أردوغان يهدد اليونان.. ما الملفات الخلافية بينهما؟

camera iconالرئيس التركي رجب طيب أردوغان (AP)

tag icon ع ع ع

“يمكننا أن نذهب (إلى اليونان) بغتة ذات ليلة”، بهذه الكلمات هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليونان بعد عدة تحركات لها، أحدثها تتبع المقاتلات التركية في بحر إيجة.

وقال الرئيس التركي، الثلاثاء 6 من أيلول، في مؤتمر صحفي قبل توجهه إلى البوسنة والهرسك، “ما زلنا نشعر بحساسية من تحرشات اليونان بالمقاتلات التركية، وأثينا بدأت تضبط نفسها بعد أن أدركت ذلك”.

وأضاف، “أعتقد أن اليونان ستفكر كثيرًا قبل أن تقرر ماهية علاقاتها مع تركيا”، مؤكدًا أن وزارة الدفاع التركية تتواصل مع قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لبحث المضايقات اليونانية للمقاتلات التركية.

“التحرش” بالمقاتلات

طفت على سطح المشكلات التركية- اليونانية في الوسائل الإعلامية، مشكلة “التحرش” اليوناني بالمقاتلات التركية، بالتزامن مع وجود عدة ملفات خلافية بين الدولتين، تعزز من حدة الانتقادات المتبادلة بين الطرفين كلما حصل أي خلاف.

في 23 من آب الماضي، تعرضت مقاتلات تركية لـ”التحرش” من جانب منظومة دفاع جوي طراز من “إس-300” عائدة إلى اليونان، بينما كانت المقاتلات تؤدي طلعات في المجال الجوي الدولي فوق بحر إيجة وشرقي المتوسط، وفق مصدر من وزارة الدفاع تحدث لوكالة “الأناضول” التركية.

وأوضح المصدر أن “التحرش” حدث عبر تتبع المقاتلات برادار منظومة “إس-300” منصوبة في جزيرة كريت اليونانية، وهو ما يدل على تفعيل اليونان بطاريات “إس-300” الروسية.

في المقابل، أنكر مسؤولون عسكريون يونانيون، حينها، أي تصرف تجاه المقاتلات، وهو ما يعد عملًا “عدائيًا” وفق قواعد الاشتباك في “الناتو”، بينما زوّدت وزارة الدفاع التركية “الناتو” ووزراء الدفاع في الدول الأعضاء بتسجيلات الرادار للحظة “تحرش” اليونان بمقاتلات تركية، وفق وكالة “الأناضول“.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي تلاحق فيها اليونان المقاتلات التركية، إذ تتهم تركيا اليونان بانتهاك مياهها الإقليمية وأجوائها، وقالت إن المقاتلات اليونانية اخترقت الأجواء التركية 256 مرة، و”تحرشت” 158 مرة بالمقاتلات التركية، كما اتهمت سفن خفر السواحل اليونانية بانتهاك المياه الإقليمية التركية 33 مرة منذ مطلع العام الحالي.

من جانبها، قالت صحيفة “كاثيمرني” اليونانية، في تقرير نشرته بتاريخ 1 من أيلول الحالي، إن الطائرات المسيّرة التركية تشكّل “تهديدًا” لدفاعات بلادها، وإن وزارة الدفاع اليونانية تسعى إلى حماية بحر إيجة من الخطر الذي تشكّله الطائرات من دون طيار، وتتخذ تدابير مضادة على الجزر اليونانية، ردًا على هذه التهديدات.

خلاف الجزر والجرف القاري

تعتبر الجزر الموجودة في بحر إيجة أكثر الملفات الخلافية حساسية في العلاقة بين تركيا واليونان، حيث يتجلى نزاع السيطرة على المجال البحري والجوي.

وبسبب عدم التفاهم، تتكرر المناوشات والمضايقات بين القوات الجوية والبحرية للجانبين، وتطورت في بعض الأحيان إلى اشتباك عسكري، وسط تحذيرات دولية من إمكانية تطور إحدى المناوشات إلى اشتباك عسكري أوسع بين البلدين، خصوصًا أن حدة التوتر في تصاعد منذ مطلع التسعينيات، وسط سباق تسلح بين البلدين.

وينطلق المهاجرون واللاجئون عبر الجزر المتنازع عليها، في طريقهم نحو القارة الأوروبية، لكن معظمهم يبقون عالقين فيها، أو يجبرهم حرس الحدود اليوناني على العودة إلى الأراضي التركية.

ولا تتفق اليونان وتركيا على حدود الجرف القاري البحري لكل منهما، بينما في حالة قبرص، لا تعترف تركيا بحكومة نيقوسيا (عاصمة قبرص اليونانية)، ولا بجرفها القاري في البحر المتوسط (يعرف الجرف القاري بأنه الامتداد الطبيعي لليابسة داخل البحار والمحيطات).

وتتكرر الاتهامات بين الطرفين بمحاولة التعدي على الجرف القاري الخاص بكل دولة، عند محاولة إحدى الدولتين (هما عضوان في حلف “الناتو”) التنقيب عن النفط والغاز في المناطق المتنازع عليها.

الأزمة القبرصية

أطلقت تركيا، في تموز 1974، ما سمتها “عملية السلام” في جزيرة قبرص، بعد أن شهدت الجزيرة انقلابًا عسكريًا قاده نيكوس سامبسون، ضد الرئيس القبرصي، مكاريوس الثالث.

وجرى الانقلاب بدعم من المجلس العسكري الحاكم في اليونان، فيما استهدفت المجموعات المسلحة اليونانية سكان الجزيرة من الأتراك.

وبدأ الجيش التركي عملية عسكرية ثانية في آب 1974، ونجحت العمليتان في تحقيق أهدافهما، وأبرمت اتفاقية تبادل للأسرى بين الجانبين في أيلول من ذات العام.

وفي شباط 1975، أُعلن عن تأسيس “دولة قبرص التركية الاتحادية” في الشطر الشمالي من الجزيرة، وانتخاب رؤوف دنكطاش رئيسًا للجمهورية، التي باتت تعرف باسم “جمهورية قبرص التركية”.

ولا تعترف تركيا بقبرص الجنوبية ذات السيادة اليونانية والتي هي عضو في الاتحاد الأوروبي، بينما لا تعترف اليونان بـ”قبرص التركية”، وترى تركيا ضرورة التفاوض على أساس حل الدولتين في قبرص، بعد فشل مفاوضات الحل الفيدرالي الذي تتبناه اليونان، طوال نصف قرن، إذ فشلت آخر محادثات إعادة توحيد الجزيرة التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا في تموز 2017.

وتتهم أنقرة أثينا باستضافة أنشطة لتنظيم حزب “العمال الكردستاني” (PKK)، المصنف من قبل تركيا والاتحاد الأوروبي على أنه منظمة “إرهابية”، كما تطالبها بتسليم أشخاص هربوا إلى اليونان بعد الانقلاب الفاشل في تركيا بحجة أنهم ينتمون لمنظمة “غولن”، المصنفة إرهابيًا في تركيا.

وينتقد المسؤولون الأتراك بشكل مستمر تزايد القواعد الأمريكية في الجزر اليونانية، حيث وصل عددها إلى تسع قواعد عسكرية، ونهاية العام الماضي، أبرمت الولايات المتحدة واليونان اتفاقًا يوسع التعاون العسكري بين البلدين، بما في ذلك السماح للطرف الأمريكي بإقامة أربع قواعد جديدة في الأراضي اليونانية.

وتبرر اليونان السماح بإنشاء القواعد بأنها تهدف إلى ضمان أمنها في حال تعرضها لهجوم من قبل تركيا في ظل العلاقات المتوترة بينهما.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة