رغم “الرعاية” الأممية.. الحصار يطرق أبواب “الوعر” من جديد

tag icon ع ع ع

 جودي عرش- حمص

عشرات الوعود الأممية لم تكن كافية لإبقاء حي الوعر الحمصي، آخر معاقل المعارضة في المدينة، في مأمن من الحصار، والذي عاد إليه بعد إعلان تعليق الهدنة من قبل طرفي النزاع في العاشر من آذار الجاري، وتلاه إغلاق مباشر لكافة المعابر الحيوية، واختفاء واضح لمعظم المواد الغذائية، كما رافقه منع مادة الخبز من الدخول إلى الحي وقطع مستمر للكهرباء.

صدر بيان إعلامي، أوضح فيه ناشطون أن قوات النظام ارتكبت عددًا من الخروقات خلال المرحلة الثانية للهدنة، وانتهت بتعليق الاتفاق من قبلها، حسب الناشط الإعلامي، رضوان الهندي، الذي صرح لعنب بلدي قائلًا “شهدت الهدنة الموقعة بين طرفي النزاع عددًا من الخروقات، كان أبرزها محاولة النظام تجاوز المرحلة الثانية من الاتفاق والانتقال إلى مرحلتها الثالثة، وبهذا الشكل يستطيع تحقيق مكاسبه دون تقديم الأشياء المترتبة عليه، وأهمها ملف المعتقلين، الذي حاول النظام تجاوزه ككل وتأجيل تنفيذه”.

على موعد مع الفشل

وتضمنت المرحلة الثانية من الهدنة المبرمة، عدة مراحل، تشمل جمع 50% من السلاح الثقيل والمتوسط وفقًا لإحصاء مقدم، وإعادة تفعيل المنشآت الحكومية في الحي، إضافة إلى استمرار دخول المواد الغذائية والمحروقات وعودة المهجرين من وإلى أحيائهم، انتهاءً بالإفراج عن المعتقلين والموجودين لدى اللجنة الأمنية، على خلفية الأحداث.

وأوضح الهندي أن النظام رفض بشكل قطعي الإفراج عن المعتقلين الموجودين لدى اللجنة الأمنية، كما رفض أيضًا كشف مصير 7365 معتقلًا حمصيًا قدمت أسماؤهم من قبل لجنة التفاوض، وأردف “عوضًا عن ذلك طالب بخروج المقاتلين من الحي، وهذا الأمر سيؤدي إلى تهجير أكثر من 100 ألف نسمة، وسيساهم بتحقيق هدف النظام الذي يعمل عليه منذ انطلاق الثورة، وهو تغيير ديموغرافية حمص”.

قوبلت مطالب النظام برفض قطعي من قبل لجنة التفاوض وفصائل الحي، تزامنًا مع انطلاق مظاهرات طالب فيها أهالي الوعر بعدم الرضوخ للمطالب، والإفراج عن المعتقلين، وأضاف الناشط “لا هدنة دون إطلاق سراح المعتقلين، وعلى النظام أن يقوم بتنفيذ البنود المتفق عليها دون الالتفاف والمراوغة، فأهالي حي الوعر كانوا قد طالبوا بذلك ضمن مظاهراتهم، رافضين أي حل لا يؤدي إلى إخراج المعتقلين وكشف مصيرهم في القريب العاجل”.

الحصار يعود مجددًا

عودة الوعر إلى الحصار لم يكن بالأمر المفاجئ لأهل المنطقة، فسياسة التجويع المتبعة من قبل النظام السوري كانت قد طبقت عليه منذ ما يزيد على عامين، بهدف “الضغط والرضوخ”، على حد وصف الناشط جلال التلاوي، وأوضح لعنب بلدي أن “هذه السياسة ليست جديدة، رأينا أن النظام يتقن المساومة على الحياة في أكثر من منطقة سورية، من أجل الحفاظ على سيادته وبقائه وتحقيق مآربه السياسية والعسكرية التي يعجز عنها مسبقًا”.

مارس النظام حصارًا شديدًا على الحي، بدأ من تاريخ تعليق الاتفاق بين الطرفين، فأغلق الطرقات المؤدية إليه، ومنع إدخال المواد الغذائية والخضراوات، إضافة إلى منع دخول مادة الخبز، وقطع مقصود للكهرباء، وتابع التلاوي “منع النظام أيضًا وبصورة غير مسبوقة طلاب المدارس والمدرسين والموظفين والمرضى من الخروج والدخول إلى الحي، محاولًا بذلك خلق فتنة فاشلة داخله”، لافتًا إلى أن أحد عناصر قوات الأسد على الحواجز المحيطة برر الحصار بسبب المظاهرات “عملنا هيك مشان المظاهرات.. خلوها تنفعكم”.

لم يكتف النظام بهذا الحد، إذ فرض حصاره على مشفى البر الواقع تحت سيطرته، فمنع دخول وخروج الأطباء إليه، كما منع أيضًا دخول المحروقات، ما أدى إلى توقفه النهائي عن العمل، وأضاف جلال “توقف قسم غسيل الكلى عن العمل في المشفى، وبهذا يكون قد حُكم على عشرات المرضى بالموت، على اعتبار أن هذا القسم هو الملجأ الوحيد لمرضى الكلى، الوافدين إليه من داخل وخارج الحي”.

استجابة سريعة من المجلس المحلي في الحي بعد نداءات استغاثة أطلقها المرضى الموجودون في المشفى، فأرسل مدير المجلس مادة المحروقات إليه، لإعادة تفعيل قسمي الولادة والكلى، في حين استمرت المنظمات الإنسانية بدعم المرضى ودفع فواتير علاجهم، وهذا الأمر ساهم بتقليل الأزمة الطبية في الوعر إلى حد ما، بحسب التلاوي.

وعود أممية جديدة

دخل وفد مكون من أعضاء المكتب السياسي للمبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، حي الوعر، الخميس 24 آذار الجاري، وترأسته خولة مطر، ممثلة المبعوث، وذلك لبحث العراقيل التي تسببت بتجميد اتفاق الهدنة، وتضمن جدول أعمال الوفد بحث الاتفاق والنقاط العالقة بين طرفي النزاع، إضافة إلى اجتماع مع المجلس المحلي وممثلي المجتمع المدني، وجولة ميدانية للاطلاع على أوضاع الحي، بحسب ما رصدت عنب بلدي.

وناقش الطرفان في الاجتماع نقاط رئيسية، أهمها رأي الأمم المتحدة في جدوى الهدن المحلية، بعدما أبدت لجنة المعارضة استغرابها من تعامل الأمم المتحدة مع واقع الحصار في المدن المختلفة، وقبولها إدخال مساعدات إنسانية فقط، بالرغم من القرارات الدولية التي تنص على فك الحصار كليًا عنها، وأكدت اللجنة أن هذه الحلول لا تفيد في حل الملف كاملًا، إنما تساعد على تخفيف معاناة المناطق، في حين أن الحل الجذري للملف يتطلب وقتًا للتغيير.

وناقش الطرفان في الاجتماع آراءهم حول مفاوضات جنيف، واعتبرت لجنة المعارضة أن اتفاق الوعر كان الفرصة الأخيرة التي تكشف جدية النظام في التفاوض، ولفتت إلى أن النظام يمكنه التعايش مع الأفغان والإيرانيين والشيشان، لكنه لا يستطيع العيش مع سوري واحد متمسك بمطالبه في الحرية والكرامة، مؤكدة أن النظام لا يريد حلولًا.

وفي ذات السياق، عبرت اللجنة عن ضرورة إخراج المعتقلين في حمص، واعتبرت إخلاء سبيلهم خطوة مهمة تفضي لحل السياسي، بينما أكدت مطر في حديثها للجنة، أن حي الوعر لن يعاني من انقطاع الخبز والكهرباء بعد اليوم، كما أن الوفد الأممي حريص على محاولة إعادة سبل التفاوض بين طرفي النزاع من جديد.

هدنة حي الوعر، كانت أبرمت أوائل كانون الأول من العام الماضي، تحت رعاية الأمم المتحدة، وشهدت خروقات أبرزها مقتل عنصرين من عناصر المعارضة بإطلاق رصاص على أطراف الحي، واعتقال عضو للجنة التفاوض في المرحلة الأولى، وعدم التزام النظام بإخراج المعتقلين في المرحلة الثانية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة