المستعمل غير مضمون.. أسعار الأجهزة الكهربائية ترتفع بإدلب

camera iconثلاجات داخل محل لبيع الأدوات الكهربائية في مدينة إدلب- 12 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

إدلب – أنس الخولي

يتجول الشاب حسين في أسواق مدينة إدلب، متأملًا واجهات محال بيع الأدوات الكهربائية المعروضة وأسعارها، ثم يعود أدراجه خالي الوفاض لعجزه عن شراء هذه الأدوات نظرًا إلى ضعف دخله الشهري.

مع ارتفاع درجات الحرارة، تشهد محال بيع الأدوات الكهربائية إقبالًا وأسئلة عن الأسعار بشكل دائم، خاصة ما يتعلق بالمراوح والثلاجات (البرادات)، ويقابَل ذلك بشكوى من الزبائن حيال ارتفاع أسعارها قياسًا بما كانت عليه قبل أشهر.

وتزداد الحاجة إلى البراد والمروحة مع ارتفاع درجات الحرارة لتخفيف وطأة حر الصيف، لكن ارتفاع أسعار هذه الأدوات وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدني أجرة العامل، تحول دون الحصول على هذه الأجهزة.

ويعتمد الأهالي في تشغيل الأدوات الكهربائية المختلفة على اشتراكهم في شركات الكهرباء النشطة في المنطقة، أو عبر ألواح الطاقة الشمسية التي باتت منتشرة بكثرة.

محل لبيع الأدوات الكهربائية في مدينة إدلب- 12 من أيار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

رواتب لا تكفي.. أسعار مرتفعة

تتراوح رواتب العمل بالمياومة في مدينة إدلب بين 30 و60 ليرة تركية باختلاف المهنة، كالإنشاءات والزراعة وتحميل البضائع، واختلاف عدد ساعات العمل، بوتيرة غير ثابتة لتوفر أعمال كهذه، وهي رواتب لا تسد أدنى احتياجات العائلة.

وتبدأ أسعار الثلاجات من 100 دولار أمريكي بالنسبة للبراد الصغير المكتبي حتى 1000 دولار للثلاجة الكبيرة، وتختلف الأسعار بحسب الجودة وبلد التصنيع، وكذلك المراوح الهوائية التي تبدأ من عشرة دولارات إلى 60 دولارًا.

قال حسين طرشان (36 عامًا) لعنب بلدي، وهو مهجر يقيم في مدينة إدلب، إن راتبه الذي يجنيه من عمله بالمياومة في أحد أفران المدينة لا يمكّنه من شراء براد، رغم محاولاته الدائمة لتجميع مبلغ لشرائه.

وأضاف حسين أن وجود أدوات كهربائية (براد ومروحة) يسهّل حياته كبقية الناس، ولا سيما مع قدوم الصيف، إذ تبرز الحاجة إلى البراد من أجل الاستغناء عن ألواح الثلج ومشكلاتها المتعلقة بمدى نظافة المياه المستخدمة في صناعتها، ولحفظ الأطعمة الزائدة التي سرعان ما تتعفن في الصيف، إلى جانب وضع كمية صغيرة من المؤونة في الثلاجة.

من جانبه، أعرب سعيد الخن عن أسفه لتهدم منزله في جنديرس إثر الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في 6 من شباط الماضي، ما أدى إلى تلف جميع الأدوات المنزلية التي كان يملكها، وحاجته الماسة إلى شراء أجهزة جديدة.

وقال سعيد لعنب بلدي، إنه كان يوفر مبالغ بسيطة ويشتري الأدوات التي يحتاج إليها أولًا بأول حسب الضرورة، لكنه حاليًا بعد انهيار منزله وفقدانه جميع الأدوات، تفاجأ بالأسعار في الأسواق، لافتًا إلى أن الأدوات التي اشتراها منذ عامين ارتفعت أسعارها بمقدار الثلث أو يزيد، ما صعّب عليه مهمة شراء أي جهاز كهربائي بدل التي فقدها.

أدوات مستعملة.. حل “غير مضمون”

يلجأ بعض المواطنين لشراء الأدوات الكهربائية المستعملة المرتبط استخدامها بفصل الصيف كونها أرخص ثمنًا، لكنها تبقى عرضة للأعطال وتزيد من أعباء تكاليف الصيانة، وربما لا تعمل لاحقًا.

أوضح حسين أنه لا يثق بهذه الأجهزة المستعملة، وجرب سابقًا شراء مروحة مستعملة، لكنها لم تدم لفترة طويلة، إذ سرعان ما تعطلت، وتجاوز ثمنها إلى جانب تكاليف صيانتها أكثر من ثمن المروحة الجديدة.

بدوره، قال عبد الله العيد (41 عامًا)، وهو نازح يقيم في مدينة إدلب، إن الأهالي اليوم يبحثون عن أدوات كهربائية رخيصة، ولو بجودة متدنية ذات مصروف كهربائي قليل تناسب وضعهم المادي في ظل تدني أجور العاملين.

ويملك عبد الله ثلاجة قديمة من نوع “بردى”، أحضرها معه من منزله الذي هُجّر منه في ريف معرة النعمان، إلا أنه لا يستطيع استخدامها بشكل دائم بسبب كمية الكهرباء الكبيرة التي تستهلكها، لذلك يضطر لتشغيلها ساعات قليلة حسب الضرورة لحين شراء براد تركي يعمل على “نصف أمبير”، على حد قوله لعنب بلدي.

وأضاف عبد الله أنه اكتشف أن سعر البراد التركي يزيد على 290 دولارًا، وهذا مبلغ كبير لا يستطيع عدد كبير من العاملين توفيره من دخلهم البسيط.

سوق مفتوحة.. عرض وطلب

تزداد قدرة المواطنين الذين يعتمدون على ألواح الطاقة الشمسية على استخدام الأجهزة الكهربائية في الصيف، ما يؤدي بالمقابل إلى ارتفاع الطلب على الأجهزة الكهربائية من قبل هؤلاء المواطنين.

وصول التيار الكهرباء إلى معظم مناطق الشمال بشكل عام وإدلب بشكل خاص، يلعب دورًا في زيادة الطلب على الأدوات الكهربائية التي تعمل بطاقة ومعايير مختلفة تتناسب مع كمية الكهرباء المتوفرة.

صاحب شركة “كشكش” التجارية، عامر كشكش، قال لعنب بلدي، إن سوق الأدوات الكهربائية في مدينة إدلب مفتوحة، وتعتمد بالدرجة الأولى على قانون العرض والطلب، لذلك تتغير الأسعار باستمرار.

وأضاف أن البضاعة التي لا تجد إقبالًا تنخفض أسعارها بشكل تدريجي، حتى إنه يضطر أحيانًا إلى بيعها بأقل من تكلفتها، وبالمقابل، ترتفع أسعار البضاعة المطلوبة ذات الطلب المرتفع بما يتناسب مع توفرها في الأسواق وشدة الطلب عليها.

ويرى التاجر أن الأسواق المفتوحة التي تعتمد على قانون العرض والطلب أفضل لكل من التاجر والمستهلك، لافتًا إلى أن عملية تسعير الأدوات الكهربائية تؤدي إلى أضرار بحقوق الزبائن والتجار على حد سواء.

ثلاثة أسباب للارتفاع

اعتبر كشكش أن من الطبيعي جدًا ارتفاع الأسعار مع ارتفاع الطلب على بعض الأجهزة الكهربائية، كالبرادات والمراوح في الصيف، مضيفًا أن هناك مؤشرات بارتفاع الطلب مقارنة بالعام الماضي، بسبب تغذية مناطق جديدة بالكهرباء، الأمر الذي يدفع قاطني تلك المناطق لشراء أدوات كهربائية.

ومن الأسباب الأخرى التي تزيد الطلب على الأدوات الكهربائية، تضرر فئة كبيرة من المواطنين جراء الزلزال المدمر، وفقدهم لأجهزتهم التي كانوا يملكونها، والإقبال على شرائها من المواطنين الذين يعتمدون على الطاقة الشمسية في توفير الكهرباء، وازدياد إمكانية استهلاكهم للكهرباء في الصيف، ما يمكنهم من تشغيل أدوات كهربائية أكثر، وفق التاجر.

وقال كشكش خلال حديثه لعنب بلدي، إن جودة البضائع المعروضة في الأسواق تتناسب مع إمكانيات المواطنين الشرائية والأسعار المنافسة في الأسواق، مشيرًا إلى أن المجتمع في الشمال السوري يعاني الفقر.

ولفت التاجر إلى أن نسبة المواطنين الذين يقتنون أجهزة كهربائية ذات مواصفات عالية لا تتجاوز 5%، ما يدفع التجار لاستيراد أدوات كهربائية ذات جودة متواضعة تتناسب مع إمكانيات الأهالي وتلبي احتياجاتهم.

وعن أسعار الأدوات الكهربائية المطلوبة في الصيف قال كشكش، إن أسعار الثلاجات تبدأ من 100 دولار أمريكي بالنسبة للبراد المكتبي الصغير وتنتهي بـ1000 دولار.

وأوضح أن الطلب يتركز على البرادات المنزلية الصغيرة نسبيًا، والتي يتراوح سعرها بين 200 و300 دولار حسب مواصفاتها وإمكانياتها، في حين تبدأ أسعار المراوح من عشرة دولارات أمريكية إلى 60 دولارًا.

توقعات بالانخفاض

توقع التاجر انخفاض أسعار الأدوات الكهربائية في المستقبل القريب بسبب الكساد العالمي، وكثرة البضائع التي تنتشر في الأسواق، وانخفاض تكاليف الشحن.

وبحسب التاجر، فإن فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) أدى قبل عامين إلى توقف المعامل عن الإنتاج، والامتناع عن استيراد البضائع الصينية، ما أدى إلى كسادها في الصين.

وبعد انتهاء تداعيات الفيروس وذروته العام الماضي، حصل طلب كبير على البضائع وكثرة في الإنتاج، ما أغرق السوق بكميات هائلة من البضائع، وذلك يؤدي إلى توقف طلب الأسواق من المنتجين وكثرة العرض وقلة الطلب، وفي النهاية يؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير، حسب كشكش.

ومن الأسباب الأخرى التي قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار، انخفاض تكاليف الشحن، إذ كانت تصل تكلفة شحن الحاوية الواحدة من الصين إلى 20 ألف دولار أمريكي، وهذه التكاليف تنعكس على الأسعار بطبيعة الحال.

وانخفضت تكلفة شحن الحاوية الواحدة حاليًا لتصل إلى ثلاثة آلاف دولار أمريكي، ما سيخفض الأسعار مستقبلًا، على حد قول التاجر لعنب بلدي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة