tag icon ع ع ع

عبادة كوجان- عنب بلدي

وفق ارتباط عقائدي مع تنظيمالقاعدةأو بدونه، تتجه معظم التحليلات والآراء الغربية والمحلية المختصة بالشأن السوري، إلى أن كيانًا جديدًا تعتزمجبهة النصرةتأسيسه في الشمال، يكون منافسًا قويًا لتنظيمالدولة الإسلاميةباستقطابه الفصائل الجهادية الصغيرة، في توجهجيوسياسياتبعهالفرع السوري للقاعدةمنذ عامين.

وما الخطاب الأخير لزعيم “القاعدة”، أيمن الظواهري، إلا رسالة واضحة المعالم إلى رجله القوي في سوريا، أبو محمد الجولاني، أن امضِ في تأسيس “الإمارة” التي لا بد أن تفضي إلى “خلافة راشدة” على المقياس الجهادي، تبقى تحت جناح “القاعدة” وتنافس “الدولة” التي أعلن عنها أبو بكر البغدادي قبل عامين، وشقّ من خلالها عصا الطاعة عن مركز “قاعدة الجهاد” في أفغانستان.

معوقات كبيرة تنتظر “الإمارة” المنشودة من “القاعدة” وفرعها الأقوى في بلاد الشام، ربما تحول دون الإعلان عنها كما يرى مراقبون، أبرزها انحسارها في نطاق جغرافي ضيق نسبيًا تجاوره ثلاث قوىً متصارعة بالأصل، عدا عن وجود فصائل لا يستهان بها في الشمال، تتفق عسكريًا مع “جبهة النصرة” وتخالفها في الرؤى والتوجهات، إلى جانب تصنيف “النصرة” على لوائح الإرهاب لدى الدول صاحبة القرار في العالم.

الظواهري.. بيان بغرض تمرير رسالة

يتفق مختصو الشؤون الجهادية أن حقبة أيمن الظواهري تختلف جذريًا عن سلفه الراحل أسامة بن لادن، فالتنظيم العالمي فقد الكثير من رصيده، وما عاد يشكّل خطرًا على الأمن الإقليمي كما كان في مطلع الألفية الثانية، وزاد الطين بلة إعلان أبو بكر البغدادي انشقاقه عن “القاعدة” وتأسيس “الدولة الإسلامية”، التي توسّعت في سوريا والعراق منذ أواخر العام 2013.

ويُنظر إلى الدعم المعنوي والغطاء الشرعي الذي وفره الظواهري، منذ ذلك الحين، لمنتدبه إلى سوريا، أبو محمد الجولاني، على أنه معرفة وإلمام من زعيم “القاعدة” بمآلات التنظيم العالمي، وأن “الفرع الشامي” بات هو الأقوى والأكثر تنظيمًا وتسليحًا وبنية وفرتها بيئة الحرب في سوريا، فكان لزامًا عليه تمرير رسالة بتأييد إعلان “الإمارة الإسلامية” في سوريا.

ففي تسجيل منسوب إلى زعيم القاعدة بعنوان “انفروا إلى الشام”، انتشر في الثامن من أيار الجاري، شدد الظواهري على أن “واجب المسلمين الحقيقي هو التحريض على وحدة المجاهدين في الشام، حتى يتحرر من النظام النصيري العلماني وأعوانه الروافض الصفويين، وحلفائه الروس والغربيين الصليبين، وحتى يقوم فيه كيان إسلامي مجاهد راشد”.

وعن ارتباط “جبهة النصرة” بالقاعدة، قال الظواهري إن “الكثيرين تحدثوا وخاضوا في مسألة ارتباط الجبهة بجماعة قاعدة الجهاد”، مشيرًا إلى أن انتماء “النصرة” تنظيميًا “لن يكون عائقًا” في وجه ما وصفها بـ “الآمال العظيمة للأمة التي تتمناها وهي إقامة الخلافة”، محذرًا في الوقت ذاته من سعي مستقبلي لـ “فك الارتباط” ربما يحذوه الجولاني، بقوله “هل سيرضى أكابر المجرمين عن جبهة النصرة لو فارقت القاعدة، أم سيلزمونها بالجلوسِ على المائدة مع القتلة المجرمين، ثم يلزمونها بالإذعان لاتفاقات الذل والمهانة، ثم بالرضوخ لحكومات الفساد والتبعية، ثم بالدخول في لعبة الديمقراطية العفنة، ثم بعد ذلك يلقون بهم في السجن كما فعلوا بالجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، وبالإخوان المسلمين في مصر”.

“إن توسع جبهة النصرة التدريجي والثابت إلى حد كبير لا يتراجع بأي شكل من الأشكال المؤثرة، ويواصل مقاتلوها المدربون جيدًا الفوز في المعارك، ويلعبون دورًا مهمًا في مكافحة النظام السوري وحلفائه، وهي لازالت الأولوية الرئيسية لكثير من السوريين المؤيدين للمعارضة”.

موقع “rocks the on War” الأمريكي، الثلاثاء 10 أيار.

جيش الفتحباكورة إعلانالإمارة

وأدلى زيدان بمعلومات حول اتصالات بين “جبهة النصرة” وبعض الفصائل الجهادية من أجل تشكيل كيان معين في الشمال السوري، وقال “باعتقادي أن جبهة النصرة وضعت بعض الشروط بأنها مستعدة لفك ارتباطها عن القاعدة إذا تم تشكيل كيان سياسي ما يشبه الدولة”، مشيرًا إلى أن بواكير الكيان بدأت فعليًا مع تجديد العمل في غرفة عمليات “جيش الفتح”.وفي حديثه إلى قناة الجزيرة، في الثامن من أيار الجاري، رأى الصحفي السوري أحمد موفق زيدان، أن كلمة أيمن الظواهري تحمل رسالتين، الأولى هي “النفرة” إلى سوريا ودعم الثورة فيها، ولا سيما بعد التدخل الإيراني إلى جانب النظام السوري، والرسالة الثانية هي أن “جبهة النصرة ستكون في حل من ارتباطها بتنظيم القاعدة، في حال تم توحد مجاهدي الشام وشكلوا دولة أو إمارة إسلامية في سوريا”.

مطلع أيار الجاري، كانت المفاوضات على قدم وساق بين فصائل الشمال السوري، لإعادة تفعيل غرفة عمليات “جيش الفتح” والتي تضم إلى جانب “جبهة النصرة” عددًا من الفصائل ذات التوجه الإسلامي، أبرزها “حركة أحرار الشام الإسلامية”، و”الحزب الإسلامي التركستاني”، وكانت باكورة أعمالها استعادة السيطرة على منطقة خان طومان جنوب حلب، وإلحاق هزيمة غير مسبوقة بالقوات الإيرانية.

ورأى زيدان، الذي ينحدر من ريف إدلب وأدار سابقًا مكتب “الجزيرة” في باكستان، أن الكيان السياسي الذي تسعى له “النصرة” سيكون موازيًا لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وبالتالي ربما يستطيع أن يستقطب الكثير من الشباب الذين يتوجهون إلى التنظيم، معتمدًا على خبرته الطويلة في التعامل مع التنظيمات الجهادية كحركة “طالبان” وتنظيم “القاعدة”.

الخروج السلس للفرع السوري عن التنظيم الأم بات مطروحًا بشدة في الأشهر الماضية، فعقب محاولات دول مؤثرة في الملف السوري كقطر وتركيا إقناع الجولاني بالانفصال عن “القاعدة”، جاءت اجتهادات محلية من علماء دين ووجهاء محليين تصب في ذات السياق، وربما أدرك الظواهري أن القضية حسمت على طاولة الجولاني، وبقي الإعلان عنها.

فقدت “القاعدة” كثيرًا من بريقها وفعاليتها على الأرض منذ مقتل بن لادن، وخسرت الدعم المالي الذي صب بمعظمه في خزينة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بحسب زيدان، واعتبر أن التنافس الحقيقي اليوم انتقل من أفغانستان وباكستان إلى العراق وسوريا، وتابع “أدرك هذا الأمر الظواهري، وأدركت هذه المسألة النصرة، لذلك تطلب بفك ارتباطها مقابل تشكيل كيان سياسي”.

“إن طموحات جبهة النصرة في سوريا أصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا للخيارات السلمية للثورة السورية، حيث تسعى الجبهة إلى تكريس مؤسسات الحكم الذاتي في محافظة إدلب، التي تسيطر عليها منذ أكثر من سنة تقريبًا، تمهيدًا لإعلان إمارة إسلامية”.

صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، الثلاثاء 12 نيسان.

التمكينسعي الجولاني الدوؤب خلال عامين

“إنا مكنّا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا”، تتّخذ الفصائل الجهادية بما فيها تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، من هذا النص القرآني الذي تحدث عن “ذو القرنين” (أحد الملوك الصالحين) في سورة الكهف، مثالًا حيًا على ضرورة التزام شرط “التمكين” قبيل إعلان إنشاء أي كيان أو دولة أو إمارة.

ويرى المشرعون الإسلاميون أن مصطلح “التمكين” يختزل في ثلاثة جوانب “قوة الحكم والسلطان، وقوة الوسائل والأدوات اللازمة لحماية حكم الله في الأرض، وقوة العلم والانفتاح على الكون واستخراج ما يمكن بالعلوم المختلفة، حتى لا يتغلب عليه العدو في ذلك”. وهو ما وجده أبو بكر البغدادي متوفرًا في تنظيمه، ليعلن قبل عامين عن تأسيس “خلافة إسلامية” تضم عددًا من المدن والبلدات في سوريا والعراق، الأمر الذي قوبل برفض واسع على المستوى السياسي والديني.

أبو محمد الجولاني وكبار منظري “القاعدة”، تحدثوا في عدة مناسبات عن التزام “جبهة النصرة” العمل نحو تحقيق “التمكين” الذي لم يكن متوفرًا خلال الأعوام الماضية، وسعت منذ منتصف العام 2014 إلى إنشاء تحالفات وإقصاء فصائل محلية في إدلب، في مسعى واضح للهيمنة على جميع القطاعات في المحافظة الشمالية، مستفيدة من الحاضنة الشعبية التي أسستها منذ دخولها سوريا، وانقلبت عليها مؤخرًا.

فمنذ تموز 2014، اتجهت “النصرة” إلى القضاء على أكبر فصائل الجيش الحر في إدلب، وهو “جبهة ثوار سوريا” بقيادة جمال معروف، واستمر القتال والمواجهات بين الطرفين نحو شهرين كاملين، وانتهت فصوله بسيطرة “النصرة” على جميع مقرات جمال معروف في إدلب، وهروبه إلى تركيا.

وكان لزامًا على الجولاني لتحقيق “التمكين” في إدلب إقصاء بعض الفصائل القوية والمحسوبة على جمال معروف، وهذا ما حصل فعلًا بإنهاء وحل “جبهة حق المقاتلة”، والانتقال للتعامل مع “حركة حزم” التابعة للجيش الحر، فهي تشكيل عسكري يحظى بقبول غربي واسع ودعم عسكري لا يستهان به ومقرات واسعة في محافظتي إدلب وحلب.

فعقب احتدام الخلاف بين الطرفين، هاجمت “جبهة النصرة” المقر الرئيسي لـ “حزم” في بلدة خان السبل في ريف إدلب، واستولت عليه مع جميع الآليات والعربات الثقيلة داخله، في تشرين الثاني 2014، ليستمر الاقتتال على أشده بين الطرفين، إلى أن سيطرت على الفوج 46 قرب مدينة الأتارب، غرب حلب، والذي يعتبر المقر الرئيسي للحركة في المحافظة، أواخر شباط 2015، وبالتالي القضاء كليًا عليها.

اليوم، وفي ظل دخول “جبهة النصرة” في توليفة “جيش الفتح” كثاني أكبر فصائل الشمال بعد “أحرار الشام”، وتحقيق إنجازات كبيرة في محافظة إدلب بفرض السيطرة على مركز المدينة وباقي مراكز قوات الأسد فيها، وإعادة التوازن لقواتها في ريفي حلب الجنوبي والغربي مستفيدة من فصائل جهادية تدعمها، إضافة إلى العودة مجددًا إلى أحياء حلب. كل هذه النجاحات على المستوى التنظيمي تؤكد أن “النصرة” قاربت على إعلان مشروعها الخاص في الشمال السوري.

“إن تنظيم القاعدة أرسل في الآونة الأخيرة، عددًا من العناصر ذات التأثير الكبير على الدوائر في القيادة المركزية في سوريا، تتعلق مهمتهم بتهدئة المخاوف التي أعربت عنها الحركات الإسلامية السورية الأخرى، ومواجهة الأعضاء الذين يعارضون فكرة إقامة إمارة مستقلة”.

مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، الخميس 5 أيار.

معوقات تصطدم مع المشروع

يشمل الكيان الجديد، فيما لو أعلن عنه، ثلاث محافظات رئيسية (حلب، إدلب، حماة)، ويمتد من الريف الغربي والجنوبي لحلب وحتى ريف حماة الشمالي، مرورًا بمحافظة إدلب، نظرًا للوجود الأقوى لـ “جبهة النصرة” في هذه المناطق، وبالتالي سيكون مجاورًا لثلاثة كيانات تعتبر “النصرة” وفصائل المعارضة على العموم عدوًا مستهدفًا، وهي: النظام السوري وفصائل “الإدارة الذاتية وتنظيم “الدولة الإسلامية”.

محافظة إدلب هي الأكثر استقرارًا بين المناطق الثلاث، فلا وجود لأي خطر حقيقي على اعتبار أنها بمعظمهما خارج حسابات الكيانات الأخرى، بينما تبدو الأمور أكثر تعقيدًا في محافظة حلب التي تشهد معارك بين القوى الأربع الرئيسية في سوريا، كذلك فإن وجود المعارضة في حماة يتركز بشكل واسع في ريفها الشمالي والشمالي الغربي، والشمالي الشرقي، فتتجاور في مناطق اشتباكات مع النظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية”.

غالبية الفصائل العاملة في الشمال ستكون على صدام مباشر مع “جبهة النصرة” إن أعلنت “الإمارة” أو أي كيان سياسي آخر وفق أجنداتها المغايرة للمزاج العام السائد في سوريا، ولا سيما “حركة أحرار الشام الإسلامية”، ذات الثقل العسكري في المحافظات الثلاث، والمسيطرة فعليًا على الشريان الأهم بين سوريا وتركيا، معبر باب الهوى الحدودي شمال إدلب.

وتحدثت عنب بلدي إلى أحد قياديي الحركة، فضّل عدم كشف اسمه، ورأى أن “النصرة” بالأصل لن تنفصل عن “القاعدة”، وقال “فك الارتباط لا أظن أنه سيتم، لأنها أصرّت مرارًا على موقفها بالارتباط بالقاعدة، رغم عديد المبادرات الداخلية بما فيها عند إنشاء الجبهة الإسلامية، ومطالبة أبو عبد الله الحموي (مؤسس الحركة حسان عبود) فك ارتباطها كشرط للاندماج فيها”.

وذهب القيادي إلى أن إعلان “الإمارة الإسلامية” لا يتضارب مع فك الارتباط، لكنه استبعد مثل هذا المشروع بالأصل، لأن معظم الفصائل “الثورية” ستكون رافضة للأمر، ما عدا الفصائل المحسوبة عليها كـ “جند الأقصى”، مؤكدًا أن “الإمارة” لن تقدم أو تؤخر شيئًا في الوضع الميداني، في ظل القصف والهجمات المستمرة للأسد وحلفائه، لكنها ستزيد الشرخ بين الفصائل وتعمق الخلافات، وتخدم النظام السوري في المقابل.

نجاح بعض الفصائل المحسوبة على “الجيش الحر” في تسويق نفسها لدى الداعم الإقليمي، جعل منها رقمًا صعبًا في معادلة الصراع في الشمال السوري، وعلى سبيل المثال فإن “فيلق الشام” المحسوب على جماعة “الإخوان المسلمين” يختلف فكريًا وسياسيًا عن “النصرة” ونجح حتى اللحظة في تحييد نفسه عن أي مواجهة معها، كذلك فإن فصائل “الجيش الحر” في حماة حققت خلال عام اندماجًا ضمن أربع تشكيلات أساسية ضمت معظم الكتائب الضعيفة (جيش النصر، جيش العزة، جيش التحرير، الفرقة الوسطى)، وهو ما يضعف فرص “النصرة” في تأسيس “الإمارة”.

الحاضنة الشعبية ستكون عائقًا كبيرًا أمام تشكيل الكيان، ولا سيما عقب أحداث مدينة معرة النعمان ومحاولة “النصرة” إقصاء “الفرقة 13” التابعة للجيش الحر، قبل أشهر، وما تبعها من مظاهرات شعبية هاجمت الفصيل الجهادي وطالبت بخروجه من كبرى مدن الريف الإدلبي، إلى جانب استياء ملحوظ من أهالي جبل الزاوية ومدن وبلدات أخرى في المحافظة.

الإرهاب“.. هل تبرأ منهالنصرة؟

التساؤل الأكبر في هذه المرحلة: هل تتخلص “جبهة النصرة” من “الإرهاب”، وهو التصنيف الملازم لها منذ نحو عامين، على المستوى الأممي والإقليمي، بفك ارتباطها عن التنظيم العالمي (القاعدة)، وإيجاد قنوات اتصال مع الدول العربية والغربية؟

هنا، يجد الصحفي أحمد موفق زيدان، أن الدول الفاعلة  ستعزف عن تصنيف “النصرة” منظمة إرهابية، فيما لو غيّرت اسمها بعد فك ارتباطها، مستشهدًا بحادثة مماثلة حين أسقطت ذات الدول تهمة “الإرهاب” عن العديد من الفصائل الجهادية في كشمير وباكستان، بعد مباحثات أممية.

لكن الوقائع الميدانية تؤكد أن تركيا عازمة على إتمام مشروع يحمي حدودها الجنوبية مع سوريا، بانتقاء فصائل تنتمي إلى “الجيش الحر” حصرًا، تكون في مواجهة ثلاثة كيانات عسكرية شمال حلب (النظام، الوحدات الكردية، تنظيم الدولة)، تمهيدًا لإنشاء “منطقة آمنة” لطالما شددت عليها أنقرة، بالتزامن مع حملة أمنية تستهدف خلايا “القاعدة” على الأراضي التركية، مستمرة منذ نحو عام.

أيضًا، فإن قياديي “النصرة” مازالوا هدفًا مشروعًا لطيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وكانت آخر الغارات على مطار “أبو الظهور” العسكري شرق إدلب قبل أيام، ونتج عنها مقتل “أمير البادية” في الفصيل (أردني الجنسية) إلى جانب قادة عسكريين، وهو ما يعزز فرضية تناولتها الصحافة الغربية مؤخرًا، تقول إن “سعي النصرة لإنشاء كيان موازٍ لداعش هو أمر غير مقبول”، مع تأكيد الروس والأمريكيين أن هذا الفصيل، كما “الدولة الإسلامية”، خارج عن نطاق أي حل سياسي أو اتفاق تهدئة.

من دمشق، انطلقت أولى الأعمال العسكرية للفرع السوري لتنظيم “القاعدة”، في كانون الأول 2011، ليعلن أبو محمد الجولاني عنها رسميًا في كانون الثاني 2012، حين قال “نبشّر الأمة الإسلامية بالحدث التاريخي المنتظر، بتشكيل جبهةٍ لنصرةِ أهلِ الشام من مجاهدي الشام في ساحات الجهاد، سعيًا منا لإعادة سلطان الله إلى أرضه، وأن نثأر للعرض المنتهَك، والدم النازف، ونرد البسمةَ للأطفال الرُضَّع والنساء الرُّمل، ونسأل الله التوفيق والسداد”.

استقطبت سوريا منذ ذلك الوقت جهاديين من أفغانستان وباكستان ودول البلقان، في توجه اعتبره ناشطون سوريون “إسفينًا يدق في نعش الثورة”، فتغيرت المفاهيم والثوابت لدى عشرات الفصائل “الثورية” ممن التحق بمشروع “القاعدة” وأدبياتها، فـ “الإمارة الإسلامية” هي الهدف الأسمى للمضي نحو “دولة الخلافة” الثانية، فيما لا يزال النظام في دمشق يسيطر على معظم المراكز الحيوية في البلاد.

76543

مقالات متعلقة