فيلم “الفهد”.. الماركسية في السينما

لقطة من فيلم الفهد 1972 (يوتيوب)

camera iconلقطة من فيلم الفهد 1972 (يوتيوب)

tag icon ع ع ع

شهد عام 1972، إطلاق فيلم “الفهد” للعرض السينمائي في سوريا، والمقتبس عن رواية حملت الاسم ذاته للروائي الراحل حيدر حيدر.

تدور أحداث الفيلم حول “فهد” الذي يتمرد على سلطة مخفر الشرطة المتواطئ مع الآغا ظالم الفلاحين في عام 1946.

أولى لقطات الفيلم هي لقطة مقرّبة على وجه فهد تظهر مشاعر الغضب والاستياء الكبير، قبل أن ينتقل مخرج الفيلم الراحل خلدون المالح لتوضيح شكل مجتمع القرية.

هذا التوضيح جاء من خلال حوار طويل دار بين فهد وعدد من السكان، تحدثوا خلاله عن أوضاعهم المعيشية وظروفهم الاقتصادية وتحكم الآغا بمواردهم المادية.

الفيلم بين السينما والماركسية

يبدو للوهلة الأولى أن الصراع هو صراع بين فلاح بسيط يكافح ضد المعتدين عليه من رجال المخفر المرتبطين بالآغا، ولكن بنظرة معمّقة يمكن الحديث عن بعد إيديولوجي يرتبط بأفكار المؤلف، حيدر حيدر.

إذ أن ربط عملية الكفاح ضد المخفر والآغا، ترتبط بعملية بالإقطاعيين وسيطرة رأس المال على الحياة، وهو ما يتوافق مع ما ذكره الكاتب السوري عدي الزعبي عن هذه أفكار حيدر.

وقال الزعبي في منشور في “فيس بوك” في 7 من أيار، إن حيدر شكل حالة نموذجية للأديب الماركسي المتشدد وأدبه ماركسي بامتياز.

وأضاف، “الأشخاص يلعبون أدوارًا طبقية نضالية أكثر مما هم أشخاص من لحم ودم”.

بالعودة لفيلم “الفهد”، يشكّل الآغا قمة الرأسمالية والإقطاع، في حين يمثل فهد النضال والكفاح ضد هذه الطبقة.

المالح وحيدر هاجما الإقطاع بالفيلم إلى حد تشبيهه بالاحتلال الفرنسي لسوريا (1920- 1946)، من خلال مشهد يظهر تعرض فهد للضرب على يد الشرطة، مع أغنية تمجد المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي وتحرير البلاد وأفراح الناس.

ذُكر الآغا في كل فرصة يمكن ذكره بها، لتحميله المسؤولية كأحد أسباب الأوضاع السيئة للناس، لكن المجتمع يتحمل المسؤولية أيضًا عبر صمته على الظلم الواقع عليه واستكانته في مقابل جبروت السلطة.

لعب دور البطولة في الفيلم أديب قدورة وأسعاد فضة وإغراء.

وحاز “الفهد” على جائزتين تقديريتين، الأولى من مهرجان “لوكارنو” والثانية من مهرجان “كارلوفيفاردي”، كذلك جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دمشق لسينما الشباب في 1972.

حيدر حيدر

ولد حيدر حيدر في قرية حصين البحر، التابعة لمحافظة طرطوس على الساحل السوري (1936)، وتخرّج من معهد المعلمين التربوي في حلب (1954)، ومنها انتقل إلى دمشق.

في عام 1984، أصدر حيدر حيدر روايته “وليمة لأعشاب البحر”، وطبعت ست مرّات، كان آخرها عام 1997 عن دار “ورد” في دمشق.

وفي عام 2000، صدرت الرواية مجددًا ضمن “سلسلة آفاق” التابعة لهيئة “قصور الثقافة” وهي هيئة حكومية مصرية، وهو ما أثار غضبًا كبيرًا وصل إلى حد التظاهر في الشوارع اعتراضًا على نشرها.

كما هاجمها الشيخ الراحل يوسف القرضاوي، والذي قال في خطبة إنه لم يستطع استكمال نصف الرواية التي “تنكر الدين والخلق”.

أدى منع الرواية إلى ارتفاع كبير لسعرها، من جنيهين مصريين إلى 100 جنيه، وفق الروائي المصري أشرف عشماوي وهو رقم كبير للغاية حينها.

وجاءت تصريحات عشماوي ضمن برنامج “منع من التداول”.

أصدر حيدر حيدر عدة روايات، ومنها “أمواج بيروت” و”مرايا النار” 1992، و”غسق الآلهة” 1995، و”شموس الغجر” 1997.

وسبق لحيدر أن كتب روايات “الزمن الموحش” 1973، و”الومض” 1970.

وكانت آخر الجوائز التي حصل عليها حيدر، درع غسان كنفاني للرواية العربية 2022.

ونعت وزارة الثقافة في حكومة النظام السوري، حيدر الذي توفي في 5 من أيار عن عمر ناهز 87 عامًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة