تنظيم “الدولة” دون “خليفة”.. غياب للبديل أم صمت مدروس

camera iconمقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا يبايعون الزعيم الجديد "أبو الحسين القرشي" (قبل مقتله)- كانون الأول 2022 (معرف التنظيم تلجرام)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسن إبراهيم

لم يؤكد تنظيم “الدولة الإسلامية” أو ينفِ أخبار مقتل زعيمه الرابع “أبو الحسين القرشي”، وبقي ملتزمًا الصمت، بعد مضي أكثر من 80 يومًا على إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، “تحييده” بعملية استخباراتية شمالي سوريا.

وفي الوقت الذي يترقب فيه المتخصصون بالشأن “الجهادي” نعي “الخليفة” الرابع عبر المتحدث الرسمي للتنظيم، “أبو عمر المهاجر”، كما جرت العادة مع سابقيه ومعرفة خليفته، نشر التنظيم إصدارًا جديدًا حمل اسم “صناع الملاحم (7)”، مستعرضًا عشرات العمليات لعناصره.

اعتاد التنظيم بعد العمليات التي استهدفت زعماءه الإعلان عن مقتل “الخليفة” وتعيين زعيم خلفًا له بتسجيل واحد، وتراوحت الفترة بين عملية القتل وإعلان تعيين البديل بين أربعة أيام ونحو شهر.

تركيا تعلن مقتل “أبو الحسين”

في 30 من نيسان الماضي، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن جهاز الاستخبارات التركية (MIT) “حيّد” زعيم تنظيم “الدولة”، “أبو الحسين القرشي”، بعملية في مدينة جنديرس شمالي حلب، في 29 من الشهر نفسه، قائلًا إن جهاز الاستخبارات كان يتعقبه منذ فترة طويلة.

حصلت عنب بلدي على معلومات من مصدر في “الشرطة العسكرية” لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، بأن وحدات المخابرات نفذت مع “الجيش الوطني” عملية أمنية في قرية مسكنة التابعة لجنديرس شمالي حلب.

وقال المصدر (طلب عدم الكشف عن اسمه)، إن القيادي المشتبه به فجّر نفسه في المبنى الذي كان يتحصن فيه، وفرضت القوات طوقًا أمنيًا حول المنزل ولم تسمح لأحد بالاقتراب.

في 2 من أيار الماضي، نقلت وكالة “رويترز“، عن مسؤول أمني تركي كبير (لم تسمِّه)، أن “أبو الحسين القرشي” قُتل عندما فجر سترة ناسفة خلال غارة للقوات الخاصة التركية بعد رفضه الاستسلام.

المسؤول الأمني أوضح أن العملية استمرت أربع ساعات، وأن المخابرات التركية كانت تراقب “القرشي” منذ فترة، ونفذت العملية السرية بعد التأكد من أنه سينتقل من مكان إقامته في وقت قريب.

وذكر المسؤول أن “القرشي” فجر سترته الناسفة حين أدرك أنه سيجري القبض عليه، لافتًا إلى أنه تلقى عدة دعوات للاستسلام، لكنه لم يرد عليها.

واستمرت فترة تولي “أبو الحسين القرشي” زعامة “الدولة الإسلامية” أربعة أشهر، منذ تعيينه نهاية تشرين الثاني 2022 حتى إعلان “تحييده”، ويعد “الخليفة” الرابع للتنظيم.

مقاتلو تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا يبايعون الزعيم الجديد “أبو الحسين القرشي” (قبل مقتله)- كانون الأول 2022 (معرف التنظيم تلجرام)

إصدار بغياب “الخليفة”

بعد نحو شهرين على إعلان مقتل “أبو الحسين”، نشر تنظيم “الدولة”، في 25 من حزيران الماضي، إصدارًا جديدًا حمل اسم “صناع الملاحم (7)”، استعرض عشرات عمليات الاستهداف التي نفذها في مختلف المحافظات السورية، وتركز معظمها في دير الزور ودرعا.

وتضمّن التسجيل المصوّر استعراضًا لعمليات اقتحام مقار وحواجز، وعمليات إعدام ميداني لعناصر من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وآخرين من قوات النظام السوري، وعملية طالت دورية روسية في درعا.

واستعرض الإصدار مشاهد من تفخيخ وتفجير منازل لأشخاص قال إنهم “جواسيس”، وعملية إعدام أربعة أشخاص من الطائفة الإسماعيلية بريف حماة الشرقي، كما فجر مقاتلوه مقار عسكرية لقوات النظام و”قسد”.

يعد الإصدار واحدًا من سلسلة “صناع الملاحم” الدعائية للتنظيم سبقته ستة إصدارات، بدأها في آذار 2021 بإصدار لفرعه في باكستان، وبعد شهر تبعه إصدار من شبه جزيرة سيناء بمصر.

وفي أيار 2021 كان إصدار في العراق، وفي تموز بأفغانستان، وفي تشرين الأول من العام نفسه في غرب إفريقيا، وتأخر إصدار “صناع الملاحم (6)”، ونشره التنظيم في نيسان 2022.

ولم يتطرق إصدار “صناع الملاحم (7)” إلى اسم زعيم التنظيم، رغم ظهور عنصرين خلاله وإعلان ولائهما لـ”الخليفة” بقولهما “خليفة المسلمين” دون ذكر اسمه.

الصحفية في هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية (BBC)، والمتخصصة في شؤون الجماعات “الجهادية” مينا اللامي، قالت عبر “تويتر“، إن الإصدار الجديد مقلق للغاية من حيث العنف، معتبرة أنه يحمل هدفين رئيسين.

الأول، بحسب اللامي، هو ردع أي شخص عن العمل ضد تنظيم “الدولة” في سوريا، والثاني إثبات أن التنظيم لا يزال يتمتع بالقدرة والوصول في البلاد، على الرغم من فقدانه شخصيات قيادية.

هل يفتقد التنظيم للقيادات

بعد استهداف “البغدادي”، استغرق الإعلان عن مقتله وتعيين “أبو إبراهيم القرشي” أربعة أيام، وعقب مقتل “أبو إبراهيم”، أعلن التنظيم عن ذلك بعد 37 يومًا وعيّن “أبو الحسن القرشي”.

وبعد شهر من مقتل “أبو الحسن القرشي”، أعلن المتحدث باسم التنظيم تعيين “أبو الحسين” زعيمًا للتنظيم.

الباحث المتخصص في الجماعات “الجهادية” عرابي عرابي، أرجع تأخير إعلان مقتل زعيم التنظيم إلى سببين، الأول عدم وجود قيادات من الصف الأول تستطيع أن تسد مكان “الخليفة”، وتتوافق عليها الولايات التابعة له.

وقال عرابي لعنب بلدي، إنه في حال وجود قيادات، فهي على الأغلب من الصف الثاني أو الثالث، وهذا يدخل التنظيم في حالة ضعف، وربما المشاورات حاليًا تنحصر حول مزايا القائد الجديد، والتأخير مبرر، فالتنظيم لا يعلن عن مقتل زعيمه إلا بعد أن يولي شخصًا مكانه.

وبحسب خبراء وباحثين، فإن أولويات التنظيم باختيار زعيمه هي العقيدة بالمقام الأول، وأن يكون “قرشيًا هاشميًا” بالمقام الثاني، وعربيًا بالدرجة الثالثة.

ويعود استخدام “القرشي الهاشمي” إلى أصل الرسول محمد، وبالتالي فإن استخدام قادة التنظيم لهذه الألقاب، يوحي بأنهم قادمون من نسب النبي، حسب زعمهم.

ويرى عرابي أن السبب الثاني لتأخير الإعلان، هو أن التنظيم ربما يرى في الصمت مصلحة خاصة له، ويترك الأمور للتساؤلات والتكهنات، خاصة مع وجود عمليات متصاعدة ضده في سوريا والعراق.

ومنذ مطلع العام الحالي، تتبادل قوات التحالف الدولي التي تقودها أمريكا في سوريا، وتنظيم “الدولة الإسلامية”، إحصائيات للعمليات التي نفذاها في سوريا، إذ يستهدف التحالف خلايا التنظيم، بينما يرد الآخر باستهدافات متفرقة ضد “قسد” وقوات النظام، ومدنيين يتهمهم بـ”العمالة” للأخيرين.

وفي 6 من تموز الحالي، قالت القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، إن قواتها العسكرية نفذت إلى جانب التحالف الدولي و”شركاء آخرين”، 37 عملية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق خلال حزيران الماضي.

وأسفرت العمليات عن مقتل 13 عنصرًا من التنظيم، واعتقال 21 آخرين، كانت سبع عمليات من أصل الحصيلة في سوريا، أسفرت عن مقتل عنصر واعتقال 14 آخرين، و30 عملية في العراق، نتج عنها مقتل 12 عنصرًا واعتقال سبعة.

ثلاثة زعماء سبقوا “أبو الحسين”

في 30 من حزيران 2014، أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” قيام ما وصفها بـ”الخلافة الإسلامية”، وتنصيب عبد الله إبراهيم السامرائي المعروف بـ”أبو بكر البغدادي”، “إمامًا وخليفة للمسلمين في كل مكان”.
بعد خمس سنوات، وإثر تراجع عمليات التنظيم وانحسار مناطق سيطرته جغرافيًا، نفذت القوات الأمريكية عملية إنزال جوي في منطقة باريشا بريف إدلب الشمالي، على موقع يتحصن فيه “البغدادي”، في وقت مبكر من فجر يوم 27 من تشرين الأول 2019، ثم شنت طائرات حربية أمريكية غارات على المكان.

اكتشفت القوة الأمريكية مخبأ “البغدادي” في نفق، وأغلقته وانتهى الأمر عندما فجر سترته الناسفة، وفق رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال مارك ميلي، وقُتل حينها سبعة أشخاص مدنيين، هم ثلاثة رجال وثلاث نساء وطفلة.

“الخليفة” الثاني هو عبد الله قرداش (أبو إبراهيم القرشي)، واستمرت قيادته للتنظيم ثلاث سنوات وخمسة أشهر، وقُتل في شباط 2022، بعملية إنزال جوي أمريكية على منزل في قرية أطمة الحدودية، وأسفرت العملية عن مقتل 13 شخصًا على الأقل بينهم ستة أطفال وأربع نساء.

الزعيم الثالث للتنظيم كان “أبو الحسن القرشي”، واستمرت فترة “خلافته” نحو ثمانية أشهر، وقُتل بعملية لـ”الجيش السوري الحر” بمحافظة درعا جنوبي سوريا، في تشرين الأول 2022، وفقًا للمتحدث باسم القيادة المركزية للقوات الأمريكية (سينتكوم)، جو بوتشينو، والرابع هو “أبو الحسين”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة