العربية بعد سنوات من القطيعة، ولن يعدم من يسعى لذلك أن يجد المبررات، حتى لو كانت تحت غطاء دعم “الشعب السوري” الذي يتم قتله وتهجيره بشكل مستمر وممنهج.

واعتبر أن تطبيع بعض الأنظمة مع النظام السوري لا يجب أن يكون مفاجئًا لأحد، “فالعوامل المشتركة بينها وبين النظام السوري كثيرة”، وبالتالي فإن دعمها له هو في الأساس “دعم لنفسها ولاستراتيجيتها ولرؤيتها لشعوبها”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة