النظام السوري يحدد ما يريد تطبيقه من القرار “2254”

وزير الخارجية بحكومة النظام السوري فيصل المقداد- 21 أيار 2022 (روسيا اليوم)

camera iconوزير الخارجية بحكومة النظام السوري فيصل المقداد- 21 أيار 2023 (روسيا اليوم)

tag icon ع ع ع

قال وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، إن الوضع العربي الراهن “واعد” على صعيد تعميق العلاقات بين الدول العربية، مشيرًا إلى أن اللقاءات في جدة خلال اجتماع الجامعة العربية، وخاصة مع السعودية، كانت على مستوى “المسؤولية والطموحات”، مشيرًا إلى أن “سوريا ستطبق ما يهمها من القرار الأممي 2254”.

وبحسب ما قاله المقداد لقناة “روسيا اليوم“، وأعاد موقع الخارجية السورية نشره اليوم، الاثنين 22 من أيار، فإن بيان عمان الذي صدر مطلع أيار الحالي، تحدث عن “حل تدريجي للأزمة”، وهذا شيء صحيح، لأنه لا يمكن القضاء على الإرهاب، ولا يمكن إنعاش الأوضاع الاقتصادية، ولا يمكن للاجئين أن يعودوا مباشرة بين يوم وليلة، إذ يجب تهيئة الظروف لهم.

“خطوة بخطوة”

وقال المقداد في تعليقه على مقاربة “خطوة بخطوة”، التي كان طرحها المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، “لم نتحدث عن خطوة مقابل خطوة بل تحدثنا عن اتخاذ خطوات في الوصول إلى حلول للأوضاع التي مرت بها سوريا نتيجة تصديها للهجمة الإرهابية التي تعرضت لها، والمدعومة من قبل بعض الدول الأوروبية والحكومات الإرهابية التي ما زالت تصر على مقاطعة الشعب السوري حتى هذه اللحظة”.

ومنذ مطلع 2022، سعى بيدرسون لطرح مقاربته بشكل متكرر، وكأنها آخر الحلول التي قد تؤثر في الملف السوري، بعد وصول محادثات اللجنة الدستورية إلى طريق مسدود، وتعرضه لعديد من خيبات الأمل المتلاحقة، إثر عدم توصل جهتي التفاوض من النظام والمعارضة إلى حل سياسي.

وصوّر بيدرسون المقاربة التي يتحدث عنها، والتي تتجلى بوجود تقارب أمريكي- روسي بالملف السوري، وهو حجر الأساس في مقاربته، بأنها لا تزال في مرحلة العصف الذهني، وأن هنالك جولات إضافية من المشاورات، ولكن خطوات التقارب بين الدولتين لم تبدأ الآن.

وسأل رئيس منصة “موسكو”، قدري جميل، غير بيدرسون، في أثناء وجوده بموسكو، “أنت تقول إنك تريد تنفيذ قرار مجلس الأمن (2254) عبر سياسة (خطوة بخطوة)، هل من الممكن أن تقوم بتوضيح الذي تقصده، لأنه لا أحد يفهم ما الذي تريده، ما المقصود بـ (خطوة بخطوة)؟”، بحسب ما نشرته صحيفة “قاسيون” التابعة لحزب “الإرادة الشعبية”، الذي يمثله جميل.

ورد بيدرسون قائلًا، “مثلًا نقوم بطرح ملف المعتقلين بـ (2254)، ونطلب من الطرف الآخر أن يكون ذلك مقابل تخفيف شيء من العقوبات عليه”.

ورد جميل بأن “هذه الخطوات صغيرة جدًا، وإذا قام بيدرسون بطرحها فليس من المعروف إن كانت الخطوة ستسير إلى الأمام أم سترجع إلى الخلف؟ (…) لأن هذه الأمور الجزئية لا يمكن حلها خارج إطار الحل الشامل للأزمة السورية، لأن الحل الشامل هو الذي يضمن تنفيذ جميع بنود”.

في تشرين الأول 2021، كشفت صحيفة “الشرق الأوسط” مضمون ما أسمته “وثيقة سرية” مُقترحة من الأردن تعطي مقاربة جديدة للتعامل مع دمشق.

وتضمّن أحد مقترحات الوثيقة السرية، أن يؤدي الأردن “انخراط اختباري” مع النظام، قبل أن توسع الاتصالات مع كبار الموظفين القائمين على الوثيقة، لصوغ خريطة تنفيذية لمقاربة “خطوة بخطوة”، متضمنة ملفات كتغيير سلوك النظام إزاء العملية الدستورية، ودور إيران، وعودة اللاجئين، واستثناءات من العقوبات، وإعادة الإعمار.

كيف يرى النظام “2254”

عن ورود القرار “2254” في اجتماع الجامعة العربية الأحدث، قال فيصل المقداد، “منذ اعتماد القرار الدولي (2254)، الذي أسهم الأصدقاء في صناعته، قلنا إننا سننفذ ما يهم سوريا منه، وعلى هذا الأساس نسعى إلى الحل السياسي الذي يستلزم القضاء على الإرهاب وإعادة إنعاش الأوضاع الاقتصادية وإزالة العقوبات غير الأخلاقية وغير المبررة المفروضة من الدول الغربية”.

وفي 18 من كانون الأول 2015، صوّت وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة حينها، بان كي مون، والمبعوث الدولي إلى سوريا حينها، ستيفان دي مستورا، بالإجماع على مشروع قرار بشأن “عملية السلام في سوريا” حمل الرقم “2254”.

وبُني هذا القرار على المبادئ التي نصت عليها وثيقة “جنيف 1”، التي أعلن عنها البيان الختامي الصادر عن اجتماع “مجموعة العمل من أجل سوريا” في 30 من حزيران 2012، إذ نص على أنه “يجب على الأطراف أن تلتزم مجددًا بوقف دائم للعنف المسلح بجميع أشكاله (…) وتكثيف وتيرة الإفراج عن الأشخاص المحتجزين تعسفيًا وتوسيع نطاقه، بما يشمل على وجه الخصوص الفئات الضعيفة، والأشخاص الذين شاركوا في أنشطة سياسية سلمية”.

شمل القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية 16 مادة لم ينفذ أي منها حتى الآن، تضمنت أبرزها وقفًا دائمًا لإطلاق النار من خلال جهود الدول صاحبة التأثير على النظام السوري والمعارضة، ضمن خطة تنفيذ لعملية سلام وفق أسس سياسية تضم تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة في غضون ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا بعد أن تتم صياغة دستور جديد لا يستند إلى أسس طائفية تحت إشراف ومراقبة من الأمم المتحدة.

كما ضم القرار إجراءات بناء ثقة بين الأطراف المتنازعة، مثل فتح ممرات إنسانية، والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول السريع والآمن إلى جميع أنحاء سوريا، والإفراج عن المعتقلين بشكل تعسفي، وخاصة النساء والأطفال منهم.

وطالب القرار بتوقف جميع الأطراف عن تنفيذ أي هجمات ضد المدنيين والمرافق الحيوية والطبية وفرق العمل الإنساني، وعودة النازحين داخليًا إلى منازلهم، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، وتقديم المساعدة للدول المضيفة للاجئين.

ماذا عن المخدرات

وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، قال عن ملف المخدرات الذي تُتهم دمشق بالإشراف عليه: “نحن نعاني مشكلة المخدرات ونأمل من الدول الأخرى التعاون معنا بشكل مخلص من أجل القضاء على هذه الظاهرة، وقد اتفقنا في اجتماعات عمان على تأليف لجنة سورية- عراقية ولجنة سورية- أردنية للتعاون في القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة جدًا، والتي يجب أن نحاربها بقرار من الدولة السورية”.

وفي 14 من نيسان الماضي، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، بوب مينينديز، إن بشار الأسد، “مجرم حرب، ويدير دولة مخدرات”.

كما انتقد مينينديز، عبر “تويتر“، جهود التطبيع العربية مع النظام، لافتًا إلى أنها تتجاوز انتهاكاته، كون استمرار تهريب المخدرات يهدد مجتمعات المنطقة.

التصريح الأمريكي سبقه آخر، في 13 من الشهر نفسه، وجاء على لسان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، مايكل ماكول، الذي اعتبر التطبيع مع النظام إضفاء شرعية عليه كرئيس دولة مخدرات إرهابية، وترسيخًا لنفوذ إيران.

وقال ماكول عبر “تويتر“، إن “الأسد يقصف السوريين ويقوض الاستقرار الإقليمي (…) إن إعادته إلى الجامعة العربية خطأ استراتيجي”، داعيًا الدول العربية للتراجع الفوري عن الخطوات التي تصب في هذا الإطار.

لن نطبّع مع تركيا

شدد الوزير بحكومة النظام على أن سوريا لن تطبّع علاقاتها مع “بلد يحتل أرضها مثل تركيا”، إذ تعمل دمشق على التشاور وعقد بعض الاجتماعات للوصول إلى إنهاء الوضع “الشاذ” على الأرض السورية، وهو تصريح متكرر لدبلوماسية النظام خلال الأشهر القليلة الماضية.

“إن التطبيع لا يمكن إلا أن يكون نتيجة لانسحاب القوات التركية من سوريا، ونحن نقدّر عاليًا الجهد الذي بذله الأصدقاء الروس ونقدّر كذلك انضمام إيران إلى المحادثات التي تمت على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية، ونحن متفائلون دائمًا، إذ يجب على الاحتلال أن ينتهي سواء كان في الشمال الغربي أو الشمال الشرقي والتنف”.

وصلت عجلة التطبيع بين النظام السوري وتركيا اليوم إلى مستوى متقدم، إذ تمكنت روسيا من جمع الطرفين بحضور إيران في العاصمة موسكو، بتمثيل دبلوماسي مختلف وصل إلى وزراء الخارجية، بينما لا تزال التصريحات تتوالى حول احتمالية الاجتماع على مستوى الرؤساء.

وفي 10 من أيار الحالي، اتفق وزراء الخارجية الأربعة (تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري) على توجيه نوابهم لإعداد خارطة طريق لتطوير العلاقات بين أنقرة ودمشق، وفق بيان للخارجية الروسية جاء في ختام اللقاء الرباعي.

ونقلت وكالة “تاس” الروسية، أن المشاركين في اللقاء اتفقوا على إعداد خارطة الطريق بالتنسيق مع وزارات الدفاع في الدول الأربع.

كما أشار الوزراء إلى “أجواء إيجابية وبنّاءة”، مع الاتفاق على مواصلة الاتصالات رفيعة المستوى والمحادثات الفنية بالشكل الرباعي خلال الفترة المقبلة.

وأجرى الوزراء مناقشة مركّزة وصريحة حول القضايا المتعلقة باستئناف العلاقات بين أنقرة ودمشق في مختلف المجالات، وفق “تاس“.

المشاركون أكدوا التزامهم بسيادة سوريا ووحدة أراضيها ومكافحة الإرهاب يجميع أشكاله ومظاهره، مع التأكيد على أهمية زيادة المساعدات الدولية لسوريا، وتسهيل العودة الطوعية والآمنة الكريمة للسوريين إلى وطنهم، وإعادة الإعمار بعد “الصراع”.

وذكر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عبر “تويتر”، أن الاجتماع تطرق إلى التعاون في توفير البنية التحتية للعائدين، ودفع العملية السياسية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وضرورة حماية وحدة أراضي سوريا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة