“رسائل الحب والحرب”.. السلطة في مفاصل الحياة  

camera iconسلوم حداد وسلاف فواخرجي لقطة من مسلسل رسائل الحب والحرب 2007 (يوتيوب)

tag icon ع ع ع

يتلخص مسلسل “رسائل الحب والحرب“، الذي عُرض عام 2007، في حكاية ضابط ضخم، مهيب، يخدع أسرة بسيطة للزواج من ابنتها.

أحداث العمل تدور حول “ناظم”، وهو عقيد في الاستخبارات، يسعى للزواج من فتاة تدعى “نيسان”، عبر مكيدة تضع خطيبها وشقيقها في السجن.

يجسد المسلسل، الذي تدور أحداثه في الثمانينيات، ظاهرة استغلال السلطة والنفوذ، وإمكانية فعل عقيد في الاستخبارات ما يريد دون حسيب، كما يتطرق للمقاومة الفلسطينية في لبنان، ودورها في مواجهة القوات الإسرائيلية.

تمشي الحبكة ما بين الحب والحرب كما هو اسم المسلسل، وليس بالضرورة أن تشير الحرب فقط إلى المعارك في لبنان، فشخصية “ناظم” نفسها لديها الاستعداد لافتعال حرب للحصول على ما تريد، وكلمة “حرب” هنا، تعبير رمزي عن القدرة على تدمير حياة الناس، تمامًا كما تترك الحرب أثرها المدمر في المجتمعات.

“نيساني أنت بالنسبة لي الشام الذي لا يمكن لأحد أن يؤذيها”، جملة يقولها “ناظم” لـ”نيسان” في أحد المشاهد، ضمن رسالة طويلة، تعكس طريقة تفكير العسكر في الحكم وحتى الحياة الخاصة.

برز “ناظم” طوال العمل كشخصية تميل إلى التملك والحفاظ على مكتسباتها، تحمل طريقة تفكير العسكر القاسية في النظرة إلى البلاد والمجتمع والحب أيضًا. تمثّل شخصية “نيسان” بالنسبة لـ”ناظم”، المدينة التي حلم بامتلاكها وحكمها، والقتال لأجل الحفاظ على هذا الملك بغض النظر عن رضا المحكومين أو رأيهم، المهم هو ما يحصل عليه العسكر والباقي هي تفاصيل يمكن إدارتها والتعامل معها.

يبرز العمل أنماطًا متعددة من المجتمع السوري في تلك الفترة التي كانت تشهد نهاية المد القومي بعد رحيل أحد أبرز رموزه (الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر) قبل الأحداث بأعوام قليلة، والتغيرات السياسية وأثرها على المجتمع، بالإضافة إلى حديث مطوّل عما يمكن للإنسان المؤمن بقضيته وبالحياة فعله في مواجهة حتى الموت نفسه في لحظة ما.

العمل الذي يمتد لـ30 حلقة، لا يجامل في الحب على حساب الواقع، ليس بالضرورة أن تكلل قصص الحب الجميلة بالنجاح والنهايات السعيدة، الواقع ليس كذلك، وحياة شخوص العمل لا تمشي ضمن هذا الإطار.

يمكن قراءة العمل اليوم بشكل مختلف عن الفترة التي عُرض بها للمرة الأولى في 2007، وقراءة أدوار “حزب الله” في عملية انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية عام 2000، إذ إن العمل يمجّد ما لا يمكن قبوله اليوم تجاه الحركات السياسية والعسكرية التي رفعت شعار مقاومة إسرائيل لسنوات طويلة.

وفي المقابل، فإن العمل يشكّل فرصة لإعادة قراءة فكرة المقاومة بحد ذاتها وتحريرها من الارتباط بهذه الحركات، ونسف مبدئها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، أو فهم أدواره في المنطقة، من هذا المنطلق يمكن قراءة العمل من زاوية أخرى أيضًا.

المسلسل من تأليف ريم حنا وإخراج باسل الخطيب، وبطولة سلوم حداد وسلاف فواخرجي وقصي خولي ورامي حنا وريم علي، وهو متاح للمشاهدة عبر منصة “يوتيوب”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة