حرب إسرائيلية- إيرانية تتصاعد في سوريا

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

غارتان إسرائيليتان على مطار “حلب” ومحيطه خلال أسبوع واحد، و”الحرس الثوري الإيراني” يطوّق المطار بعد غارة الثلاثاء الماضي التي أخرجته عن الخدمة. هل أصبحت سوريا ساحة اقتتال يقف النظام فيها متفرجًا؟

تتوالى الغارات الإسرائيلية على المطارات والمواقع العسكرية التي تديرها إيران في حلب، بعد أن سلّمها مؤخرًا نظام الأسد إدارة أكثر من مئة موقع عسكري ومدني، كما أوردت ذلك الخميس الماضي صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، منها مطار “النيرب” العسكري، ومدرسة “المدفعية”، ومستودعات “جبرين”، ومواقع صيانة الدبابات، وغيرها من المواقع التي انسحب منها الروس بعد اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وتدير هذه المواقع ميليشيات “النجباء” العراقية، و”حزب الله” اللبناني، و”فاطميون” الأفغانية، بمشاركة وقيادة “الحرس الثوري الإيراني” الذي يقصي قادة النظام العسكريين عن التدخل في هذه المواقع.

ورغم كل الغارات الإسرائيلية المتسارعة، فإن إيران تتمدد في حلب وسوريا بشكل جعل تلك الغارات مجرد رسائل عسكرية وسياسية، لكن الخسائر لا تقع على الأراضي الإيرانية، بل إن الأرض السورية هي الساحة، والبنى التحتية هي المتضررة.

تتصاعد ردود الفعل الإسرائيلية مع الأنباء التي صارت شبه مؤكدة، حسب وكالة الطاقة النووية، وحسب التقارير الدولية، بأن إيران ضاعفت مخزونها النووي 20 مرة أكثر من الكمية المتفق عليها في 2015، وأنها تدير مشروعًا عسكريًا نوويًا وتقترب من الحصول على سلاح نووي، وقد قدّر أحد الخبراء إمكانية حصولها على ذلك خلال أسبوعين إن أرادت ذلك.

وترفض إسرائيل الاتفاق النووي، وتعتبره مجرد غطاء لاستمرار إيران في هيمنتها على المنطقة، واكتساب الوقت اللازم لتطوير أسلحة نووية ترسخ هيمنتها الإقليمية. لذلك، تزداد توترًا مع تقدم مفاوضات الملف الإيراني النووي في فيينا، فالاتحاد الأوروبي بعيد عن المخاوف الإسرائيلية عندما يتوسط في تلك المفاوضات من أجل أن يحل النفط والغاز الإيرانيان محل النفط والغاز الروسيين لتجنيب الاتحاد أزمة الوقود التي تهدد مواطنيه خلال الشتاء المقبل.

وإيران بدورها تكثّف من انتشارها في المنطقة، وترسل التهديدات الخطية إلى دول الخليج التي تستضيف قواعد عسكرية أمريكية، كما صرح رئيس الأركان الإيراني الأربعاء الماضي، بعد كل الغزل الخليجي- الإيراني، والتبادل الدبلوماسي للمجاملات، والاجتماعات السرية الإيرانية- السعودية التي تحولت إلى اجتماعات علنيّة في العراق، وبعد عودة كامل العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، بالإضافة إلى العلاقة الحميمية مع قطر التي وصلها بلا شك الإنذار الإيراني الذي تحدث عنه القادة الإيرانيون.

ومنذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، الذي سمح ضمنًا بالهيمنة الإقليمية الإيرانية، وسكت عنها بعد توقيع ذلك الاتفاق، صار التمدد الإيراني في سوريا واسع النطاق سواء على المستوى العسكري والميليشياوي، أو على المستوى التبشيري والدعوي، أو عبر المستويات الناعمة الأخرى كالتعليم، والمساعدات الاجتماعية، ونشر تمجيد الرموز الإيرانية، وجعلها تحل مكان الرموز السورية، فصور الخامنئي وقاسم سليماني والقادة الإيرانيين تكاد تحوّل سوريا إلى محافظة إيرانية بشكل واقعي، بعد أن وعد القادة الإيرانيون بذلك في بدء تدخلهم ضد إرادة السوريين 2011.

حالة التوتر المتصاعدة تزيد شراسة الحرب بين إسرائيل وإيران، فإسرائيل تريد إبقاء نظام الأسد بعد إعادة تأهيله خارج السيطرة الإيرانية، وإيران تريد سوريا جبهة متقدمة للحرب ضد إسرائيل تجنب قواتها وبلدها الخسائر الفادحة في حال شن هجوم غربي بمشاركة إسرائيل عليها، أي أن كلا الطرفين لا يعتبر سوريا بلدًا للسوريين ولا يهمه وضع شعبها ومعاناته.

وتتحسب إيران لامتداد المعارك إلى داخل إيران عبر هجوم مباغت تشارك فيه إسرائيل أو تكون فيه رأس حربة. وتصاعدت احتمالات ذلك الهجوم بعد نشر أنباء عن شراء إسرائيل طائرات متقدمة للتزود بالوقود في الجو، ما يشير إلى قرب حصوله في حال فشلت المفاوضات في فيينا، لذلك تزيد إيران من مساحات هيمنتها في سوريا، وتكثّف نقل الصواريخ إلى المطارات والمواقع العسكرية التي تديرها هناك، لجعل سوريا ساحة مواجهة وتهديد لإسرائيل، حتى لو تسبب ذلك بتدمير ما تبقى من البلاد في تلك الحرب المتوقعة التي يتم الإعداد لها خلف خطوط التفاوض.

ووسط كل ذلك القصف الذي يدمّر مواقع عسكرية ومدنية كانت سورية، وقد بناها الشعب السوري بإمكاناته، وعلى حساب رفاهيته، يكرر نظام الأسد حقه في الرد على الغارات الإسرائيلية، ويتلو وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، نصوصًا أخلاقية وقانونية تدعو لإدانة إسرائيل، متناسيًا تخلي نظام الأسد الذي يمثّله عن أجزاء من سوريا للقوات الأجنبية التي تدير مواجهاتها فيها، سواء في محيط دمشق، أو حلب، أو الجزيرة الفراتية، أو الساحل السوري!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة