منحبك !!ولنا في التاريخ عبرة

no image
tag icon ع ع ع

حنين النقري – دوما

شعبيًّا، نطلق على مجموعة مؤيدي النظام اسم «المنبحكجية»، وغالبًا، فإنّ اللقب مشتق من لفظة لطالما كررها مؤيّدو النظام: منحبك!
ولعلّها الحادثة الأبرز تاريخيًّا التي يُهان فيها لفظ الحبّ فيغدو سُبّةً، وما ذاك إلّا لارتباطه بالعقل الجمعي، وبالموافقة العمياء، دون أيّ إعمال للعقل.. بشكل لم نتبيّنه من قبل، أو ربما، لم نكن ننتبه له، لكنّ الثورة على ذلك، فتحت أعيننا على كثير من أخطاء «الحب»، الحب عندما يصبح تقديسًا جماعيًّا غير عاقل!
الأمر واضح جدًّا في معظم الجماعات الدينية -ولعلّه في أي جماعة تنتمي لفكر واحد-، حيث يصبح الشيخ هو مصدر الصواب وحده، لا شريك له!

9
يصبح التبرّك به، بالقرب منه ماديًا، بتقديس أثره -وفضلاته أحيانًا (!)- بالإيمان بكلامه إيمانًا مطلقًا والكفر بما سواه، ويغدو الخارج عنه من جماعته، مارقًا عن دينه، مرتدًّا!!
ليست مبالغة، بل هي «منحبكجية» كانت نائمة بيننا قرونًا، ولعلّها مما أنبت روح منحبكجية الظُّلّام بيننا، فما دام «العلماء» يتمتعون بهذه المرتبة المتألهة، وما دام كلامهم حاسمًا في جماعاتهم لهذه الدرجة، فإنّ المهمة الوحيدة -والسهلة- للسلطان، هي باستمالة هؤلاء العلماء، بكسب ودهم غالبًا، بصفقة رابحة جدًّا تعطيهم حرّية «الدعوة» ويعطونه معها موثقًا باستمرار التنويم، وإماتة التمرّد في أرضه -إن وجد-، ولعلّ مقتل العديد من المفكّرين المخالفين لحكّامهم شاهد ودليل -سيّد قطب مثلًا-!!
ثورتنا على النظام علّمتنا التمرّد، لكنها لم تقتل -بعد- «منحبك» بيننا، والكثيرون ممن لم يتبعوا ركب الثورة، ما تبعوه عن حب للنظام، إنما لارتباطهم فكريًّا بشيخ أفتى بتحريم التظاهر، أو التفّ على الموضوع بطريقة ما، وما كان لهم الخيرة من أمرهم!!
منحبكجية البوطي، وكفتارو نموذجًا..
الأمر غاية في الخطورة للتنبه له، لئلّا نخلط بين حبّ شخص؛ وبين تمحيص كلامه وفعاله، بين حبّ المبدأ والحق، وحب الأشخاص واتباعهم…
أثناء تصفحي للإنترنت مؤخرًا، لاحظت العديد -العديد حقًّا- من الصفحات، التعليقات، المنشورات المؤيدة لشخص الشيخ معاذ الخطيب، محبّو معاذ الخطيب، معاذ الخطيب منحبّك، وأشباهها باللفظ كثير..
لست بصدد انتقاد شخص معاذ الخطيب، أو أن يحبّه أيّا كان، لكنني أنتقد ظاهرة «منحبك» منحبك بلفظها الجمعي، لشخص لا لمبدأ…
وما كان ذلك لخير يومًا…
ما ورثناه عن النبي صلوات الله عليه، وعن الخلفاء الراشدين كان «أطيعوني ما أطعت الله فيكم»، «وإذا أحب امرؤ أخاه فليخبره بأنه يحبّه».. لا إن أحبت جماعة شخصًا.. ما هكذا تورد الإبل!
ثمّ إن في الأمر -التقديس والحب الجمعي- إعانةً للحاكم على الظلم إن كان ظالمًا، وإثقالًا على أهل الحقّ إن كان الحاكم من أهل الحقّ!!

وإنّ لنا في التاريخ لعبرة، فهلّا تعقّلنا؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة