الموظفون يقبضون رواتبهم بشق الأنفس

في حمص.. سماسرة للصرّافات المعطّلة

صرافات مشتركة لمصرفي "التوفير" و"العقاري" في حمص (تلفزيون الخبر المحلي)

camera iconصرافات مشتركة لمصرفي "التوفير" و"العقاري" في حمص (تلفزيون الخبر المحلي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حمص

في شارع “الحمرا” وسط مدينة حمص، يصطف حوالي 80 شخصًا بطابور أمام صرّاف “البنك التجاري” الآلي لقبض رواتبهم التي حُوّلت لحساباتهم منذ أكثر من عشرة أيام.

يعمل الصرّاف الآلي لفترة متقطعة كي يستطيع شخصان أو ثلاثة سحب أموالهم، ليتوقف عن العمل مجددًا لساعة أو ثلاث ساعات أخرى، في حال عاد للعمل من جديد.

يقف أحد عناصر حفظ النظام أمام الصرّاف لينظم عملية الوقوف في الطابور، وليوازن بين طابور النساء والرجال، ويتأكد أن كلًا منهم يقف في مكانه.

طابور جديد أُضيف إلى طوابير المخابز ومحطات الوقود والدوائر الحكومية، إذ صار يقف أمام كل صرّاف آلي عشرات الأشخاص أو ربما المئات، ينتظرون دورهم لقبض رواتبهم أو دفع رسوم ما، أو ربما ينتظرون عودة الكهرباء إلى الصرّاف أو إعادة صيانته.

بعيدًا عن الطابور بعشرة أمتار، يقف ثلاثة رجال، ويقول أحدهم لرفيقيه، “صرنا بمنتصف الشهر ولم أستطع قبض راتبي حتى اليوم، وأداوم كل يوم أمام الصرّاف، يبدو أنه تم نقلي من مكاني في السجلات العقارية لأسكن أمام الصرّافات في الشوارع”.

وتعاني مدينة حمص من قلة عدد الصرّافات الآلية التي تتبع للبنوك الحكومية، فعددها لا يتجاوز الخمسة صرّافات داخل المدينة، وهي خارج الخدمة في أغلب الأوقات، إما لانقطاع التيار الكهربائي، وإما لغياب شبكة الإنترنت، وإما لأن الصرّاف لا يحتوي أموالًا يأخذها الناس، وإما أنه خارج الخدمة من الأساس.

من محافظة لأخرى لتسلّم الراتب

شهد القطاع المصرفي في سوريا خلال العقد الأخير عددًا من المشكلات التي عاقت عمله وأدت إلى تراجع جودة خدمته، أبرزها انخفاض عدد الصرّافات مقارنة بالخدمة المطلوبة، فحاليًا لا يتجاوز عدد الصرّافات العاملة في كل من البنك “التجاري السوري” والبنك ”العقاري” 500 صرّاف بشكل فعلي، في حين تبلغ الحاجة نحو 5000 صرّاف.

قلة عدد الصرّافات وخروجها عن الخدمة في أغلب الأوقات، منعت الموظفين والمتقاعدين من الحصول على رواتبهم في بداية كل شهر.

ومع تفاقم أزمة الصرّافات في حمص، يضطر عدد كبير من الموظفين إلى تسلّم رواتبهم من أحد البنوك الحكومية البعيدة عن مكان إقامتهم، ما يدفهم للسفر إلى محافظة أخرى لتنفيذ عملية السحب.

مخلص جمعة (64 عامًا)، وهو من سكان مدينة حمص قال لعنب بلدي، إنه في بداية كل شهر يضطر للسفر إلى مدينة دير عطية في القلمون شمالي ريف دمشق، لتسلّم راتبه، تجنبًا للازدحام أمام صرّافات مدينة حمص المعطّلة.

“سكان مدينة حمص وريفها لم يتم تخصيصهم إلا بخمسة صرّافات، منها ثلاثة للمصرف التجاري واثنان للمصرف العقاري، والبنوك الخاصة تضع صرّافاتها داخل فروعها ولا تنشرها في الشوارع، لعدم توفر التيار الكهربائي وضعف الشبكة”، وفق ما قاله مخلص.

سماسرة للقبض

يفترض أن تتولى آلات الصرّاف الآلي مهمة القيام بالعديد من المعاملات، أبرزها توفير معلومات الحساب البنكي، وقبول الإيداعات، وسحب القروض التي تمت الموافقة البنكية عليها من قبل، فضلًا عن تحويل الأموال.

ومع استمرار أزمة الصرّافات الآلية داخل حمص، لا يحصل الناس على أي من تلك الخدمات، بل ظهر بعض السماسرة ممن امتهنوا قبض الرواتب، ما زاد المشكلة تعقيدًا، ويستخدم هؤلاء علاقاتهم مع أحد الموظفين داخل البنوك العامة، حيث يجمعون البطاقات، ومن ثم يعطونها لأحد الموظفين ليقوم بقبضها، مقابل 2000 ليرة عن كل بطاقة.

ناديا الأحمد (46 عامًا)، وهي من مدينة الرستن، قالت لعنب بلدي، إنها تضطر لدفع 2000 ليرة كل شهر من راتب زوجها المتوفى، لتتمكّن من الحصول على الراتب، فقبضه من الصرّاف من المحاولة الأولى “شبه مستحيل”، وأغلب الصرّافات خارج الخدمة في أكثر الأوقات.

أحد السماسرة، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، يقيم في مدينة تلبيسة، قال لعنب بلدي، “أنا لا أقوم بجمع البطاقات من أحد، هم من يجلبون بطاقاتهم لي كي أقوم بقبض رواتبهم، خدمة الصرّافات شبه متوقفة، وأنا أحصل على ألف ليرة فقط، والألف الأخرى يحصل عليها الموظف داخل فرع المصرف”.

صرّافات بلا نقود

من أبرز المشكلات التي تعاني منها الصرّافات في حمص، بالإضافة إلى قلّتها وتعطلها وتوقف خدمتها، نفاد النقود منها، وبالتالي عدم توفر الخدمة التي وُضع الصرّاف لأجلها أصلًا.

وقال مدير بالقطاع المصرفي في تصريحات لصحيفة “الوطن” المحلية (لم تسمِّه)، إن الصرّافات تعاني من عدم توفر مركبات لنقل الأموال، إذ تتم الاستعاضة عنها في نقل الأموال بطرق غير آمنة، عبر سيارات عمومية، أو سيارات بعض المديرين، وأحيانًا نقل الأموال لتغذية بعض الصرّافات بواسطة الدراجات النارية.

وهناك مشكلة في التأمين على الأموال داخل الصرّافات، وتأمين نقل الأموال، كما لا يوجد كوادر بشرية لتزويد الصرّافات بالنقود.

ولا يستفيد المواطنون السوريون من الخدمات الحكومية الإلكترونية، وما زالوا يعتمدون على الطوابير كوسيلة تلقائية لتنظيم حصولهم على الخدمات، ومنها سحب الأموال من الصرّافات الآلية.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة