سوريا.. التجارة الإلكترونية من باب رزق إلى بوابة للخوف

camera iconمدخل سوق "الحميدية" قرب الجامع الأموي الكبير في دمشق- 19 من حزيران 2022 (AP)

tag icon ع ع ع

بعد سنوات من العمل ببيع “الإكسسوارات” المصنعة يدويًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تخلّت علا (40 عامًا) عن عملها، إثر توقيفها من قبل عناصر الأمن بسبب عملها دون سجل تجاري.

ومنذ صدور قرار من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في سوريا، في 16 من كانون الثاني 2021، يشترط على العاملين بالتجارة الإلكترونية الحصول على سجل تجاري، يواجه السوريون تضييقًا أمنيًا خلال عملهم.

ويعتمد العديد من السوريين على البيع والتسويق في مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره فرصة لتحقيق ربح برأس مال محدود، خصوصًا مع تراجع قيمة الليرة وصعوبة افتتاح مشاريع رسمية مرخصة.

خسارة مصدر الدخل

توجهت علا للعمل بالتجارة الإلكترونية من خلال بيع “الإكسسوارات” المصنعة يدويًا، بسبب قلة رأس المال والحاجة للبحث عن مصدر دخل يعول أسرتها، بعد أن صار راتب زوجها الذي يعمل موظفًا بإحدى الدوائر الحكومية لا يغطي احتياجات البيت الأساسية، وفق ما قالته لعنب بلدي.

وبعدما استطاعت تكوين شبكة معارف وكسبت العديد من الزبائن، صارت تعتمد بشكل كبير على مكاسب التجارة الإلكترونية.

وقالت علا، “خلال توصيل طلب لإحدى زبوناتي، أوقفتني دورية أمن قرب منزلها وأنا أحمل كيسين كبيرين من (الإكسسوارات)، ليبدأ التحقيق بطبيعة عملي، والمكاسب التي أجنيها منه”.

أوقفت علا في مركز الشرطة بعد مصادرة البضاعة التي كانت تحملها، ولم تخرج إلا بعد دفع “رشوة” والتعهد بعدم العودة إلى العمل دون إصدار سجل تجاري.

“عشت لحظات من الخوف لا أرغب بتذكرها، وخسرت مبلغًا كبيرًا أطفالي بأمس الحاجة إليه”، تابعت علا.

وخوفًا من تكرار التجربة، أُجبرت علا على العمل في تنظيف المنازل لتستطيع تأمين احتياجات عائلتها، وفق قولها.

تحايل على القرار

تعمل دينا (51 عامًا) بتحضير “المونة” في منزلها بدمشق، وتبيعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتلبية احتياجات أسرتها بعد أن عجز زوجها عن العثور على عمل.

وبعد صدور قرار منع البيع الإلكتروني دون سجل تجاري، وتكرار التحذيرات على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي للعاملين في مجال البيع الإلكتروني، تحوّل عمل دينا إلى حالة خوف دائم، وفق ما قالته لعنب بلدي.

وأضافت دينا أنها استطاعت التحايل على هذا القرار بسبب امتلاكها محلًا صغيرًا تؤجره لكسب دخل إضافي.

“طلبت من المستأجر الحصول على رف في المحل لعرض المنتجات التي أبيعها خوفًا من تبعات القرار”، تابعت دينا.

وفي حين استطاعت عرض منتجاتها دون أن يطلب المستأجر نسبة ربح، أجبر العديد من الأشخاص على عرض منتجاتهم في محال تجارية مقابل نسبة لأصحاب المحال، ما قلل مرابحهم بشكل كبير، بحسب ما قالته دينا.

من جهتها، تعمل سهام (36 عامًا)، وهي أم لأربعة أطفال، بتحضير “المونة”، وتعرض كمية صغيرة من المنتجات في محلها التجاري للمواد التموينية لتتجنب الخطر الذي يهدد مصدر دخلها.

وبحسب السيدات الثلاث اللواتي تحدثت إليهن عنب بلدي، يتطلّب إصدار سجل تجاري إجراءات معقدة يصعب توفيرها، بينها عقد إيجار محل.

كما يترتب على ذلك دفع ضرائب بشكل مستمر، ويفرض على العاملين بالتجارة الإلكترونية رقابة من قبل العديد من الجهات التي تحاول أن تقاسم البائعين أي ربح يجنونه، وفق ما قالته سهام.

ويعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام ارتفاعًا متواصلًا بالأسعار، بينما يبلغ متوسط الرواتب الشهرية للموظفين (في القطاع الخاص والعام) حوالي 149 ألف ليرة سورية (24 دولارًا أمريكيًا)، بحسب موقع “SalaryExplorer”.

وفي 16 من كانون الثاني 2021، قال مدير حماية المستهلك في الوزارة، علي الخطيب، لإذاعة “ميلودي“، إن البيع والتسويق عبر الإنترنت ممنوع دون الحصول على سجل تجاري يحدد من خلاله التاجر موقعه ونوع التجارة التي يعمل بها.

وأضاف أن عدم الإعلان عن سعر السلعة المعروضة للبيع على الإنترنت بشكل واضح يعد مخالفة يعاقب عليها القانون، “وأحد الأمثلة على ذلك من يشترطون أن يعلّق الزبون بنقطة ليرسلوا له السعر”.

اللائحة التموينية لحماية المستهلك الإلكتروني

وكانت وزارة التجارة وضعت اللائحة التموينية لحماية المستهلك الإلكتروني، في 17 من شباط 2019.

وحظرت اللائحة على صاحب الموقع الإلكتروني الإعلان عن أي منتج سام أو مغشوش أو فاسد أو ضار بالصحة أو منتهي الصلاحية، في مرحلة التعاقد، وهي المرحلة التي تشهد عمليات الإعلان والتفاوض.

واشترطت على صاحب الموقع، سواء كان منتجًا أم مستوردًا أم حلقات وساطة تجارية أم بائع مفرق، أم وكلاء توزيع، أم مقدم خدمة، أن يقدم فاتورة نظامية للمشتري مهما كانت صفته، في مرحلة التعاقد الإلكتروني.

وحمّلت اللائحة صاحب الموقع مسؤولية الإعلان عن سلع غير مطابقة للمواصفات أُرسلت إلكترونيًا من قبل أحد المنتجين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة