الليرة التركية إلى تراجع.. اضطرابات تشوب السياسة المالية المقبلة

camera iconعملتان ورقيتان من فئتي 200 ليرة تركية و100 دولار أمريكي (عنب بلدي/ زينب مصري)

tag icon ع ع ع

تشهد قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية تدهورًا متسارعًا منذ أكثر من أسبوع، إذ تخطت حاجز 20 ليرة للدولار الواحد للمرة الأولى في تاريخها في 29 من أيار الحالي، وذلك بعد يوم واحد على الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية والتي فاز بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بولاية رئاسية جديدة.

واليوم، الجمعة 9 من حزيران، سجل الدولار الأمريكي 23.4 ليرة تركية، في حين سجل اليورو الأوروبي 25.3 ليرة، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات النقدية.

تزامن تدهور قيمة الليرة لمستويات غير مسبوقة، مع تعيين وزير المالية الجديد، محمد شيمشك، الذي جاء حاملًا معه سياسة نقدية مغايرة وأكثر تقليدية من تلك المتبعة في تركيا منذ سنوات، إذ قال في أول تصريحاته عقب تسلمه منصبه، إن تركيا ليس لديها خيار سوى “العودة إلى العقلانية، وإن الاقتصاد التركي القائم على قواعد واضحة هو المفتاح لتحقيق الازدهار المالي المنشود للبلاد”.

“المركزي” يوقف دعمه

خلال العام الحالي، لعبت السلطات التركية دورًا عمليًا في أسواق الصرف الأجنبي، غذ استخدمت عشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطي للحفاظ على قيمة ثابتة لليرة التركية.

الباحث في مركز الأناضول لدراسات الشرق الأدنى “أيام”، الحاصل على ماجستير في الاقتصاد الدولي، حسن الشاغل، اعتبر أن وراء تدهور الليرة الأخيرة وقف تدفق دعم البنك المركزي التركي لليرة من خلال تدفقات نقدية في الأسواق، وهي السياسة التي بدأ وزير المالية الجديد محمد شيمشك بتنفيذها.

وحول قدرة الحكومة على ضبط قيمة الليرة حاليًا، أوضح الشاغل، في حديث إلى عنب بلدي، أنه من المتوقع ألا تكون الحكومة قادرة على تنفيذ الآليات التقليدية للسيطرة على قيمة العملة كفرض الضرائب أو التشدد في الإنفاق الحكومي، بينما ستلجأ خلال الوقت الحالي إلى جذب الاستثمارات أكثر من هذه الآليات، فضلًا عن تعويلها على موسم السياحة المقبل لحفظ استقرار الليرة.

توقعات بالأسوأ

بعد تعديل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تشكيلة الحكومة، عدّل بنك “جولدمان ساكس” الأمريكي توقعاته لقيمة الليرة التركية خلال الأشهر الـ12 المقبلة.

وقال البنك، إنه يتوقع انخفاض العملة إلى 28 ليرة تركية مقابل الدولار الواحد خلال 12 شهرًا، وذلك بعد أن كان يتوقع سابقًا وصولها لـ22 ليرة للدولار.

الباحث الاقتصادي، حسن الشاغل، اعتبر أن انخفاض الليرة نحو 28 ليرة تركية للدولار مع نهاية العام الحالي، أمر متوقع بسبب خضوعها لمرونة العرض والطلب، إذ انخفضت قيمتها خلال الأيام الأخيرة بشكل متسارع نتيجة عمليات بيع كبيرة للعملة.

مدير الاستثمار في شركة “GAM” لإدارة الأصول في لندن، بول ماكنمارا، قال إن انخفاض الليرة التركية سيستمر، معتبرًا أنه حتى بدون التدخل السياسي فإن عملية وضع تركيا على مسار مستدام ستكون مضطربة، وبدون دعم خارجي كبير سيكون الحصول على تخفيض قيمة العملة تحت السيطرة مهمة “صعبة للغاية” وفق قوله.

سياسة مالية تقليدية

ترافق تعيين وزير المالية، محمد شيمشك، مع توقعات بإدارة اقتصادية مختلفة، تضمن مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار والاستقرار المالي، عبر العمل على السياسات المالية التقليدية المصممة لجذب رؤوس الأموال العالمية إلى البلاد.

المحلل الاقتصادي التركي، إسلام مميش، اعتبر في تحليل مفصل، أنه يُنظر إلى محمد شيمشك حاليًا على أنه أفضل اسم، مشيرًا إلى أنه يجب الشروع في إصلاح هيكلي وإصلاح عقلي مع الوزير الجديد.

وحول قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، أشار مميش، إلى أن تركيا تحتاج حاليًا إلى تدفقات من العملات الأجنبية، معتبرًا أن انخفاض قيمة الليرة أمر لا مفر منه.

واعتبر مميش، أن محاربة التضخم ليس بالأمر السهل لأنه يشمل مشاكل داخلية وخارجية وسط ركود عالمي، لذا قد لايكون خفض التضخم بشكل دائم بالسهولة المتوقعة، إلا عبر القرارات والسياسات المتخذة.

الباحث الاقتصادي، حسن الشاغل، قال لعنب بلدي، إنه لا يمكن اعتبار سياسة الوزير الجديد سياسة مالية جديدة، بل هي العودة للسياسة التقليدية القديمة، بعد سنوات من اتباع أردوغان لسياسة غير تقليدية، أثرت نوعًا ما على قيم التضخم والأسعار وقيمة الليرة.

بينما سيعمل الوزير الجديد على إعادة السياسات التقليدية، من حيث وقف دعم البنك المركزي بالليرة التركية عبر التدفقات النقدية في الأسواق، بالإضافة إلى خفض التضخم عبر رفع الفائدة بشكل متدرج لتصل قريبًا لنحو 15 إلى 20%، وفق الشاغل.

كما قد يتبع الوزير الأدوات التقليدية التي تتبعها الحكومات كافة، بحسب الباحث، كرفع الضرائب والتشدد في الإنفاق الحكومي، من أجل السيطرة على التضخم وحماية العملة المحلية.

ويرى الشاغل، أن تركيا ستعمل على جذب الاستثمارات للداخل من أجل الدخول في العجلة الاقتصادية، خاصة الاستثمارات الخليجية، والتي سيكون لها دور كبير في مستقبل الاقتصاد التركي، وفق رأيه.

واليوم الجمعة، عين أردوغان، حفظية غاية أركان، رئيسة للبنك المركزي التركي، خلفًا لشهاب كافجي أوغلو الذي قاد حملة أردوغان لتخفيض أسعار الفائدة من 19% إلى 8.5% ما أثار أزمة تاريخية لناحية قيمة العملة والتضخم.

وبحسب عدة محللين، فإن عودة شيمشك و أركان ستمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة، مع توقعات بأن يرفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى ما بين 20 إلى 25% في أقرب وقت من هذا الشهر، بحسب ما قالت وكالة “رويترز” للأنباء.

وأضافت الوكالة، سيترافق هذا التحول في الاقتصاد مع العديد من الاضطرابات في ضوء احتياطات النقد الأجنبي المستنفدة والتضخم غير المنضبط والعجز الواسع في الحساب الجاري.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة