البوكمال.. آخر نقطة للفرات في سوريا تتخوّف من سيناريو “عام الجوع”

مدينة البوكمال في محافظة دير الزور - نيسان 2014 (أرشيف عنب بلدي)

camera iconمدينة البوكمال في محافظة دير الزور - نيسان 2014 (أرشيف عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

من يتجول اليوم في شوارع البوكمال مارًا بشارع “بغداد” إلى “المزاد”، وصولًا إلى الشارع العام و”الهجانة”، يرى وجوهًا قلقة تترقب بحذر الساعات المقبلة، إذ تخرق الأحداث المتسارعة باتجاهها هدوءًا عاشته المدينة قرابة سنتين دون معارك، رغم القصف المتقطع الذي خلف قتلى وجرحى فيها.

انخفاض الحركة وقلة العابرين مشهد يطغى على المدينة، التي تحتل جزءًا في المنطقة الشرقية بريف محافظة دير الزور، وعلى الضفة اليمنى من نهر الفرات، عقب بدء زحف فصائل “الجيش الحر” نحوها قبل أيام، بغية طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” منها، والذي يسيطر عليها منذ عام 2014.

البوكمال آخر نقطة لنهر الفرات قبل أن يدخل الأراضي العراقية، وبعد أن كانت قرية صغيرة تسمى “النحامة”، تحولت إلى مدينة ثم توسعت في ثمانينيات القرن الماضي. ودخلت المشهد الثوري السوري منذ بدايته، فتظاهر أهلها مرارًا ضد النظام السوري، حتى دخلها “الجيش الحر” وانتزعها من النظام، محررًا مطار “الحمدان”، منتصف تشرين الثاني 2012.

حافظت المدينة على ثباتها سليمة وبعيدة عن آثار الحرب التي تشعل مدينة دير الزور، مستفيدة من مسافة 140 كيلومترًا تفصلها عن مركز المحافظة، عدا بعض أوجه الدمار التي تسببت بها غارات الطيران الحربي، بينما يقول عددٌ من سكانها إن التنظيم وعقب سيطرته عليها فرض حصارًا وتضييقًا خانقًا على سكانها المحليين والنازحين إليها على حد سواء.

وتؤكد تقديرات ناشطي دير الزور وجود أكثر من 150 ألف نسمة في المدينة في الوقت الراهن، رغم أنها عدد سكانها تجاوز 200 ألف في السنوات السابقة، إلا أن ممارسات التنظيم خلقت موجة نزوح كبيرة.

مطار الحمدان، الذي يقع على بعد حوالي خمسة كيلومترات شمال غرب المدينة، كان مسرحًا لمعارك وصفها ناشطون بـ “الطاحنة” بين قوات مدعومة أمريكيًا تحت مسمى “جيش سوريا الجديد” ضد التنظيم، والتي أسفرت عن سيطرة “الجيش” على المطار، محاولًا استعادة المدينة من قبضة “الدولة”.

مشهد ربما أعاد إلى أذهان الأهالي أحداث “عام الجوع” كما سمّاه أهالي البوكمال، واصفين المجاعة التي بلغت ذروتها عام 1916، بسبب نقل الدولة العثمانية أرزاق الفلاحين الفراتيين إلى جيوشها على الجبهات، في ظل الحرب العالمية الأولى التي خاضتها حينها.

ويرى مراقبون أن المعارك المقبلة ربما تحول الهدوء إلى “إبادة” أو حصارٍ طويل الأمد يقطع الإمدادات عن المدينة، لتشبث التنظيم بها باعتبارها نقطة الوصل بين مناطقه شرق سوريا، مع نقاطه في محافظة الأنبار غرب العراق.

ينسب المؤرخون المدينة إلى عشيرة “أبو كمال”، وهي بطن من قبيلة العقيدات التي تستوطن وادي الفرات، وتضم البوكمال بيئتين جغرافيتين مختلفتين، إذ تتصل من الغرب والجنوب ببادية الشام، بينما تنتشر من الشمال والشرق سهول الجزيرة والفرات الخصبة.

ويقدر ناشطو المدينة أعداد مقاتلي التنظيم داخل البوكمال وفي محيطها بقرابة 300 مقاتل، بينما يرون أن وصول المعارك إلى شوارعها سيعيد إلى الأذهان حروبًا تتالت على المدينة من قبل الأتراك والفرنسيين والبريطانيين، قبل أن يحررها أبناؤها قبل عام من تحرير سوريا من الاحتلال الفرنسي عام 1945.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة