الفقر والتهجير يعززان عمالة الأطفال في مدينة رأس العين

طفل يبيع الخبز في أحد شوارع رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

camera iconطفل يبيع الخبز في أحد شوارع رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

في سوق مدينة رأس العين، يقف محمد سيف الدين، وهو طفل يبلغ من العمر 9 سنوات، أمام بسطة صغيرة لبيع الخبز، يساعد والدته في بيع الخبز، بملابس ممزقة وملامح إرهاق بادية على الطفل.

وعند التجول في شوارع مدينة رأس العين، شمال غربي الحسكة، تُلاحظ بوضوح مظاهر عمالة الأطفال، بدءًا من البيع على البسطات إلى الأعمال التي تتطلب مجهودًا جسديًا وعضليًا.

قال محمد إنه يشعر بالتعب الشديد، ويريد الذهاب إلى المدرسة لكن ظروف عائلته المادية لا تسمح له، موضحًا أنه يحتاج العمل لمساعدة أمه في تأمين قوت يوم العائلة.

فقد محمد والده في العمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام في الغوطة الشرقية لدمشق، ما حوّله إلى معيل وحيد للعائلة مع أمه، لتوفير متطلبات أشقائه الأربعة.

وتعد عمالة الأطفال مشكلة اجتماعية ذات آثار سلبية على الأطفال، إذ تحرمهم من حقهم في التعليم والنمو واللعب كما تسهم في انتشار الفقر والبطالة والجريمة.

ظروف صعبة

في زاوية أخرى من المدينة، يقف مالك الطائي، الطفل البالغ من العمر 12 عامًا، أمام محل لتصليح السيارات، حيث يعمل في “الورشة” تحت ظروف قاسية يجتمع فيها البرد والتعب، دون أن تختلف دوافع العمل لديه عما هي عليه لدى محمد.

مالك أوضح لعنب بلدي أن والده يعاني من شلل رباعي، نتيجة حادث سيارة، ما يجعله عاجزًا عن العمل، ليتولى الابن مهمة الأب، ويعمل يوميًا من السابعة صباحًا وحتى السادسة مساءً (11 ساعة يوميًا)، لتأمين الخبز والخضروات وأبسط متطلبات الحياة اليومية.

طفلان يعملان بشراء الخردوات على عربة قديمة في رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

طفلان يعملان بشراء الخردوات على عربة قديمة في رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

عدنان الفريد (54 عامًا) مهجر من مدينة حمص، وهو أب لطفلين يقوم بتشغيلهما على بسطة لبيع الكعك، ويعمل هو نفسه في سوق الهال، لكن الأجرة الأسبوعية التي يتقاضاها لا تكفي لتوفير احتياجات أسرته الأساسية.

عدنان أعد البسطة لطفليه لبيع الكعك يوميًا منذ بداية الصباح وحتى فترة ما بعد الظهيرة، رغم قناعته بأضرار عمل الأطفال، لكنه لا يمتلك خيارات أخرى في ظل ظروفه الاقتصادية، وفق ما قاله لعنب بلدي.

طفل وطفلة يعملان في بيع السكاكر في رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

طفل وطفلة يعملان في بيع السكاكر في رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

ما رأي القانون؟

من جهته، بيّن المحامي فرحان السعدون، أن عمالة الأطفال في رأس العين مشكلة ذات تأثير سلبي سلبية على الأطفال والمجتمع في الوقت نفسه، لافتًا  إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لهذه المشكلة، وحماية الأطفال من آثارها.

وأضاف الأحمد أن القانون السوري حدد سن العمل القانوني بـ15 عامًا، كما يحظر تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة أو التي تضر بصحتهم أو تعليمهم. ومع ذلك، فإن تطبيق هذا القانون ضعيف، ما يسهم في انتشار عمالة الأطفال.

كما أشار إلى أن وجود أسباب تدفع الأطفال إلى العمل في سوريا، على اختلاف مناطق السيطرة، منها الوضع الاقتصادي الصعب، والعوامل الاجتماعية، وضعف القوانين والتشريعات.

طفل يعمل في جمع وبيع الكرتون في رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

طفل يعمل في جمع وبيع الكرتون في رأس العين، شمال غربي الحسكة- 16 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

ثلاثة آلاف طفل بلا تعليم

المتحدث الرسمي باسم المجلس المحلي، زياد ملكي، قال لعنب بلدي، إن نحو 3000 طفل خارج نطاق التعليم في رأس العين، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، منها التهجير والحرب والضيق الجغرافي للمنطقة، وقلة فرص العمل، والاعتماد الكلي على القطاع الزراعي.

وأوضح أن المجلس يعمل على اتخاذ تدابير لمواجهة هذه الظاهرة بما في ذلك تكثيف حملات التوعية حول قضية عمالة الأطفال، وتعزيز الشعور  بأهمية التعليم، إلى جانب تقديم الدعم مادي للعائلات الهشة اقتصاديًا وتوفير فرص عمل للسكان.

ووفقا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، الصادر في 24 من كانون الثاني الحالي، فإن نحو 2.4 مليون طفل خارج المدرسة في سوريا.

وأضافت المنظمة بالتزامن مع اليوم الدولي للتعليم، أن الإحصائية شملت جميع مناطق سوريا.

ويمثل عدد الأطفال خارج المدرسة نحو نصف عدد الأطفال في سن الدراسة، ويبلغ عددهم 5.52 مليون طفل.

وتراوحت أعمار الأطفال خارج المدارس بين 5 و17 عامًا.

كما سلط التقرير السنوي الصادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في 16 كانون الثاني الحالي، الضوء على الانتهاكات المتواصلة بحق الأطفال وحرمانهم من التعليم واستهداف المنشأت التعليمية.

وذكر أن النزاع المسلح سرق طفولة جيل كامل أو أكثر، وأن حماية حقوق الأطفال وضمان حصولهم على التعليم، وتلبية احتياجاتهم النفسية أمر حيوي لمستقبل سوريا.

اقرأ المزيد: في اليوم الدولي للتعليم.. 2.4 مليون طفل سوري خارج المدرسة




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة