النظام والمعارضة يرفضان المشروع

“الإدارة الذاتية” الكردية تقرّ “نظامًا فيدراليًا” شمال سوريا

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

توصل مئتا عضوٍ من ممثلي الإدارة الذاتيةشمال شرق سوريا، إلى إقرار الصيغة النهائية لوثيقة الفيدراليةفي مناطق الجزيرة وعين العرب (كوباني) وعفرين، معلنين عن نظام الحكم الجديد الخميس 17 آذار.

وبدموع الفرح لـ “حلم طال انتظاره”، احتفل رئيس الإدارة الذاتية في مدينة تل أبيض منصور سلوم، بتولّيه رئاسة المجلس التأسيسي للنظام الفيدرالي لمناطق الأكراد، بالتشارك مع الرئيسة السابقة لمقاطعة الجزيرة، هدية يوسف.

واعتبر رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي، صالح مسلم، في حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن “النظام الجديد يأتي لتنظيم العلاقات بين مكونات مجتمع المناطق الكردية شمال سوريا، دون أن نكون نسخة عن كردستان العراق”.

وفي ختام مؤتمر عقد داخل المركز الثقافي في مدينة الرميلان بالحسكة، واستمر ليومين، بحضور ممثلين عن الإدارة الذاتية والأحزاب والكتل السياسية المناصرة، أعلن عن نظام الفيدرالية وانتخب كل من سلوم ويوسف، كرئيسين مشتركين لـ “المجلس التأسيسي”.

“الفيدرالية” التي ألمح رئيس الائتلاف السوري الأسبق، أحمد عاصي الجربا، إلى إمكانية تنفيذها في سوريا، عقب تأسيسه تيار “الغد السوري”، في مدينة القاهرة المصرية، الجمعة 11 آذار، سبقه إليها “أكراد سوريا”، في خطوة وصفها مراقبون ومحللون بـ “الغباء السياسي”، وأثارت حفيظة السوريين.

وجاء الإعلان بعد سلسلة من التصريحات، بدأها نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، عززته مواقف جهات عديدة أبرزها حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD)، برئاسة صالح مسلم، الذي بدا أنه انسجم بشكل كبير مع توجهات الحزب الكردي، بعد تمدده شمال سوريا وتشكيله نواة “قوات سوريا الديموقراطية”.

التنفيذ على الأرض خلال ستة أشهر

وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي، فإنه من المقرر أن ينتخب المجتمعون الهيئة التنظيمية للمجلس، على أن تتكون من 31 عضوًا مع إمكانية تغيير العدد، ويقع على عاتق الهيئة، بحسب الوثيقة الصادرة عن المؤتمر، مهمة “تطبيق ما ورد في وثيقة النظام الاتحادي الديموقراطي لـ(روج آفا)، شمال سوريا، على أرض الواقع خلال مدة أقصاها ستة أشهر”.

علي جمال، قيادي كردي شارك في المؤتمر، اعتبر، في حديثٍ لعنب بلدي، أن سوريا تعيش حالة حرب وفراغ سياسي والضرورة تستوجب ملأه، واصفًا الفيدرالية بأنها “نظام قائم على التعايش واحترام الآخر، وستكون بكل تأكيد النموذج الأفضل لسوريا المستقبل”.

بدوره قال ممثل “مقاطعة الجزيرة في الإدارة الذاتية”، عمر شيخي، لعنب بلدي إن الاجتماع جاء “بهدف الوصول إلى صيغة موحدة مشتركة، لطرح مشروع فيدرالي تعددي لسوريا المستقبل”، كما نقلت وكالة “رويترز” عن المسؤول الكردي السوري، إدريس نعسان، قوله إن الإعلان “يعني توسيع إطار الحكم الذاتي الذي شكله الأكراد وآخرون”.

المعارضة والنظام يرفضان المشروع

ورفضت المعارضة، متمثلة بالائتلاف الوطني السوري، أي مشروع استباقي “يصادر إرادة الشعب السوري”، وحذر الائتلاف من أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات، مؤكدًا أن مبادئ الثورة السورية “تقوم على ضرورة التخلص من الاستبداد وإقامة دولة مدنية تعددية ديموقراطية تحفظ حقوق جميع السوريين، على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم”.

وأوضح أن “تحديد شكل الدولة السورية، سواءً أكانت مركزية أو فدرالية، ليس من اختصاص فصيل بمفرده، أو جزء من الشعب، أو حزب أو فئة أو تيار، وإنما سيتقرر ذلك بعد وصول المفاوضات إلى مرحلة عقد المؤتمر التأسيسي السوري الذي سيتولى وضع دستور جديد للبلاد، ثم من خلال الاستفتاء الشعبي”.

بينما اعتبر النظام السوري أن إقامة الأكراد نظامًا فيدراليًا في مناطقهم “لن يكون له أي أثر قانوني أو سياسي”، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر في الخارجية قوله إن أي إعلان بهذا الصدد “لا قيمة قانونية له، وطرح الفيدرالية سيشكل مساسًا بوحدة الأراضي السورية بما يتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية”.

ورد القيادي الكردي علي جمال على رفض المعارضة والنظام لمشروع الفيدرالية، موضحًا “بكل تأكيد سيعارض النظام أي مشروع ينهض بالمنطقة، لأنه السبب في ما آلت إليه الأوضاع، أما المعارضة فيجب عليها دعم المشروع لا معاداته، لأن حكم الفرد يخلق التسلط والاستبداد، والفيدرالية بعيدة عن حكم الفرد والسلطة المركزية”.

على الجانب المقابل أعلن قرابة 70 فصيلًا مقاتلًا في سوريا، الجمعة 18 آذار، رفضهم “القاطع” للنظام الذي أعلنه الأكراد، محذرين من أنها “خطوة تهدف إلى تقسيم البلاد”.

وأكدت الفصائل ومن ضمها جيش الإسلام، الذي يمثله كبير مفاوضي الهيئة العليا في جنيف، محمد علوش، أنها ستقاوم الخطوة “بكل ما أوتينا من قوة بكافة الوسائل السياسية والعسكرية”، مشددةً على “وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، ورفض أي مشروع للتقسيم أو ما يمهد له على المدى القريب أو البعيد وتحت أي مسمىً كان”.

هيثم مناع يرفض مخرجات اجتماع الرميلان

“صديق روسيا”، الرئيس المشترك لمجلس “سوريا الديموقراطية” ورئيس تيار قمح، هيثم مناع، رفض بدوره قرارات اجتماع الرميلان، واعتبر، الخميس 17 آذار، أن “تيار قمح غير معني بمخرجات الاجتماع، كما يرفض مجلس “سوريا الديموقراطية” أن تفرض عليه القرارات كأمر واقع، على حد وصفه.

وتعتبر قوات “سوريا الديموقراطية”، وتضم مقاتلين كردًا وعربًا وسريانًا في المنطقة، التشكيل العسكري الأكبر في المنطقة، وتضم تحت جناحها وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديموقراطي، وهو من أبرز الدافعين باتجاه الوصول إلى النظام الفيدرالي.

ودعا مناع التنظيمات المشاركة في الاجتماع لإعادة النظر في قراراتها، “حرصًا على وحدة مكونات مجلس سوريا الديموقراطية السياسية والمدنية والقومية، ونجاح المشروع المشترك من أجل سوريا ديموقراطية”.

كما أكد على “ضرورة بناء دولة ديموقراطية برلمانية، تعتمد اللامركزية الديموقراطية في الإدارة، وتنظيم شؤون المناطق وإعادة البناء والتنمية”، مشددًا على ضرورة “بناء دولة حديثة بجيش وطني واحد ضمن حدود الوطن السوري المشترك، تقوم على احترام حقوق المواطنة وحقوق المكونات الأساسية للمجتمع السوري”.

وخرجت مظاهرات في معظم المدن السورية المحررة من قبضة النظام السوري، الجمعة 19 آذار، رفضت خطوة الفيدرالية، وأحالت فيها شكل الدولة السورية، إلى مرحلة ما بعد إسقاط نظام الأسد، المطلب الذي صدحت به حناجر مئات الآلاف في الذكرى الخامسة للثورة السورية.

جنبلاط: إعلان الفيدرالية بداية لتقسيم سوريا

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، وليد جنبلاط، توافق برأيه مع الفصائل المقاتلة، واعتبر أن إعلان الفيدرالية لا يأتي من جانب واحد، بل إنه توافق مكونات عدة، مضيفًا ” إعلان الفيدرالية من قبل أكراد سوريا هو بداية تقسيم سوريا”.

ووجه جنبلاط اللوم للنظام السوري، “الذي استشرس في القتل والقمع، منذ اللحظة الأولى من الانتفاضة السلمية،  ثم التدمير والتهجير إلى أن أوصل سوريا إلى هذه الحال”، موضحًا أن “التاريخ يعيد نفسه، فبالأمس سايكس وبيكو، واليوم لافروف وكيري، لكن لا تنسوا بلفور الحاضر الدائم”، في إشارة إلى اتفاق سايكس-بيكو ووعد بلفور.

بدوره اعتبر المعارض السوري ميشيل كيلو، أن ما فعله  الأكراد هو تقسيم وليست فيدرالية، مشيرًا “إذا كانت الفيدرالية التي تحدث عنها سيرجي لافرورف، تعني حكمًا ذاتيًا بموافقة جميع السوريين، فلا مشكلة لدينا بخصوصها، فالفيدرالية تقوم على وحدة الدولة والحفاظ على مهامها الأساسية، لكن من غير المقبول الحديث عن دولة كردية كجزء من مشروع إقليمي وليس سوري يفرض علينا بالقوة”.

واشنطن لن تعترفوروسيا ترفض

إعلان الفيدرالية شمال سوريا، دعا العديد من الدول الإقليمية إلى الرد، فسارعت الولايات المتحدة ، موضحةً على لسان نائب المتحدث باسم وزارة خارجيتها، مارك تونر، أنها “لن تعترف بالحكم الذاتي للأكراد في سوريا”.

تونر أضاف أن واشنطن “تؤيد وحدة وسلامة أراضي سوريا، وبالتالي لن تعترف بأي منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي تابع للأكراد”، محيلًا البحث في قضية “أكراد سوريا”، إلى السوريين أنفسهم خلال المرحلة السياسية المقبلة.

وكان اللافت هو الموقف الروسي الرافض للخطوة الكردية، إذ أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنه “لا يحق للأكراد أن يقرروا بصورة أحادية مسائل فدرلة سوريا، لا سيما خارج مفاوضات جنيف”.

ونقلت قناة “روسيا اليوم” عن مسؤولين في وزارة الخارجية قولهم، إنه “يجب على السوريين أنفسهم، أن يقرروا نظام الحكم المستقبلي لبلادهم، ويجب عليهم أن يشاركوا في إعداد مشروع دستور جديد للبلاد”.

بدورها رفضت تركيا استباقيًا الخطوة الكردية، ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في وزارة الخارجية التركية، قوله الأربعاء 16 آذار،  إن “تركيا تدعم وحدة سوريا، وأي خطوات منفردة من جانب واحد باطلة”.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة