يصيب الرجال بعد الـ60 عامًا.. ما داء باركنسون

داء باركنسون

camera iconImage Source: Canva

tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

داء باركنسون هو واحد من الأمراض العصبية المشهورة، ومما أعطاه الشهرة بين الناس إصابة بعض المشاهير به، على رأسهم الملاكم الراحل محمد علي كلاي، ويسبب هذا المرض رعشة مميزة في اليدين، كما يسبب أيضًا عديدًا من الاضطرابات الحركية وغير الحركية.

ما داء باركنسون

داء باركنسون (Parkinson’s Disease) ويسمى أيضًا الشلل الرعاشي، هو حالة تنكسية في الدماغ تتفاقم تدريجيًا، وتؤثر على النظام الحركي في الجسم مسببة أعراضًا حركية (تيبس وصلابة الأطراف، والحركة البطيئة والرعشة وعدم التوازن فيها)، إضافة إلى طائفة واسعة من المضاعفات غير الحركية (الضعف الإدراكي واضطرابات الصحة العقلية واضطرابات النوم والألم واضطرابات حسية أخرى).

داء باركنسون هو اضطراب الحركة الأكثر شيوعًا، يصيب الرجال أكثر من النساء، وعادة ما يحدث عند كبار السن فوق 60 عامًا ونادرًا ما يصيب الشباب، وعندما يصيب المرض الأشخاص الأقل من 50 عامًا يطلق عليه داء باركنسون الشبابي، ويبلغ متوسط العمر المتوقع للمصاب بعد تشخيص المرض بين 7 و14 سنة.

وتعود تسمية داء باركنسون بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب الإنجليزي جيمس باركنسون، الذي نشر أول وصف تفصيلي في مقال عن رعاش الشلل في عام 1817، وقد حدد يوم باركنسون العالمي في 11 من نيسان (عيد ميلاد جيمس باركنسون) للتوعية العامة بهذا المرض، ويُستخدم التوليب الأحمر كرمز للمرض.

ما أسباب الإصابة بداء باركنسون

عند الإصابة بداء باركنسون يُشكّل السينوكلين (بروتين موجود في الدماغ يساعد على تواصل الخلايا العصبية) مجموعات تسمى أجسام ليوي (Lewy bodies) في الخلايا العصبية بمناطق معيّنة من الدماغ وفي خلايا عصبية بالقلب والمريء والأمعاء وأماكن أخرى، وهذا يؤدي إلى تلف الخلايا العصبية المنتجة لمادة الدوبامين في هذه المناطق، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى المادة، ما ينتج عنه مجموعة معقدة من الأعراض، إذ إن الدوبامين مادة كيماوية موجودة بشكل طبيعي في جسم الإنسان، وتعمل كناقل عصبي، بمعنى أنها ترسل الإشارات بين الجسم والدماغ، وتؤدي دورًا في التحكم بالحركات التي يقوم بها الشخص، بالإضافة إلى الاستجابات العاطفية، وعليه فإن المحافظة على توازن الدوبامين هي أمر حيوي لكل من الصحة البدنية والعقلية.

ومن غير المعروف حتى الآن سبب هذه الحالة، ولكن يُعتقد أنها تنشأ عن تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والتعرض للعوامل البيئية، مثل المبيدات الحشرية والمذيبات وتلوث الهواء على مدى الحياة.

وهناك عدة عوامل تزيد من خطر الإصابة بداء باركنسون تشمل:

السّن: نادرًا ما يصاب الشباب بداء باركنسون، حيث يظهر المرض في منتصف العمر ولدى كبار السن، ومع التقدم في السن أكثر فأكثر تزداد درجة خطر الإصابة بالمرض.

الوراثة: إذا كان في العائلة قريب أو أكثر مصابًا بداء باركنسون فإن خطر الإصابة به يزداد على الرغم من أن هذا الاحتمال لا يزيد على 5%، وقد تم الكشف مؤخرًا عن أدلة تثبت وجود شبكة كاملة من الجينات المسؤولة عن برمجة بنية الدماغ ووظيفته.

الجنس: الرجال أكثر عرضة للإصابة بداء باركنسون من النساء.

التعرض للسموم: التعرض المتواصل لمواد قتل الأعشاب والمبيدات الحشرية يرفع قليلًا من درجة خطر الإصابة بباركنسون.

الأدوية: قد تتسبب بعض الأدوية في اختلال التوازن بين النواقل العصبية الدماغية، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدوبامين، ومن أمثلتها أدوية الستاتين.

إصابات الرأس: يعد الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات في الرأس أكثر عرضة للإصابة بداء باركنسون.

ما أعراض داء باركنسون

يعاني مرضى باركنسون أعراضًا حركية وأخرى غير حركية، وقد تختلف هذه الأعراض من مريض لآخر.

وتشمل الأعراض الحركية الرئيسة الأربعة لداء باركنسون الآتي:

1- ارتعاش الأطراف حتى عند عدم الحركة، الرعشة المميزة التي تصاحب داء باركنسون تبدأ غالبًا في إحدى اليدين، وهي تظهر في أثناء الراحة على شكل فرك إصبع الإبهام بإصبع السبابة بحركة متواترة إلى الأمام وإلى الخلف تسمى رعاش عد النقود، وهذا هو العرض الأكثر انتشارًا ولكن لدى نسبة كبيرة من مرضى باركنسون لا تظهر رجفة قوية يمكن ملاحظتها.

2- بطء الحركة، تصبح حركات المريض بطيئة ومشيته متثاقلة وكأنه يجر قدميه جرًا.

3- تصلب أو تيبس العضلات، يظهر تيبس العضلات غالبًا في الأطراف وفي منطقة مؤخرة الرقبة، وقد يكون أحيانًا شديدًا جدًا إلى حد أنه يقيّد مجال الحركة ويكون مصحوبًا بآلام شديدة.

4- عدم الاتزان واحتمالية السقوط، وهو عرض شائع لدى مرضى باركنسون رغم أنه يكون معتدلًا بشكل عام حتى المراحل الأكثر تقدمًا من المرض.

وتتضمن الأعراض الحركية الثانوية ما يلي:

الجمود في تعابير الوجه.

القامة المحدبة.

الكلام بصوت هادئ وعلى نفس الوتيرة.

فقدان الحركات التلقائية، بما فيها رمش العين والابتسامة وتأرجح الذراع عند المشي.

صعوبة في تغيير وضعية الجسم.

اختلاف في المشية.

ومن الأعراض غير الحركية التي تظهر:

فقدان حاسة الشم.

صعوبة في البلع.

الإمساك الشديد.

الدوخة عند النهوض بسبب هبوط الضغط الانتصابي.

المعاناة من الاكتئاب والقلق.

الأرق، واضطرابات النوم كالأحلام الصاخبة والتحرك والتحدث في أثناء النوم.

ذهان وهلاوس.

بطء التفكير ومشكلات في الذاكرة والتركيز.

صعوبة في تحديد العلاقات البصرية المكانية.

صعوبة بالكتابة، ويصبح الخط صغيرًا ومتعرجًا.

الخرف.

كيف يتطور المرض

هناك أنماط نموذجية للتقدم في داء باركنسون يتم تحديدها على مراحل:

المرحلة الأولى: خلال هذه المرحلة الأولية، يعاني الشخص أعراضًا خفيفة لا تتداخل مع الأنشطة اليومية، كما يحدث الرعاش وأعراض بطء الحركة الأخرى على جانب واحد من الجسم فقط، وتحدث تغييرات في المشي، وتعبيرات الوجه.

المرحلة الثانية: تتفاقم الأعراض، وتؤثر الهزات والتيبس (التصلب)، وغيرهما من أعراض الحركة في جانبي الجسم، كما قد تكون مشكلات المشي والضعف واضحة، ولكن يظل الشخص قادرًا على العيش بمفرده، لكنه ينجز المهام اليومية بصعوبة، وتأخذ منه وقتًا أطول.

المرحلة الثالثة: تُعد المرحلة المتوسطة، حيث تتسم بفقدان التوازن، وبطء الحركة، ولكن يستطيع الشخص أن يعيش مستقلًا، غير أنه يمارس أنشطته اليومية بصعوبة، مثل خلع الملابس والأكل، وتأخذ منه وقتًا أطول.

المرحلة الرابعة: تكون الأعراض شديدة ولكنها محدودة، ويمكن للمريض أن يقف دون مساعدة، لكن قد تتطلب الحركة مساعدة، مثل أداة مساعدة على المشي، كما يحتاج المريض إلى المساعدة في أنشطة الحياة اليومية، ويكون غير قادر على العيش بمفرده.

المرحلة الخامسة: تُعد المرحلة المتقدمة، حيث يضعف المصاب، ويؤدي التصلب في الساقين إلى عجزه عن الوقوف أو المشي، ويكون بحاجة إلى كرسي متحرك، كما يحتاج إلى رعاية على مدار الساعة للقيام بجميع الأنشطة اليومية.

وفي الحقيقة، لا يعد داء باركنسون قاتلًا في حد ذاته، ولكن يكون المرضى عرضة للسقوط بسهولة، بالإضافة إلى ذلك فإن مرضى باركنسون أكثر عرضة للإصابة بعدوى قد تهدد الحياة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة