تعا تفرج

أسلحتنا تقوّص بالمقلوب

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

من حسن حظ الإنسان الذي يتقدم في العمر، مثل محسوبكم، أن الغرب الاستعماري، الكافر، اخترع لنا منصات للتواصل الاجتماعي، كل واحدة منها تسلي المرء أكثر من نصف كيلو بزر عباد الشمس، بل إنها، على حد تعبير المرحومة عمتي الحاجة عيوش: تُلهي الجحش عن عَليقه.

ولكن أسلحة ذلك الغرب، الإمبريالي، الكافر، تقوّص بالمقلوب، بمعنى أن الواحد منا، يحشو بندقيته، ويجقص عينه، مسددًا عير “الشُّعَيْرة”، و”الفُرضة”، ويعاين من أسفل ومنتصف الهدف، ويسمي بسم الله، ويطلق، وإذا بالفَشْكة (أي: الرصاصة) تنزل في صدره، فتقتله.

الحقيقة، أن هذه الآلية في القواص، ليست من بنات أفكاري. وإليك الدليل: كنا نقرأ، في كتبنا المدرسية، أن الصهاينة الحقيرين، شذاذ الآفاق، جاؤوا من مختلف أنحاء الأرض، إلى فلسطين الحبيبة، ليدنسوا ترابها الطاهر، ويهجّروا شعبها الطيب، ويعيثوا فيها فسادًا، فتصايح إخوة العروبة والإسلام، قائلين: وافلسطيناه، ونفروا من كل بلد وقُطر، ليذودوا عن حمى تلك البقعة الطاهرة، قبلة المسلمين، ومهبط الرسالات، وتحركت الجيوش العربية الجرارة، بالإضافة إلى المتطوعين الذين التحقوا بجيش الإنقاذ، ليطوقوا العصابات الصهيونية المجرمة من جميع الجهات، ويبيدوها عن بكرة أبيها.

وقتها، يا سيدي، وبينما نحن الفتيان الأغرار نقرأ عن تلك الأحداث الرهيبة، كانت عقولنا الغضة تتخيل الصهاينة الأوباش، لا يستطيعون أن “يتفلحصوا” أمام جيوشنا الزاحفة، مطووشين، مسطولين، لا يعرفون من أين يأتيهم أزيز الرصاص، أو أين تسقط قذائف مدفعيتنا الجبارة، ولكن، عندما وصلنا إلى خاتمة ذلك الدرس التربوي العظيم، فوجئنا بأن جيوشنا هُزمت، ومتطوعينا تفرقوا، والعصابات الصهيونية استقرت في فلسطين، استعدادًا لإقامة دولة إسرائيل، وأما نحن فقد رحنا نبحث عن تفسير لتلك الخيبة، فأخبرونا أن الحكام العرب، الخونة، المتآمرين، قد سلحوا مقاتلينا ومجاهدينا ببنادق تطلق إلى الخلف، وتقتل حاملها!

منصات التواصل الاجتماعي فعلت بنشطائنا، ومشايخنا، وصانعي أخبارنا، الشيء نفسه، فقد أتاحت لهم فرصة ذهبية ليقولوا ما يشاؤون، وينشروا أقوالهم وأفكارهم ومحفوظاتهم الصدئة على نطاق واسع، ويصير عندهم مئات الألوف من المتابعين، ويحصلوا بسببها على مئات الألوف من الدولارات، ولكنها أطلقت عليهم، بمعنى أنها كشفت عوراتهم، فالمفسر العبقري علي منصور كيالي، مثلًا، لا يستطيع أن ينكر أنه صاحب نظرية الشياطين التي تتحرك بقوة الضراط، على مبدأ الدفع النفاث، فما قاله مثبت على “يوتيوب”، ومثله الشيخ العريفي الذي لا يستطيع أن يخفي قوله، نقلًا عن عالم فيزيائي فذ، أن أحدث الدراسات العلمية! في أكبر المختبرات الغربية!

أثبتت أن الماء يروق ويعذب إذا قرأت عليه كلامًا طيبًا، ويتلوث وينخبط إذا قرأت عليه كلامًا نكديًا! والشيخ وجدي غنيم لا يستطيع أن ينكر دعوته لأن يبادر المسلمون إلى غزو الشعوب الأخرى، والعودة بالغنائم والعبيد والسبايا، وتوزيعها على المجاهدين، وهذا ينقض المزاعم التي تقول إن تنظيم “داعش” الذي سبى النساء الإيزيديات لا يمثّل الإسلام، أو أن ينكر الشيخ عبد الله رشدي قوله إن المرأة التي يقتل الفاتحون المسلمون زوجها وأخاها وشقيقها لا بد أن تعشق واحدًا منهم، لا لشيء إلا لأن لها احتياجات. فتأمل!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة