“البريميرليج” في الموسم الجديد.. لا يشبه ما سبقه

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

اقتربت صافرة البداية للمواسم الجديدة في أوروبا محليًا وقاريًا، ويعد آب كما هو المعتاد شهر انطلاق الدوريات تباعًا، والعين بدورها تترقب كل جديد ومفاجئ في “البريميرليج” كما في “الليجا” الإسباني و”الكالتشيو” الإيطالي و”البوندسليجا” الألماني. ولأنه الأول في ريادة المسابقات المحلية الأوروبية، تبقى للدوري الإنجليزي حسابات خاصة معقدة ومفتوحة، ومهما رسمت عناوينها العريضة وبحثت في خبايا وخفايا كل صفقة بكل نادٍ منافس أو متوسط أو زائر من “الشامبيونشيب”، فلا بد لحساباتك أن تدخل متاهات لا حدود لها بعد مرور خمس أو ست جولات في المسابقة الأكثر شعبية ومتابعة بالعالم “البريميرليج”.

طبعًا لم تُصرف الأموال وتُعدّل الميزانيات في أكبر أندية إنجلترا، ولم تُعقد الصفقات والانتدابات للاعبين مهمين في صراع المسابقات الإنجليزية والقارية، حتى نأتي لنكتب بضعة أسطر ويكون المشهد أمامنا واضحًا وكأننا نعلم أو علمنا أو ضربنا في المندل، لمن ستكون الصدارة والكراسي المؤهلة للمسابقات الأوروبية، أبدًا، الأندية تتجهز بشكل مثير، وعناوين التحدي أصبحت على أهبة الاستعداد كما في كل موسم، ولكن تبقى للمشاهد والمتابع والعاشق والناقد خطوط يمشي عليها وفق المنطق ووفق السيرة الذاتية والفنية لكل منافس على اللقب وخصوصًا في الموسم الماضي.

كرة القدم التي لا يداعب فنونها وأرقامها إلا تخطيط المدربين وأقدام وعقول اللاعبين نجومًا كانوا أم مهمشين، لطالما اكتسحت المنطق والمستحيل، وهي تشبه تمامًا أجواء “البريميرليج” في كل موسم، فمن ذا الذي كان يتوقع صعودًا مميزًا للأرسنال في موسمين متتاليين شطب بهما مواسم مؤلمة ومظلمة، وهدد بعودته أقوى الأندية استعدادًا ونفوذًا واستقرارًا اقتصاديًا. وها هو آرسين فينجر أحد أعمدة الفريق فنيًا في السنوات الماضية يتوعد بالصدارة وحيازة اللقب في الموسم الجديد، علمًا أن “الجانرز” لا يصرفون أموالًا ضخمة أو اعتيادية في صفقات اللاعبين.

وكم عدد الذين كانوا يتوقعون الحال السيئة والمحزنة التي وصل إليها ليستر سيتي بعد سنوات حقق فيها اللقب وتميز في حجز مقعده الأوروبي. اليوم لا وجود للفريق العنيد في جداول “البريميرليج”. هبط إلى الدرجة الأولى، ومن يدري هل يعود سريعًا أم يبقى حبيس “الشامبيونشيب” لمواسم طويلة.

عمومًا، ترصد الصحف والمواقع الرياضية وأجهزة الإعلام تطورات العمل في كل فريق على مستوى “البريميرليج”، وخصوصًا الأندية التي تعرضت لهزات مختلفة ومتواترة في المواسم الماضية. لا وجود للبلوز تشيلسي في المسابقات الأوروبية، ويبدو أن الموسم سيكون صعبًا للغاية على أصحاب القمصان الزرقاء بعد رحيل عدد من نجوم الفريق في صفقات من غير المؤكد أن تعويضها سيكون سهلًا. ليفربول أيضًا سيبدأ موسمه الجديد بقناعة أن منافسته المحلية يشوبها الحذر وقلة الأخطاء، وأن الدوري الأوروبي أفضل من لا شيء بعد أن فقد كرسي دوري الأبطال عن الموسم الجديد.

في حال رحيل هاري كين عن توتنهام قبل بداية الموسم، لن يكون حال “السبيرز” بأفضل من حال تشيلسي، ولن يخرج صراع من تبقى داخل الفريق مع خصومهم أبعد من منتصف جدول الترتيب، فجاهزية الفرق على اللقب وعلى الكراسي المؤهلة لدوري الأبطال تامة ومكتملة من ناحية التعاقدات والاستقرار الفني والحالة الاقتصادية المميزة. وهنا لا بد أن نتابع تطورات المشهد في نيوكاسل يونايتد بعد موسم تنافسي جيد وفق مخططات العمل الجديدة في النادي. الفريق بين الأربعة الكبار على سلم الترتيب مع تذكرة دوري أبطال أوروبا، لا نقول هنا إن على نيوكاسل حرق المراحل نحو صدارة الترتيب واعتلاء منصة التتويج، ولكن على الأقل ألا يخسر ما حققه وبدأ به، ولربما بطولة أو أكثر في مسابقات الكأس والرابطة تفي بالغرض.

لا جديد يقال في حضرة المان سيتي، الأكثر استقرارًا والأكثر ترشيحًا لنيل اللقب في الموسم الجديد، فما زال بيب جوارديولا يرسم مخطط السيطرة أكثر وأكبر على البطولات المحلية داخل المملكة المتحدة بعد أن تنفس الصعداء بلقب أوروبي ونجمة ساطعة لتاريخ النادي. انتدابات الفريق الماضية والحالية وتصريف من ليس له مكان ضمن تشكيلة ودكة بدلاء الفيلسوف تعلن بأنه أول من يتحدى لحيازة لقب موسم 2023- 2024.

تبقى المشكلة التي لم يعرف أبناء الشياطين الحمر لها مخرجًا أو بابًا يريح أعصابهم، هي كيف نتخلص من حقبة السير أليكس فيرغسون، وكيف نعود إلى المنافسة، وكيف نعيد الألقاب إلى خزائننا؟

يبدو أن نفَس السيد تين هاج مدرب المان يونايتد طويل وعميق، وليس واضحًا بأنه مهد الطريق لمنافسة صلبة وشرسة باتجاه الألقاب المحلية أو منصة “البريميرليج”، على أقل تقدير، ما زال أبناء “أولد ترافورد” لا يملكون الثقة بأن لاعبيهم ومدربهم وإدارتهم قادرة على التحدي أمام فلسفة السيتي وعودة ليفربول وطموحات نيوكاسل. ومن يدري لربما يكون موسمًا مشابهًا لما سبقه في الصراع على كرسي مؤهل لـ”الشامبيونزليج” ولقب درع أو رابطة أو كأس اتحاد، ولكنه ليس مشبعًا لخزائن مان يونايتد، فمن الذي سيغلق كتاب فيرغسون، ومتى؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة