مدرّسون يتقاضون بالدولار..

رسوم الدورات الخاصة ترتفع بالحسكة

camera iconمعهد خصوصي في الحسكة لدورة صف التاسع - كانون الثاني 2023 (معهد سوريا الخاصة/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

مع نهاية امتحانات الصفوف الانتقالية، يتجهز الطلبة الذين سيصبحون العام المقبل في الصفين التاسع و”البكالوريا” للتسجيل في الدورات التعليمية الخاصة، التي باتت بديًلا عن المدارس الحكومية.

وشهدت أجور الدورات ارتفاعًا “كبيرًا” هذا العام، بحسب ما ذكره عديد من السكان الذين التقتهم عنب بلدي.

الارتفاع في التكاليف أقلق عديدًا من الأهالي بشأن قدرتهم على تحمّل تكاليف هذه الدورات، وهي الخيار الأفضل لتوفير تعليم جيد لأولادهم.

فوق القدرة وبالدولار

منذ نحو أسبوعين، تبحث حنان حسين (45 عامًا) عن معهد في مدينة القامشلي يوفر دورات ودروسًا خاصة ضمن قدرتها المالية لابنتها المقبلة على “البكالوريا” العام المقبل.

قالت حنان لعنب بلدي، إن الدورات أصبحت “مكلفة جدًا” بما يفوق قدرة كثيرين على تسجيل أبنائهم فيها، وإن أغلب المعاهد لا تراعي أحوال الأهالي الاقتصادية المتدهورة.

حنان أوضحت أنه لولا وجود زوجها في إحدى الدول الأوروبية منذ عدة سنوات لما فكرت في تسجيل ابنتها بالدورات الخصوصية، خصوصًا أن “أغلب المدرّسين” أصبحوا يتعاملون بالدولار حصرًا.

وعن التكلفة، ذكرت حنان أن الدورة التعليمية الخاصة ستكلفها نحو مليوني ليرة سورية تُدفع على قسطين، على الرغم من أنها ستسجل ابنتها فقط في المواد الأساسية، مثل الرياضيات والفيزياء واللغة العربية.

ويوجد في مدينة القامشلي وبقية مدن الحسكة عديد من المعاهد التي تتفاوت فيها رسوم الدورات بحسب عدد الطلاب في كل مجموعة، وخبرة الأساتذة المتعاقدين مع هذه المعاهد، والتجهيزات التي يضمها المعهد.

تسعير كيفي

علمت عنب بلدي من عدة طلاب، أنه لا يوجد رسم موحد للدورات، ما يترك المجال مفتوحًا أمام المدرّسين للتحكم بالأسعار بعيدًا عن أي رقابة.

الطالبة جنى نور من القامشلي، سجلت بأحد هذه المعاهد الخاصة لصف “البكالوريا”، وأوضحت لعنب بلدي أن رسم دورة مادة الرياضيات لوحدها بلغ مليونًا و200 ألف ليرة، علمًا أن عدد الطلاب في كل مجموعة يبلغ 30 طالبًا، والعربي والكيمياء نحو 500 ألف ليرة لكل مادة، والفيزياء بـ600 ألف ليرة.

في حين يصل متوسط رسم دورة الرياضيات الخاصة إلى نحو أربعة آلاف دولار، إذا أراد أهل الطالب أن تكون الدورة خاصة بابنهم أو ابنتهم فقط داخل منزلهم.

محمد حسين، من سكان الحسكة، يجد نفسه في مواجهة تحديات مالية كبيرة وهو يحاول ويحلم في توفير “تعليم جيد” لابنه، وقال لعنب بلدي، إن “الملايين التي تكلفها الدورات” ستحرم عائلته من تأمين المواد الغذائية الأساسية.

ومع مصدر دخله “المتواضع” كعامل مياومة، والتدهور في قيمة الليرة السورية، يجد محمد نفسه مضطرًا إلى التخلي عن فكرة إلحاق ابنه في أحد المعاهد الخاصة، وليس أمام ولده “إلا الاعتماد على الدروس التي يتلقاها في المدرسة الحكومية”.

“سوق رائجة”

هشام، وهو مدرّس رياضيات في القامشلي، طلب عدم ذكر اسمه الكامل، أوضح أن سيطرة “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا على معظم المدارس، ومنع تدريس مناهج النظام السوري، جعل من الدورات الحل الوحيد للأهالي للتغلب على هذه المشكلة وتأمين استمرار تعليم أطفالهم، خصوصًا بعد عجز حكومة النظام عن تأمين أماكن بديلة عن المدارس التي سيطرت عليها “الإدارة”.

وقال هشام لعنب بلدي، إن المدارس التي تخضع لنفوذ حكومة النظام “مكتظة جدًا وضيقة”، وأغلب المدرّسين لا يداومون فيها، باستثناء بعض المدارس الخاصة التي تتقاضى نحو 500 ألف ليرة سورية عن كل طالب لكل فصل، وحتى طلبة هذه المدارس يلجؤون إلى التسجيل ضمن المعاهد والدورات الخاصة.

باتت الدورات “سوقًا رائجة” اجتذبت كثيرًا من “المتطفلين” ممن لا يحملون شهادات اختصاص في الفيزياء والكيمياء والرياضيات، بحسب المدرّس، إذ إن قسمًا كبيرًا من هؤلاء المدرّسين يحملون شهادات في الهندسة، وهم يؤثرون سلبًا على مدرّسي الاختصاص.

وحول ارتفاع رسوم الدورات، وصف هشام قيمتها بـ”الطبيعية”، مبررًا أن المدرّس يتأثر أيضًا بانخفاض قيمة الليرة السورية التي تجاوزت تسعة آلاف ليرة لكل دولار في السوق السوداء.

ولدى المدرّس عديد من الالتزامات تجاه عائلته وأهله كغيره من أفراد المجتمع، كما أن المبلغ الذي يدفعه الطالب لدورات المعهد تذهب نسبة محددة قد تصل أحيانًا إلى 40% لإدارة المعهد، قال هشام، مشيرًا إلى أنه ليس لدى جميع المدرّسين دورات خصوصية بالدولار، وأن أسماء محدودة ومعروفة هم من يتقاضون الأجور المرتفعة من المدرّسين.

وبحسب هيئة التربية والتعليم في “الإدارة الذاتية”، فإن عدد المدارس بلغ أربعة آلاف و156 مدرسة عام 2022، موزعة في مدن وقرى شمال شرقي سوريا، يتلقى فيها 809 آلاف و123 طالبًا تعليمهم من قبل 41 ألفًا و82 معلمًا من مختلف الاختصاصات.

وفي الحسكة، تقدم 180 ألف تلميذ للامتحانات الانتقالية للفصل الدراسي الثاني في مدارس المحافظة، من إجمالي أكثر من ثلاثة ملايين تلميذ في المناطق الخاضعة لنفوذ النظام السوري، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة