هل ينفذ كليجدار أوغلو خطته بشأن اللاجئين إن فاز برئاسة تركيا؟

لافتة تعد بترحيل السورييين ضمن حملة المرشح الرئاسي عن المعارضة كمال كليجدار أوغلو في ولاية كوجالي - 22 أيار 2023 (NurPhoto)

camera iconلافتة تعد بترحيل السورييين ضمن حملة المرشح الرئاسي عن المعارضة كمال كليجدار أوغلو في ولاية كوجالي - 22 أيار 2023 (NurPhoto)

tag icon ع ع ع

برنامج “مارِس” التدريبي – فاطمة المحمد

يتخوف اللاجئون السوريون في تركيا من تغيرات سياسية مقبلة، بعد الانتخابات الرئاسية التركية، التي يفرد مرشحوها مساحة في خطاباتهم لإعادة اللاجئين إلى سوريا.

وانتهت الجولة الانتخابية التركية الأولى، في 14 من أيار الحالي، ولكن لم يتمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولا منافسه الرئيسي كمال كليجدار أوغلو من الحصول على عدد من الأصوات تتجاوز 50%، مما أدى إلى الانتقال إلى الجولة الانتخابية الثانية، التي تجري يوم الأحد 28 من أيار.

كليجدار أوغلو واللاجئون

كمال كليجدار أوغلو، هو رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، ومرشح عن تحالف “الطاولة السداسية” للانتخابات الرئاسية التركية.

في الجولة الانتخابية الأولى، حصل أردوغان على نسبة 49.50 % من الأصوات، بينما حصد كليجدار أوغلو على نسبة تصل 44.89% من الأصوات، إذ تفوق أردوغان في 51 ولاية بينما تفوق كليجدار أوغلو في 30 ولاية.

قبل الجولة الانتخابية الأولى، صرح كليجدار أوغلو أنه في حال استلم الحكم، سيعيد تطبيع العلاقات مع النظام السوري من أجل إعادة جميع اللاجئين إلى سوريا، وأضاف، “سنرسل إخواننا السوريين إلى بلادهم في غضون عامين على أبعد تقدير، دون عنصرية”.

لكن خطاب المرشح تجاه السوريين تصاعد بعد الجولة الأولى، فركز كليجدار أوغلو بشكل أساسي على ترحيل اللاجئين السوريين، وأطلق حملات عديدة معادية للاجئين، حيث انتشرت اللافتات الانتخابية بنواحي المدن التركية، وكُتبَ عليها “قرّر! السوريين سيذهبون”.

وفي بيان صحفي ادعى أن عدد السوريين في تركيا عشرة ملايين لاجئ، ودعا المنتخبين إلى التوجه لتصويت له، معللًا بأنه في حال عدم فوزه سيأتي 20 مليون لاجئ أيضًا.

وأضاف أن السوريين يغيرون التركيبة الديمغرافية لولاية هاتاي، ويأخذون وظائف وفرص عمل أبناء البلد، على حد تعبيره.

وحسب الأرقام الرسمية من دائرة الهجرة فعدد اللاجئين السوريين في تركيا لا يتجاوز 3.4 مليون لاجئ.

وانتقد رئيس الائتلاف السوري السابق وأحد أعضاء المؤسسين في “حزب المستقبل” (أحد أعضاء الطاولة السداسية) خالد خوجة، اللوحة الإعلانية للحملة الانتخابية التي توعد بها كليجدار أوغلو بترحيل السوريين، قائلًا إن استهداف اللاجئين المسجلين تحت بند الحماية المؤقتة في تركيا وزجهم بالحملات الانتخابية فعل يغذي “الكراهية والعدوانية داخل المجتمع المستقطب أصلًا”، بحسب ما ذكر عبر “تويتر”.

وأكد أن كل السياسيين المطلعين على مسألة الهجرة يعرفون أن الحل الوحيد لإعادة اللاجئين يبدأ من تطبيق قرار الأمم المتحدة “2254”، والذي يتمحور حول تحقيق الاستقرار السياسي في سوريا، وهذا الموضوع وقع عليه كليجدار أوغلو في بيان السياسات المشتركة لأحزاب الطاولة السداسية.

هل يتمكن كليجدار أوغلو من إعادة اللاجئين؟

يرى مساعد الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، محمد السكري، في حديث لعنب بلدي، أنه قد يكون من الصعب في مكان قدرة مرشح المعارضة على تنفيذ وعوده الانتخابية بخصوص إعادة اللاجئين السوريين، فحالة الاستخدام للملف مؤطرة بظروف ومعطيات سياسية حزبية تفرض نفسها، أكثر من كونها برامج سياسية.

“ملف اللاجئين يعتبر من الملفات البارزة والمهمة لجذب الناخبين وتوسيع القاعدة الشعبية”، بحسب الباحث، ومع ذلك “قدم كلجدار أوغلو وعودًا مضبوطة أكثر من التيارات السياسية المعادية للاجئين وإن كانت نظرية، بعدما أنضج مدخلًا لمقاربة إعادة السوريين بعامين، وهذا ما تناولته الوثيقة الاستراتيجية للطاولة السداسية ضمن ملفات السياسات الخارجية والهجرة”.

قضية الإعادة المطروحة للاجئين السوريين مرتبطة بعدة استحقاقات، بحسب السكري، منها احتواء الآثار الأمنية المترتبة على أي محاولة فرض واقع جديد بملفات مثل اللاجئين.

الباحث اعتبر أن سياسات المعارضة لن تحدث تغييرًا كبيرًا في التعاطي مع إعادة اللاجئين، وإنما سيتم تطويع الأدوات الناعمة لتطوير مقاربة من شأنها التضييق عليهم أكثر داخليًا في حال وصول المعارضة، مع استمرار مساعي إيجاد حلول لهواجس تركيا الأمنية في ملفات الأمن والإرهاب والتقارب مع النظام.

وكانت أحزاب الطاولة السداسية المعارضة أعلنت عن برنامجها السياسي تحت اسم “نص اتفاق السياسات المشتركة” التي ستتبعه  في حال فوزها في الانتخابات العامة، وشمل البرنامج عدة مجالات، منها السياسات الداخلية والخارجية، كما ركزت على ملفات الاقتصاد والاستثمار واللاجئين ومنح الجنسية للأجانب.

جوانب قانونية لا يمكن تجاوزها

ذكر الناشط الحقوقي طه الغازي لعنب بلدي أنه في حال استلم كليجدار أوغلو الحكم، يوجد أكثر من جانب قانوني لا يمكن تجاوزه في موضوع عودة اللاجئين السوريين، منها القانون المحلي فيما يتعلق بقانون الحماية المؤقتة، الذي يمنع إعادة اللاجئ السوري إلى بلاده في حال وجود تهديد على حياته أو أمنه أو أسرته.

ولفت الناشط للقوانين والاتفاقات الدولية التي تنص بنودها على حماية حقوق الإنسان وحقوق اللاجئ، من بينها اتفاقية جنيف 1951، بروتوكول نيويورك 1967، اتفاقية مناهضة التعذيب 1984، فكل هذه الاتفاقيات، وثقت وأقرّت مبدأ عدم الإعادة القصرية والتي تلزم كل الدول والحكومات بعدم إعادة أي لاجئ لجأ إلى تلك الدولة، في حال كانت إعادته ستُشكل خطرًا على حياته، أو فكره ومعتقداته.

وأصدرت لجنة التحقيق الخاصة بسوريا، وهي لجنة ملحقة بالأمم المتحدة، في 14 من أيلول 2022، تقريرها بشأن إعادة اللاجئين، وتضمن هذا التقرير جملة أساسية بحسب الغازي، هي أن “الجغرافيا السورية بأكملها غير مناسبة الآن لعودة اللاجئين السوريين إليها”.

واستند الحقوقي إلى منظمة “العفو الدولية” التي ذكرت في تقارير صدرت في شباط وكانون الثاني الماضي، إلى أن هناك من جرى إعادتهم إلى مناطق سيطرة النظام السوري، وجرى توقيفهم واعتقالهم وزجهم في السجون، وأشارت هذه التقارير إلى استمرارية القصف من قبل الطيران الروسي ونظام الأسد على مناطق عدة في شمال سوريا وفي شمال غربي سوريا، وهذا ما “ينفي فرضية أن البيئة الآمنة باتت متوفرة في المناطق السورية لعودة اللاجئين”.

الأحزاب المعارضة والتيار الحاكم ملزمان بوعودهما أمام المجتمع التركي، بحسب الناشط الحقوقي، فالحكومة التركية الحالية أطلقت مشروع إعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم وهذا ما نراه في الإعلام التركي، من خلال اللقاءات والاجتماعات التي يعقدها الرئيس التركي، وتأكيده الدائم خلال الأيام والأسابيع الماضية على مشروع إعادة مليون لاجئ سوري”.

وأيًّا كان الطرف الذي سيستلم زمام السلطة، ستكون هناك إجراءات تضيقية على اللاجئين السوريين، من أجل خلق بيئة قسرية عليهم ودفعهم بالعودة إلى الداخل، على حد قوله.

خطة حكومية مقابلة

في مقابلة تلفزيونية سابقة قال فيها وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، “السوريون أخوتنا ونحن لن نقوم بإرسالهم إلى الموت”، مؤكدًا أن “إرسالهم ليس بشيء صحيح”، وأضاف، “نحن لدينا الإمكانية لإرسالهم إلى منطقة محمية ومناسبة، ونحن نقوم بهذه الخطوة الآن”.

وأجرى صويلو، زيارة لمدينة جرابلس، في ريف حلب الشمالي الشرقي، لوضع حجر الأساس لقرية سكنية بالتعاون مع “صندوق قطر للتنمية”، استكمالًا لخطة الحكومة التركية التي أطلقتها قبل نحو عام لإعادة مليون لاجئ سوري من تركيا إلى سوريا.

وجرى خلال زيارة صويلو وضع حجر الأساس لمشروع بناء ما يصل مجموعه إلى 240 ألف مسكن تتفاوت مساحاتها بين 60 و80 و100 متر مربع، في تسع مناطق مختلفة، على أن يجري الانتهاء من المشروع خلال سنتين أو ثلاث سنوات.

وهو ما يأتي استجابة إلى خطة الرئيس التركي أردوغان، الذي قال في مقابلة مع شبكة “TRT” الحكومية التركية “نعمل على إعادة اللاجئين بشكل آمن خلال فترة قصيرة”.

سبق هذه الخطوة، تصريحات لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال مقابلة مع قناة “TV100″، الثلاثاء الماضي، أوضح فيها أن حكومة بلاده أعادت 550 ألف سوري، إلى مناطق شمال غربي سوريا.

في موازة هذه التطورات، وفي بيان صحفي للجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية السورية، التي قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة في منتصف أيار الحالي، أفادت أن الأوضاع في سوريا لا تزال تشكل عقبة أمام العودة الطوعية والآمنة للاجئين.

ووثقت اللجنة انتهاكات عديدة ضد المدنيين من الاعتقال، والاحتجاز التعسفي، بما في ذلك سوء المعاملة والتعذيب والوفاة في أثناء الاحتجاز، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة