tag icon ع ع ع

ساهم طول فترة الصراع بتشويه الخارطة الزراعية لسوريا، ففي الوقت الذي تراجع إنتاجها من الثورة والنباتية والحيوانية إلى النصف، وفق التقديرات الأممية، واندثرت بعض المحاصيل الصناعية في عموم المحافظات وخاصة حلب وإدلب وريف حمص، برزت محاصيل أخرى نافست الاستراتيجية، وحلت مكانها حتى إشعار آخر، وذلك لأسباب عديدة.

ويعد عامل ارتفاع تكاليف السقاية، وخاصة للمحاصيل الصناعية مثل القطن والشوندر السكري، من أهم الأسباب التي أدت إلى انعدام هذين المحصولين، إلى جانب زراعة عباد الشمس بنسبة 100% في محافظة إدلب، كما يقول رئيس الغرفة الزراعية السابق عبدو حميدي.

ومن العوامل الأخرى التي زادت من مشكلات المزارعين في المحافظة “عدم وجود جهة مراقبة تشرف على المحاصيل من مرحلة الزراعة حتى جني المحاصيل وتسويقها، ونتيجة لذلك انتهت زراعة الشوندر السكري أيضًا مع خروج معامل سلحب وجسر الشغور ومسكنة عن الخدمة، وخروج العديد من محالج القطن وتوقف مؤسسة الأقطان عن العمل ومعها مؤسسة إكثار البذار”.

ومقابل هذه المحاصيل التي اندثرت وهددت باندثار صفة “إدلب الخضراء” عن المحافظة، برزت محاصيل زراعية أخرى، مثل المحاصيل العطرية والطبية (حبة السوداء، الكمون، الكزبرة، الخ) وقد حافظت على المساحات خلال السنوات الماضية، لكن الجفاف وانخفاض مستوى الأمطار عرّض إنتاج هذه المحاصيل للتراجع أيضًا.

ويعادل مردود هكتار واحد من المحاصيل العطرية، مردود خمسة هكتارات قمح، (يبلغ مردود واحد هكتار من القمح نحو ألفي دولار).

التين ينافس الزيتون وتراجع أعداد المزارعين بشكل كبير


طيلة السنوات الخمس الماضية، كانت محافظة إدلب جبهة مشتعلة بين قوات النظام السوري والمعارضة، وكانت معظم المساحات الزراعية مسارح لعمليات عسكرية، وأهدافًا سهلة، أو في متناول أيدي جنود النظام السوري، لطبيعتها المنبسطة، حيث المساحات الواسعة المزروعة بالحبوب والقطن إلى جانب غابات الزيتون التي تقدر مساحاتها بحوالي 130 ألف هكتار، ونتيجة لهذه الظروف التي تجعل من المحال على الفلاحين الاستمرار بالزراعة التقليدية وبالمحاصيل نفسها والتي تتطلب عناية وسقاية على مدار العام، هجر آلاف المزارعين أراضيهم وتقلصت المساحات المزروعة، لكن تحرير المحافظة بالكامل من قوات النظام خلق أريحية لدى المزارعين بالتحرك والتوجه إلى أراضيهم ومزاولة الزراعة كما في السابق لكن وسط ظروف أصعب فرضتها التكاليف المرتفعة للزراعة.

ونظرًا لصعوبة جني محصول الزيتون في إدلب، التي تضم 15 مليون شجرة، قفزت إلى الواجهة شجرة التين، وتمددت بساتينها، ورغم أنها محصول غير استراتيجي إلا “أن العائد المادي العائد من زراعتها بات يغري الفلاحين كثيرًا، كما أنها لا تحتاج لكثير من العناية والخدمات، مثل القمح والزيتون وغيره من المحاصيل”.

ويبلغ سعر كيلو التين المجفف حاليًا دولارين، في حين كان قبل الثورة بدولار تقريبًا أي أنه ارتفع للضعف وهذا حفز على الزراعة.
واليوم تتزايد مساحات التين على حساب الزيتون والزيت الذي يتراجع سعره، وبات سعر صفيحته ينخفض باستمرار، وقد بلغ العام الماضي سعر صفيحة زيت الزيتون 60 دولارًا أمريكيًا (16 كغ) وهذا العام لا يتجاوز سعرها 37 دولارًا، ويبلغ سعر العبوة الفارغة نحو 500 ليرة وسط ظروف صعبة في تأمين العبوات بعد إغلاق العديد من معامل تصنيع عبوات زيت الزيتون.

ومقارنة مع دول الجوار، يبلغ سعر الصفيحة في لبنان 100 دولار وفي دمشق 45 ألف ليرة تقريبًا (100 دولار).

تعاني اليد العاملة في القطاع الزراعي على مستوى سوريا من ظروف تشغيلية صعبة، وكذلك من تدني الأجور اليومية والشهرية مقارنة بالتضخم وارتفاع الأسعار، إذ يتقاضى العامل يوميًا دولارين بعدد 12 ساعة عمل، ورغم ذلك لا يوجد فرص عمل تستوعب كل العمالة ما يجعل المنافسة شديدة وسط مستويات عالية من الحاجة والفقر المدقع.

الزيتون يتراجع 80% هذا الموسم

تناقص عدد أشجار الزيتون في عموم سوريا بسبب أعمال القطع والحرق، وكان المحصول قبل الثورة بحدود المليون طن سنويًا، لكنه تعرض الآن لـ”انتكاسة كبيرة”، يعتقد حميدي أن سببها “قلة الخدمة والظروف المناخية السيئة، فانخفض الإنتاج 30% بالتدريج منذ العام 2011 وانخفض الإنتاج هذا الموسم بنسبة 80% مقارنة بالعام الماضي، وهذا ينطبق على كل المحافظات السورية”.
وترافق تراجع الإنتاج مع ارتفاع أجور اليد العاملة وعدم وجود أي جدوى اقتصادية بالنسبة للمزارعين بسبب انخفاض أسعار المحصول سواء الزيتون أو الزيت، فلم تعد زراعة الزيتون وقطفه حرفة سكان محافظة إدلب الأولى خلال هذه الفترة. ونتيجة لذلك شهدت أعداد كبيرة من معاصر الزيتون حالات إغلاق، والبعض منها تم تدميره، وهناك من هاجر أصحابها إما للخارج أو لمحافظات أخرى، فتراجع عدد المعاصر في المحافظة بعد أن كانت الأولى في سوريا من حيث العدد.

تابع قراءة الملف الموسع: زراعة سوريا.. “قاطرة نمو” ترجع إلى الخلف

الزراعة السورية.. تتحول من باب للاستثمار إلى سبيل للبقاء

سوريا وإفريقيا.. خطط دولية لإفقار الشعب السوري

انتعاش التجارة بين “الدويلات”السورية وتسلط العسكر على الفلاحين

الزراعة في مناطق المعارضة.. “إدارة مدنية وحماية عسكرية”

منظمة الـ “FAO” ترفض التعامل مع المعارضة كليًا وتخصص الدعم للمنظمات

المناطق المحاصرة.. بيع البذار بـ “الحبة” وانتعاش السوق السوداء

النظام ينهي الزراعة في داريا بعد السيطرة على 300 دونم من أراضي المدينة

شبح حصار مدينة حلب يدفع الأهالي لزراعة الأحياء السكنية

حي الوعر الحمصي.. زراعة الحدائق وشرفات المنازل من أجل البقاء

محصولا القطن والشوندر السكري ينقرضان في إدلب

محافظة حلب: زراعة القمح تدهورت والقطن انقرض

صراع بين النظام والمعارضة على ما بقي من قمح سوريا.. من يدفع أكثر؟

“نقص السيولة” يهدد “مؤسسة إكثار البذار” بالتوقف نهائيًا

مجلس محافظة حلب يستثمر أراضي مركز “إيكاردا”

درعا: أسواق الهال تتحول إلى مراكز تجميع خردة.. والفلاحون بلا أراضي

زراعة العنب ومشاتل الورود تتوقف في داريا.. والتفاح يتراجع في القلمون

تأسيس أول معهد أكاديمي في المناطق المحررة لتعليم “التكنولوجيا الزراعية”

النظام “يكسر الحصار”ويستأنف تصدير التفاح والحمضيات

استطلاع رأي: الزراعة ستستمر لأنها قوت غالبية السوريين

بعد تلاشي وزارة الزراعة المؤقتة.. مكتب التعاون الزراعي “أول كيان مؤسساتي”لدعم الفلاح السوري

لقراءة الملف كاملًا: زراعة سوريا.. “قاطرة نمو” ترجع إلى الخلف

مقالات متعلقة