“من الآخر”.. حب لا يلغي هواجس الماضي

tag icon ع ع ع

منتصف الطريق، بين علاقتين إحداهما آخذة بالتشكل، وأخرى تحاول طي دفاترها والانسحاب، يقف “ورد العمري” مشدودًا للاتجاهين، وغير قادر في الوقت نفسه على المضي قدمًا ودفن الماضي، أو العودة بالزمن وإلغاء ما قاد لهذا الحاضر.

هكذا يقدّم المسلسل المشترك “من الآخر” صورة بطله القلق والمتأثر بطفولة لا تسر الخاطر، لما فيها من شتات عائلي وخذلان وتخلٍّ أو ما بدا كذلك.

والقضية أن “ورد العمري”، وهو رجل يحاضر في إحدى الجامعات، يلتقي مصادفة وفي الوقت الذي تدخل به حياته الزوجية مرحلة الموت السريري، شابة جميلة تعمل محامية لدى إحدى شركات الخدمات القانونية، ما يوقظ بداخله توقًا شرسًا للحياة دون النظر إلى اعتبارات كثيرة تقيّده، طالما أن حضور هذه الشابة ينسيه حياته العائلية المضطربة، وانتظاره الطويل لاستيقاظ ابنه الوحيد من غيبوبته في المستشفى.

واكتشاف الزوجة لعلاقة زوجها بأخرى لا يدفعها لطلب الانفصال فقط، بل والإصرار عليه بكل قواها، وهو ما يقاومه الزوج، أملًا بألا يعيش ابنه، حين يستيقظ، طفولة أبيه نفسها، حين أدرك العالم بأب يربيه وأم فارقت العائلة لتتزوج في بلد آخر.

ويمكن كثيرًا أن تبدو الأشياء واضحة قبل المشاهدة، على اعتبار أن العمل يطرح أفكارًا يمكن للمشاهد تبني أي منها، والتعامل مع ما تبناه على أنه الخيار الأفضل، كانفصال الزوجين والتفات كل منهما لحياته مع شريك مناسب طفا على السطح فجأة، منتهزًا ضعف كل منهما دون الآخر، أو العودة والغفران والحفاظ على تماسك العائلة، دون تجريم أو إدانة.

يقدّم العمل بطله الجاني بنظر الزوجة كضحية لماضيه، ويخلق له مبررات كفيلة بتضامن شريحة ما من المشاهدين، فالأحداث وإن كانت ممكنة للبعض، لكنها غير واقعية بالنسبة لبعض أكبر، كما أن البدائل ليست بالبهاء الذي تقدّمه الدراما.

وإذا كانت السوق الدرامية على مدار السنوات الأخيرة تعيش حالة جفاف على مستوى النص، فإن ما يميّز “من الآخر”، عمليًا، أسلوب المعالجة، والبناء الدرامي، والبيئة الاجتماعية والنفسية لشخصياته، وهي نقطة إيجابية في أرشيف كاتب القصة والسيناريو والحوار السوري إياد أبو الشامات، الذي قدّم نفسه كاتبًا ذا وزن في مسلسل “غدًا نلتقي”، عام 2015.

“من الآخر” مسلسل من 30 حلقة، أنتجته شركة “الصباح” في 2020، من بطولة معتصم النهار وريتا حايك وسينتيا صموئيل وبديع أبو شقرا وجهاد سعد، وأخرجه شارل شلالا، وعُرض بهدوء مع بدايات انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ما حرمه جزئيًا من اهتمام نالته أعمال أخرى لا تضاهيه على مستوى النص والحوار على الأقل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة