انطباعات صغيرة لثورة كبرى

tag icon ع ع ع

شهدت مصر، في 25 من كانون الثاني 2011، مظاهرات شعبية طالبت برحيل نظام الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، عُرفت بـ”ثورة 25 يناير”.

بعد أربعة أعوام، نشر الكاتب المصري الراحل إبراهيم أصلان كتابه “انطباعات صغيرة لحدث كبير”، عن دار “الشروق” المصرية.

يرصد الكتاب المكوّن من عدد من النصوص التي دوّنها الكاتب على الصعيد الاجتماعي، يوميات الثورة التي تصدّرت صحف  العالم بعد إعلان مبارك تنحيه في شباط 2011.

ينقل أصلان في كتابه عددًا من الانطباعات حول حوادث وقصص اجتماعية بسيطة حصلت خلال أقل من عام، دون الخوض بشكل كبير في الأحداث السياسية أو التعليق عليها، وهو ما يجعل الكتاب أشبه بوثيقة اجتماعية صغيرة عن تلك الفترة، خاصة أنه يخلو من أي عاطفة تجاه أي طرف سياسي، هو فقط يتحدث عن الناس.

ولعل أصلان، المولود عام 1935، من أبرز الكتّاب المصريين القادرين على نقل انطباعات حول “25 يناير”، لتميزه برصد التفاصيل الاجتماعية العميقة في المجتمع المصري، ويمكن ملاحظة هذا الأمر عبر رواياته، على رأسها رواية “مالك الحزين”، التي تحولت بدورها إلى أحد أفضل الأفلام السينمائية المصرية “الكيت كات”، من إخراج داود عبد السيد.

اقتباس من الكتاب:

لكن المآسي لا تنتهي في هذه الأيام السود! أنت لن تعرف أبدًا كيف تم تدمير الصورة التاريخية الرائعة التي يحتفظ بها المصريون في ضمائرهم لجيشهم الوطني العظيم.
كيف حدث أن رأينا حشودًا منه تقف هكذا تتبادل قذف الطوب مع الثوار، بينما يتعامل آخرون منهم بمنتهى الوحشية والكراهية والغل مع أشقاء عزل! لقد كان مذهلًا أن نرى جماعة من مقاتلينا وهي تسحل فتاة شابة تعريها وتلاحقها بالركل في صدرها بلا رحمة.

بسهولة شديدة، يعود القراء ممن عاشوا بمصر في تلك الأيام إلى ميدان التحرير (الساحة التي اعتصم فيها المتظاهرون لإسقاط مبارك)، وكأن الكتاب تحول إلى آلة زمن، ينقل قارئه إلى أيام حملت عدة أوجه لمصر، من التنظيم الرائع للمظاهرات والإصرار على النجاح، وحتى الحوادث المؤسفة التي وثّقها أصلان في حكاياته.

أبطال هذه الحكايات هم الناس العاديون في الشارع، المصريون البسطاء الذين تسمّروا حول الشاشات يشاهدون ما يحصل، لا السياسيون ولا الإعلاميون ولا الصحفيون.

هو أيضًا كتاب يحمل الأوجه المتعددة للمشاعر الإنسانية لدى أصلان، وربما شريحة واسعة من المصريين، حول ما يحصل حوله من الفرح والأمل بنجاح الثورة والإيمان بالدور المقبل للشباب في الحياة المصرية، وصولًا إلى خيبة الأمل من الأحداث المتتالية التي أعقبت تنحي مبارك، بما في ذلك المواجهات المتتالية بين المتظاهرين والجيش المصري، ومواقف جماعة “الإخوان المسلمين” وأحداث ماسبيرو وغيرها.

لم يمهل القدر أصلان أن يرى كتابه منشورًا، إذ توفي نتيجة قصور بالقلب في كانون الثاني 2012، بالعاصمة المصرية القاهرة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة