فلكلور التخوين والفساد في دوري البلاد

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

هناك، فيما يسمى الدوري الممتاز التابع لاتحاد كرة النظام السوري، وعن أي ممتاز يتحدثون أنا لا أعلم، ولربما كثير ممن يسمع أخبار الرياضة ويتابعها لا يعلمون أيضًا، انتهت منافسات دوري كرة القدم، وفاز نادي الفتوة باللقب بعد 33 عامًا من آخر مرة صعد فيها إلى منصة تتويج الدوري.

أفراح ومباركات في حضرة من فاز وحصد اللقب، وعاصفة من التشكيك والتخوين والاتهامات تكفلت بها بقية الأندية، وخصوصًا من نافس وصارع حتى الجولة الأخيرة.

فلكلور سوري معروف ومشهور لدى أبناء الجيل القديم، ممن تابع كرة القدم في البلاد وهي بحكم الهواية ثم الاحتراف، قبل أن يطلق على المسابقة اسم الدوري الممتاز والبلاد ممزقة، والملاعب أقرب ما تكون إلى أماكن لرعي الحيوانات أو في أحسن الأحوال مدينة ملاهٍ للأطفال في الأعياد… ما علينا.

قصص الدوري في بلادنا بل والمسابقات الكروية بالمجمل للفئات العمرية والكأس، وسابقًا السوبر وبطولات الصحفيين والدورات الرمضانية ودورات المحبة والسلام والوفاء وكل هذه البضاعة تطالها الاتهامات، وتبدأ في كل موسم إشارات ودلالات الفساد تطفو على السطح، ثم تغيب.

في جداول المراقبين والحكام وإدارة الاتحاد وصولًا إلى الأندية وطواقمها، وحتى في وسائل الإعلام، حكاية ينتظر فيها أصحاب المراكز العليا على مستوى الحزب والمنظمة الرياضية حتى تصبح فضيحة، لكن تأتي إجراءات الردع والعقوبات وتلبيس الطرابيش بين هذا وذاك، ولا بأس بالتضحية بأحد الأندية حتى لو كان مرموقًا أو مدعومًا، فهذه “الخاتيلة وإبر البنج” ستهدئ الشارع قليلًا وتبعد عنهم أقلام الصحفيين وشعارات المعترضين، الذين إما أن يصمتوا بعد الردع وإما أن زيارات الفروع وتلفونات الأرقام الخاصة ستتكفل بطي الصفحة… ما علينا.

أكتب هذه الأسطر لا لكي أقول إن الفتوة لم يستحق اللقب، وأهلي حلب كان مظلومًا، وجبلة كان الأجدر، لا أبدًا، أنا لا أهتم لهذه النقاط ولا أدخل في تفصيلات من لا يحكم تفاصيله ولا يعرفها وليس سيدًا عليها، فأي نتيجة ستحصل عليها من أندية تلعب على منشآت كانت قبل سنوات قليلة مراكز لاعتقال وتصفية وسجن وقتل وسحل أبناء الشعب السوري؟ النتيجة الوحيدة هي أن هؤلاء الذين لم يبقَ لهم وزن كروي عربي أو آسيوي يتفاخرون فقط بالرقص على مسرح الجريمة، ويتفننون بفلكلور التخوين والفساد والرشى وحب القائد المفدى.

ما أريد قوله، إن العبث داخل أروقة الدوري والمسابقات المحلية لم يتوقف منذ 40 عامًا، يعلو وينخفض بحسب شكل الأندية والقائمين عليها من رؤوس الأموال والتجار والمرضي عليهم لدى صنّاع القرار الرياضي والأمني والسياسي، أحيانًا لا يكون وزن العبث مكلفًا أو مهمًا فتُترك الأمور والحالة التنافسية بطريقة تُشعرك أن الصراع جاد على اللقب، وأن كل مباراة تحولت في الجولات الأخيرة إلى ساحة معركة تحتاج إلى الجماهير والالتفاف والصرف والسفر، فيما يخص اللقب وفيما يخص الهبوط إلى الدرجة الثانية، أو حاليًا أصبحت بمسمى الأولى لأن من هم في الطابق الأعلى يطلق عليهم الدوري الممتاز، وبأي ممتاز يتفاخرون ويتشدقون؟ والله لا أعلم.

ولعل أبرز ما يدعو للضحك والسخرية القرارات التي أصدرها اتحاد كرة السيد صلاح رمضان فيما يخص الحضور الجماهيري بعد الزلزال المدمر، وذلك بإقامة المباريات بلا جماهير على أن يُخصص 20 مقعدًا أو 50 لكل نادٍ شرط أن يرفع أسماء الحضور ويأخذ الموافقات اللازمة لهذا الأمر، وقال إيش؟ إيش قال؟ قال إن هذا الإجراء لحماية الجماهير في حال لا قدر الله هبط أو تهشم أو انهار مدرج في الملعب. والله يجعله ملعب.. سيدي.

تتفاجأ بعد صدور القرار بأن بعض المباريات بسمنة والبعض الآخر بزيت، فظهر وبان حجم الأندية أبناء البطة البيضاء وحجم أبناء البطة السوداء، مباريات التزمت فيها بعض الأندية ولم تسمح للجمهور بالدخول، ومباريات دخلت فيها الجماهير وشجعت وهتفت وعلى عينك يا تاجر، فلا حسيب ولا رقيب في هذه المسألة، وكأن مجلس اتحاد الكرة التاريخي يريد القول: الله يخلصنا من هالموسم عن قريب.. بجاه الحبيب.

عمومًا، انتهى الدوري وفرح من فاز باللقب، ومن استطاع الهروب بحكاية شبح الهبوط، وما زلنا نسمع ألحان وأغاني “الميجاريح” من بعض الفرق التي لم يبقَ لها إلا العودة إلى نفس الفلكلور “دفعلو كم ورئة”.

وعلى هاد المنوال ماشي الموال في دوري البلاد، وصب عمي صب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة