“تيك توك” يُخرج حلب من قبضة النظام.. ماذا عن الواقع؟

مقاتلون في "الجيش الوطني السوري" وخلفهم قلعة حلب (تعديل عنب بلدي)

camera iconمقاتلون في "الجيش الوطني السوري" وخلفهم قلعة حلب (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار متداولة عن سيطرة المعارضة على مدينة حلب شمالي سوريا من قوات النظام وحلفائه الإيرانيين، وسط غياب أي تحركات عسكرية أو سياسية تشير إلى ذلك.

وبات تطبيق “تيك توك” مساحة واسعة في الفضاء الإلكتروني لإطلاق وعود متضمنة زمان العملية العسكرية، وأماكن الاقتحام الأولى، دون الاستناد إلى أي مصادر رسمية، وهي حالة تشبه ما يحصل أيضًا على مستوى “تلجرام” واسع الانتشار في المنطقة.

ولم يقتصر الأمر على تسجيلات مصورة أو منشورات، إنما احتل الحديث عن “تحرير” حلب ساعات من بثوث مباشرة لمستخدمين في “تيك توك”، يستضيف بها صاحب البث من ثلاثة إلى خمسة أشخاص وسط تحليلات وتكهنات وتأويلات عن معركة مقبلة نحو المدينة.

“الجولاني” بدأ الحديث

في 27 من أيار الماضي، قال القائد العام لـ”هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، “أبو محمد الجولاني”، بوجود شخصيات مدنية وعسكرية وناشطين ووجهاء ينحدرون من حلب، إن “ما يحول بيننا وبين حلب إلا أن يتوحد ما بقي من الثورة (…)، ولم يبقَ إلا القليل حتى نصل إلى حلب، وأراكم تجلسون في حلب كما أراكم أمامي الأن”.

واعتبر خلال الكلمة التي ألقاها في مؤتمر عنوانه “المؤتمر الثوري لأهالي حلب الشهباء“، أن “حلب هي بوابة الشام، لذلك علينا التركيز عليها في الأيام القادمة، واعتقد أن خلال السنة القادمة أو السنتين القادمتين سيكون هناك تغيير جذري على واقع المعركة في الثورة السورية”.

ولم تنشر مؤسسة “أمجاد” الإعلامية التابعة لـ”تحرير الشام”، الكلمة التي ألقاها “أبو محمد الجولاني”، بعد أن اعتادت على نشر أي كلمة أو لقاء أو اجتماع له، وتناقلت كلمته حسابات لناشطين وغرف “تلجرام” مقربة من “الهيئة”.

وبدأ الإعلام الرديف لـ”تحرير الشام” بنشر صور لأماكن ومعالم من مدينة حلب مرفقة بمنشورات اقتباس لـ”الجولاني” ووعوده بأن “تحرير حلب مقبل”، أو صور لـ”الجولاني” مرفقة بنفس الوعود.

تغريدات ووعود نحو حلب

بعد نحو ساعتين من فوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالانتخابات الرئاسية، في 28 من أيار الماضي، قال الكاتب التركي إسماعيل ياشا، عبر “تويتر“، “والدور على حلب..”.

وتناقلت المنشور غرف “تلجرام” شمال غربي سوريا بكثرة، على أن معركة تركية مقبلة نحو حلب.

وحظي منشور الكاتب التركي بأكثر من 237 ألف مشاهدة.

حساب عبر “تويتر” يحمل اسم “الجبهة السورية” يُعرف عن نفسه بأنه “يغطي الأحداث على الأرض، ويحلل الواقع الميداني”، ذكر في 29 من أيار، “بعد فوز الرئيس أردوغان برئاسة تركيا لولاية جديدة، أستطيع القول أن على مدينة حلب الاستعداد للحرية”.

وحظي المنشور بأكثر من 141 ألف مشاهدة.

مدير مركز “الدراسات الاستراتيجية التركمانية”، عثمان صالح، ظهر عبر تسجيل مصور في “تيك توك“، في 30 من أيار، قال فيه “اعتبارًا من الأسبوع المقبل سيبدأ العد التنازلي لتحرير مدينة حلب من (الإرهاب الإيراني الصفوي)”، على حد قوله.

وحظي التسجيل بـ1.1 مليون مشاهدة.

لا تحركات على الأرض

لم تشهد مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي تل أبيض ورأس العين شمال شرقي سوريا، حيث يسيطر “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، أي تحركات أو استنفار عسكري على الأرض مؤخرًا.

واقتصرت تحركات “الجيش الوطني” على تدريبات عسكرية مكثّفة لرفع الكفاءة القتالية والبدنية لمقاتلي “الفيلق الثالث” في 2 من حزيران الحالي، والتركيز على استخدام الأسلحة الفردية والرشاشات وقواذف الـ”RPG” في أحد المعسكرات بريف حلب الشمالي، وهو أمر اعتيادي وروتيني تجريه “فيالق الوطني”.

ولا يوجد أي حديث رسمي تركي أو تلويح بعمل عسكري شمالي سوريا.

وسبق أن نفذت تركيا بالتعاون مع “الجيش الوطني” ثلاث عمليات عسكرية داخل سوريا، هي “درع الفرات” عام 2016، وشملت مناطق اعزاز وجرابلس والباب ومارع والراعي، وعملية “غصن الزيتون” عام 2018، وشملت عفرين ونواحيها، و”نبع السلام” عام 2019، وشملت مدينتي تل أبيض ورأس العين.

سبقتها حماة

ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها “الجولاني” عن “تحرير” مدن يسيطر عليها النظام.

وفي تموز 2022، اجتمع “الجولاني” مع وجهاء ومهجرين من مدينة حماة، وقال “أنا مستبشر كثيرًا وأسأل الله أن يمكننا بأن نعود إلى حماة في أقرب وقت ممكن، وأن تعودون إلى أرضكم معززين مكرمين”.

وعن سؤاله من قبل أحد الحضور عن وجود معركة وعودة أجاب “الجولاني“، أن “العودة يجب أن لا ننساها، ولا أحد يستسلم للبقاء خارج أرضه”، وتابع “ليس عندي ذرة شك واحدة أن سوريا بأكملها ستتحرر، وربما تكون حماة وريفها من أول المناطق التي تتحرر لقربها من إدلب”.

حلب اليوم

بعد أن كان ثلثا محافظة حلب بقبضة المعارضة عام 2012، شن النظام السوري حملات عسكرية، تسببت بتهدم البنى التحتية وسقوط عشرات آلاف القتلى والجرحى قبل فرضه حصارًا في تموز من عام 2016.

وقيّدت قوات النظام خلال الحصار وصول أكثر من 250 ألف مدني للغذاء والدواء، واستخدمت الأسلحة العنقودية والحارقة المحظورة دوليًا، حسب تقرير من منظمة “العفو الدولية”، صادر في 13 من تشرين الثاني 2017.

وبدأت قوات النظام عمليتها العسكرية الأخيرة في 15 من تشرين الثاني عام 2016 وانتهت في 22 من كانون الأول من العام نفسه، وذلك بعد تهجير مئات الآلاف من العائلات التي خرجت من منازلها.

وبدا جليًا بعد مرور السنوات، سيطرة إيران على مفاصل الحياة في حلب، ونشاط أذرعها في المدينة التي طال مطارها “حلب الدولي” غارات إسرائيلية عدة، بسبب نقل إليه أو احتوائه على أسلحة وضباط إيرانيين.

خلال الأيام التي أعقبت وقوع الزلزال في 6 من شباط الماضي، تصاعد نشاط إيران في مدينة حلب، وأبرزه جولة أجراها قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، إسماعيل قاآني في حلب، تفقد فيها أحوال المتضررين، وأشرف على عمل المنقذين الإيرانيين في مواقع إزالة الأنقاض، وفق ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية، في 8 من شباط.

اقرأ أيضًا: الزلزال ينشّط أذرع إيران في سوريا بمباركة الأسد




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة