بعد انسحاب قوات النظام من محيط طفس.. مزارعون يحصون خسائرهم

أرض زراعية في محيط مدينة طفس غربي محافظة درعا- 17 من تموز 2023 (عنب بلدي/ حليم محمد)

camera iconأرض زراعية في محيط مدينة طفس غربي محافظة درعا- 17 من تموز 2023 (عنب بلدي/ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

بعد غياب 13 يوم عن مشروعه الزراعي جنوب مدينة طفس، جراء العمليات العسكرية بالمنطقة، عاد نزار لتفقد محصوله من الخيار، ووجده تالفًا بشكل كامل، إذ لم يتمكن من ري أرضه لأكثر من أسبوعين، وتخلّف عن الجدول الإرشادي للمهندس الزراعي المشرف على المشروع.

الاشتباكات التي اندلعت بمحيط طفس بين مقاتلين محليين وقوات النظام السوري في 3 من تموز الحالي واستمرت لنحو أسبوعين، حرمت مزارعي المنطقة من تفقد مزارعهم، واودت بالعديد من المحاصيل الراعية إلى التلف.

نزار قال لعنب بلدي، إنه انتظر حتى انسحبت القوات العسكرية من المنطقة في 16 من الشهر نفسه، بعد عمليات تفجير لعشرات المنازل والممتلكات الخاصة نفذتها قبيل انسحابها، ثم توجه لتفقد محصوله الزراعي.

وصف نزار محصوله من الخيار والذي تحول من اللون الأخضر إلى البني، وتصلبت أوراقه، إذ لا يمكن الاستفادة منه بعد الآن، لكنه لم يفقد الأمل في محصول الذرة المجاور، وشرع بريّه محاولًا إنقاذه من التلف.

مهند، هو الآخر مزارع فقد محصوله من الخيار، وقال لعنب بلدي إنه لم يجن منه سوى مرة واحدة في بداية الموسم، وخسر جهد موسم الزراعة الصيفية كاملًا بسبب العملية العسكرية.

مزارعون ممن قابلتهم عنب بلدي بمحيط مدينة طفس قالوا، إن موجة الحر الشديد التي ضربت المنطقة، تزامنًا مع العمليات العسكرية، حالت دون صمود المحاصيل لفترة أطول، إذ كان يتوجب زيادة وتيرة السقاية خلالها، لكن الآليات العسكرية التي تمركزت على مشارف الحقول الزراعية، منعت المزارعين من دخول المنطقة.

محصول مهند الزراعي الذي وجده تالفًا بعد انتهاء العمليات العسكرية في المنطقة- 17 من تموز 2023 (عنب بلدي)

محصول الخيار وقد تعرض للتلف بسبب العمليات العسكرية في محيط مدينة طفس- 17 من تموز 2023 (عنب بلدي)

تعطّل شبكة الكهرباء

لم تقتصر أضرار العملية العسكرية على المحاصيل الزراعية وحسب، بل شملت بعض قطاعات البنى التحتية كالكهرباء والطاقة الشمسية ومولدات الكهرباء.

المزارع نزار تضرر من جوانب عدة، بحسب ما قاله لعنب بلدي، إذ تضررت محولات الكهرباء والأبراج التي تغذي المنطقة، إثر إصابتها بالرصاص، وهو ما يؤثر في عمل الفلاحين وعمليات السقاية.

مشكلة انقطاع الكهرباء ليست متعلقة بنزار وحده، إذ يقول، إن إصلاح الأضرار لن تباشر به مديرية الكهرباء في درعا، حتى تحصل على مقابل مالي من مزارعي المنطقة، باعتبارهم المستفيدين منها.

ومع استمرار قطع الكهرباء لجأ نزار لتشغيل بئر الماء مستخدمًا مولدة كهرباء تعمل على الديزل (مازوت) ليستطيع إسعاف مشروع الذرة من التلف.

ووصل سعر ليتر الديزل إلى 7300 ليرة سورية، ويحتاج المحرك إلى 6 ليتر من الديزل مع كل ساعة تشغيل، وهو ما سيزيد من خسائر المزرعين في طفس.

وبالنسبة لمهند، فإن الوسيلة الوحيدة للاستفادة من المحصول التالف، هو تحويله لمرعى أغنام، مقابل سعر زهيد.

أضرار أخرى

الممتلكات الخاصة والعامة في المنطقة لم تسلم من الأضرار، إذ فجرت قوات النظام عددًا من الأبنية في الأراضي جنوب طفس، وشملت التفجيرات أكثر من عشرة منازل تعود ملكية معظمها لمدنيين ومن بينها مقر عسكري واحد كان منزلًا للقيادي السابق في فصائل المعارضة خلدون الزعبي، إلى جانب مباني حكومية مثل مبنى “الحفارات”، ومبنى “الري”.

واستهدفت عمليات التفجير منازل للمدنيين يحوي بعضها برادات لتخزين الخضروات، تصل كلفة بنائها وتشغيلها لمئات ملايين الليرات.

ويرى قائد عسكري لمجموعة محلية تنتشر بمدينة طفس، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن النظام يعمل على تحويل مزارع طفس الجنوبية لمنطقة مكشوفة خالية من الأبنية خوفًا من تحصن المقاتلين فيها، ولسهولة رصدها.

وفي 15 من تموز الحالي، فجرت قوات النظام السوري منازل تعود ملكيتها لمدنيين بمدينة طفس غربي محافظة درعا تزامنًا مع تحضيرات القوات العسكرية نفسها للانسحاب من المنطقة.

وأفاد مراسلا عنب بلدي في درعا، أن دوي 11 انفجارًا سمع، في أرجاء ريف المحافظة الغربي، تزامنًا مع رصد المجموعات المحلية في طفس لبدء انسحاب آليات عسكرية تتبع لقوات النظام من المنطقة.

تصاعد الدخان بعد تفير قوات النظام لمبان تعود ملكية معظمها لمدنيين جنوب مدينة طفس- 16 من تموز 2023 (درعا 24)

تصاعد الدخان بعد تفير قوات النظام لمبان تعود ملكية معظمها لمدنيين جنوب مدينة طفس- 16 من تموز 2023 (درعا 24)

حملة النظام على طفس

بدأت قوات النظام حملتها العسكرية الأحدث على مدينة طفس غربي درعا في 3 من تموز الحالي، بالتمهيد لحملة أمنية على الأراضي الزراعية الممتدة من اليادودة إلى طفس، لملاحقة مطلوبين لها.

سبق ذلك إنشاء القوات نفسها لحاجز أمني على الشارع الرئيسي بين بلدتي المزيريب واليادودة، تزامنًا مع إنشاء نقاط عسكرية في الأراضي الزراعية بين طفس واليادودة.

وشهدت الأيام الماضية اشتباكات متقطعة بين مقاتلين سابقين بفصائل المعارضة وقوات النظام السوري جنوب مدينة طفس في ريف درعا الغربي.

الاشتباكات المتقطعة استمرت حتى 11 من تموز الحالي، وتوقفت بعد هدنة وُقّعت بين قوات النظام والمقاتلين المحليين، عقب اجتماع لوجهاء المنطقة مع ضباط من القوات المهاجمة للتفاوض على سحب الجيش من محيط المدينة، وهو ما حصل يوم 16 من الشهر نفسه.

وبحسب ما قاله اثنان من وجهاء طفس حينها لعنب بلدي، فإن مطالب النظام تركزت على خروج “الغرباء” من المدينة، بالإضافة إلى ثلاثة مطلوبين من أبنائها من آل الزعبي، مقابل تسهيل حركة مرور المزارعين لأراضيهم، وسحب القوات العسكرية من أطراف المدينة.

وتكررت الأحداث الأمنية التي أضرت باقتصاد المنطقة القائم على الزراعة، ففي آب 2022، شنت قوات النظام حملة عسكرية على مدينة طفس، مطالبة بخروج مطلوبين لها من المنطقة، واستمرت الحملة عدة أيام أدت إلى تلف بعض المحاصيل الزراعية، وإلى أضرار بممتلكات المدنيين.

وفي تموز 2021، خلال محاولة اقتحام النظام مدينة درعا البلد، امتدت المعارك لمحيط مدينة طفس واليادودة، وأسفرت الاشتباكات المتقطعة هناك عن أضرار بمصالح وممتلكات المزارعين في المنطقة.

وفي كانون الثاني من العام نفسه، حاصرت وحدات عسكرية من قوات النظام مدينة طفس، وطالبت بترحيل ستة أشخاص نحو الشمال السوري، هم إياد جعارة، و”أبو طارق الصبيحي”، و”أبو عمر الشاغوري”، وإياد الغانم، ومحمد جاد الله الزعبي، ومحمد إبراهيم الربداوي (قُتل باستهداف في 15 من حزيران 2022).

اقرأ أيضًا: طفس.. بوابة ريف درعا الغربي وهدف متكرر للنظام

شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة