تحت قبضة "الرابعة" و"الحزب"

التهريب عبر معابر حمص- لبنان ينشط باتجاه معاكس

camera iconمعبر البقاع الحدودي بين سوريا ولبنان - 2019 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حمص

بعد سيطرة “حزب الله” و”الفرقة الرابعة” على مدينة القصير وتلكلخ، في منطقة الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا، سيطر مهربون محسوبون على جهات عسكرية على طريق تهريب البضائع والبشر بالمنطقة.

ومع تفاقم الوضع المعيشي في سوريا، يحاول السوريون مغادرة البلاد بطرق غير شرعية بحثًا عن وضع اقتصادي أفضل، أو هربًا من تهم سياسية، أو الخدمة العسكرية الإجبارية.

ولا يختلف وضع السوريين داخل سوريا عن وضع نظرائهم في لبنان، إذ تضيّق الجهات الأمنية اللبنانية الخناق عليهم يومًا بعد يوم، وهو ما دفع بعديد منهم إلى سلوك طرق غير شرعية للعودة إلى سوريا، تفاديًا للمرور على حواجز النظام في المعبر بين البلدين.

محاولة الالتفاف على حواجز النظام ونقاط الأمن اللبناني عبر طرق التهريب، أوقعت بعديد من السوريين في قبضة خاطفين يطلبون مبالغ من قبل أسر المخطوفين لإطلاق سراحهم.

للتهريب تاريخ في المنطقة

تاريخيًا، تشرف بعض العائلات أو العشائر، في كثير من الأحيان، على معابر التهريب، بمنطقة الشريط الحدودي بين لبنان سوريا.

وتعود هيمنة هذه العائلات على ضفتي الحدود إلى انتشارها داخل البلدين، إذ يسهل تداخلها عمليات التنسيق بينها لتهريب البشر أو البضائع.

وقبل بدء الثورة السورية عام 2011، كانت العشائر والعوائل المنتشرة على جانبي الحدود تمسك بزمام أمور التهريب في المنطقة، لكن مع سيطرة “حزب الله” اللبناني وانتشار “الفرقة الرابعة” على الطرقات المؤدية إلى الحدود، بدأت عائدات التهريب تصب في جيوب أفراد ينتمون إلى جهات عسكرية، بحسب مهرب كان يعمل على طريق سوريا- لبنان، قابلته عنب بلدي.

من العشائر إلى النظام

تعتبر الحدود اللبنانية المحاذية لحمص عبر مدينة القصير وتلكلخ الطريق الأسهل مقارنة بريف دمشق، نظرًا إلى وعورة الطرق الجبلية بمنطقة القلمون، وتداخل العشائر والعائلات على طرفي الحدود.

“كامل” (اسم مستعار لأسباب أمنية)، عمل سابقًا بالتهريب بين سوريا ولبنان، قال لعنب بلدي، إن طريق التهريب من حمص انتقل بشكل شبه كامل لمهربين مقربين من جهات عسكرية مثل “الفرقة الرابعة” و”حزب الله”، إذ فقدت العشائر والعائلات من سكان المنطقة قدرتها على العمل بالتهريب منذ سنوات.

وأرجع ” كامل” أسباب فقدان السيطرة المحلية على التهريب إلى نشر “الفرقة الرابعة” الحواجز على جميع الطرقات المؤدية إلى “نقاط التحميل” (مراكز انطلاق التهريب) القريبة من القرى الحدودية.

وأضاف أن “الفرقة الرابعة” تحتجز أي شخص يحاول الوصول إلى لبنان عبر مهربين لا يتبعون لها، ويطلبون فديات مالية كبيرة مقابل الإفراج عنهم.

حسابات إخبارية وناشطون يتداولون بشكل شبه يومي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبارًا عن فقدان أقاربهم أو مجموعات من السوريين في أثناء محاولتهم العبور إلى لبنان عبر الطرق غير الشرعية.

“الرابعة” ترفع أجور التهريب

ارتفعت أجور التهريب إلى لبنان بعد سيطرة “الفرقة الرابعة” و”حزب الله” على الطرق المؤدية إلى الحدود اللبنانية، إذ بات السوريون مضطرين للتعامل مع مهربين من “الفرقة”، ودفع مبالغ إضافية مقابل ضمان وصولهم إلى الأراضي اللبنانية بسلام.

أيهم الحسين، من سكان مدينة حمص، خرج إلى لبنان منذ حوالي شهر ونصف، قال لعنب بلدي، إن “الفرقة الرابعة” رفعت أجور التهريب من 50 إلى 100 دولار أمريكي، مقابل عبور شخص واحد.

وأضاف أنه كان مجبرًا على التعامل مع مهرب يتبع لـ”الفرقة الرابعة”، وهو عسكري برتبة مساعد، مقابل توصيله إلى الحدود اللبنانية برفقة عدة أشخاص.

الدافع الأول بالنسبة للشباب السوريين الراغبين بمغادرة البلاد خلال الفترة الماضية، هو الوضع الاقتصادي المتردي، بحسب ما قاله أيهم لعنب بلدي، لكن حتى الرغبة بالمغادرة صارت تتطلب عملًا لعدة أشهر، من أجل جمع أجور المهرب لعبور الحدود.

وعلى الجانب الآخر من الحدود، يعاني السوريون تضييقًا على معيشتهم في لبنان من طرف حكومة البلاد، خصوصًا بعد قرار الحكومة ترحيل اللاجئين السوريين مؤخرًا، أو من لا يملكون أي أوراق للإقامة بشكل شرعي في لبنان.

محمد الحاج علي، من أبناء مدينة الرستن ومقيم في لبنان، قال لعنب بلدي، إن قرار ترحيل السوريين من لبنان مؤخرًا، رفع أجور المهربين بالنسبة لطريق العبور إلى سوريا من 50 إلى 150 دولارًا لقاء عبور شخص الواحد.

وأوضح أن تكاليف العودة أكبر من تكاليف المغادرة، بحسب الشباب السوريين الذين قابلتهم عنب بلدي.

تعديلات أمنية

أجرى النظام السوري، مطلع العام الحالي، تعديلات على الجانب الأمني في المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية في سوريا، من ضمنها معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن، إلى جانب المعابر في محافظة حمص والمطلة على الأراضي اللبنانية.

وبحسب تعميم صدر عن “مكتب الأمن الوطني” التابع بشكل مباشر لرئاسة الجمهورية، في 1 من كانون الثاني الماضي، اطلعت عنب بلدي على نسخة منه، شُكّلت قوة أمنية مكوّنة من خمسة أجهزة أمنية، إلى جانب “الفرقة الرابعة”، لإدارة المعابر الشرعية وغير الشرعية الممتدة على الحدود مع دول الجوار.

استبدلت قيادة “الفرقة الرابعة”، بموجب التعميم، الضابط المسؤول عن قواتها في المنطقة الوسطى، وكلّفته بإدارة المنطقة المتاخمة للحدود السورية- اللبنانية في القلمون بريف دمشق.

وتسعى “الفرقة الرابعة” لتعزيز حواجزها الأمنية على الشريط المحاذي للحدود اللبنانية، وفي القرى والبلدات التي تقع على خطوط التهريب ذهابًا وإيابًا، بحسب مقاتلين عاملين في صفوف “الفرقة” قابلتهم عنب بلدي في وقت سابق.

كما نُقلت إدارة بعض الحواجز من سلطة “الأمن العسكري” و”المخابرات الجوية” إلى سلطة “الفرقة”، لتسيطر بشكل شبه كامل على طرقات التهريب بالاتجاهين.


أسهم بإعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حمص عروة المنذر




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة