القامشلي.. نساء يواجهن الفقر بإعداد المؤونة الصيفية وبيعها

camera iconدبس البندورة ونعناع مجفف في ورشة محلية بمدينة القامشلي- 20 من تموز 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

“المؤونة الصيفية كنز الشتاء، تعلمتها وأنا بعمر 15 عامًا، وهي اليوم هي مصدر رزق مؤقت، والعمل بها ممتع”، بهذه الكلمات وصفت كريمة عملها في إعداد المؤونة الصيفية وبيعها.

تميل العائلات السورية إلى تخزين الخضار والفواكه الصيفية الموسمية في نهاية الصيف، لاستهلاكها في الشتاء، وهو تقليد شعبي موروث لهدف اقتصادي، إذ إن أسعار منتجات كل موسم تنخفض خلاله وترتفع بشكل كبير في المواسم الأخرى.

مؤونة الصيف.. مصدر رزقهن

تجتمع النساء في حي قدور بيك بمدينة القامشلي لإعداد المؤونة الصيفية وبيعها، في طقوس تعد جزءًا من التراث في المنطقة، وفق ما قالته كريمة محمد خليل لعنب بلدي.

وأوضحت كريمة أنها مسؤولة عن ورشة عمل تضم خمس سيدات يعملن بتحضير المؤونة الصيفية، ولا يملكن سوى ماكينة لإعداد دبس الفليفلة وتسهيل وتسريع عملية صنعه.

وكانت هذه الورشة تعطي سابقًا، وفق كريمة، مردودًا ماديًا “مقبولًا” لها وللنساء اللواتي يعملن معها في ظل الظروف المعيشية “الصعبة”، بينما في العام الحالي أدى ارتفاع الأسعار إلى تقليص نسبة المبيعات، كما أدى انخفاض قيمة العملة المحلية إلى تراجع قيمة الأرباح.

وتعد كريمة المؤونة بحسب حاجة الأسرة التي تشتري منها بهدف استخدامها خلال فترات أخرى من السنة، مثل “المكدوس”، و”المحمرة”، ودبس البندورة، والملوخية، والبامية، والمخللات، والمربيات بأنواعها.

وفي موسم العام الحالي، ترى كريمة أن من الصعب شراء الخضار بسبب تفاوت الأسعار وارتفاعها بشكل مستمر، وأوضحت أنها تشتري الخضار بالدَّين وبكمية محددة، وعند بيع المؤونة تسدد ثمنها على دفعات، وبسبب ارتفاع الأسعار بشكل سريع نسبيًا أصبحت الاستدانة بالدولار بينما هي تبيع بالليرة التي تنخفض قيمتها قبل إعادة قيمة الدَّين، وهو ما يخفض من نسبة الربح.

وقالت كريمة إن هذه الحالة باتت تشكّل “عبئًا” على عملهم، وخصوصًا على النساء اللواتي يعملن معها، فمنهم أرامل ويعتمدن على عملهن بشكل أساسي في تأمين مصاريفهن.

وبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية 13300 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص بتتبع قيمة الليرة.

تجفيف البامية على شكل حبال للمؤونة الصيفية في ورشة محلية بالقامشلي- 20 من تموز 2023 (عنب بلدي)

رواتب لا تكفي

يعمل زوج كريمة في شركة توريد الحبوب التابعة لحكومة النظام السوري في مدينة القامشلي، ويتقاضى راتبًا قدره 120 ألف ليرة سورية شهريًا، وهذا الراتب لا يكفي إيجار منزلهم البالغ 150 ألف ليرة مع أنهم يسكنون في حي شعبي وبعيد عن مركز المدينة.

وكانت أحدث زيادة أقرها رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في منتصف كانون الأول 2021، إذ أصدر حينها ثلاثة مراسيم تشريعية زاد بموجبها رواتب وأجور وتعويضات العاملين المدنيين والعسكريين وأصحاب المعاشات التقاعدية بنسب وصلت إلى 30%.

ومنذ نحو 50 يومًا وعدت الحكومة موظفيها بزيادة مرتقبة للرواتب، وفق تصريح رئيسها، حسين عرنوس، في حين أصبح راتب الموظف في مؤسسات الحكومة لا يتعدى 15 دولارًا أمريكيًا.

وعد الغريب، إحدى النساء العاملات ضمن ورشة كريمة، وهي امرأة أرملة أم لثلاثة أطفال أكبرهم لا يتجاوز عمره عشر سنوات، قالت لعنب بلدي، إنها تعمل في هذه الورشة منذ ثلاث سنوات وتعول عائلتها من خلال عملها.

كان زوج وعد يعمل موظفًا حكوميًا، ولهذا تتقاضى بدلًا عن راتب زوجها مبلغًا لا يتجاوز 45 ألفًا شهريًا، وبسبب ضعف الرواتب اضطرت وعد للعمل، مشيرة إلى أن ما تجنيه من عملها في إعداد المؤونة الصيفية تشتري فيه مادة المازوت للشتاء لأن مستحقاتها هي وعائلتها لا تكفيها لتحمل برد الشتاء “القاسي”.

ورفعت هيئة المحروقات في “الإدارة الذاتية” بشمال شرقي سوريا، في 16 من تموز الحالي، أسعار المحروقات فيما لم تحدد بعد كمية المازوت المخصص للعائلات لهذا العام.

ومن الصعوبات التي تواجهها كريمة في عملها هذا العام، ارتفاع سعر مادة الكاز اللازمة لتحضير بعض أنواع المؤونة الصيفية والمربيات، إذ تعتمد عليه للطهو بدلًا من الغاز المنزلي “الغالي”.

وبلغ سعر ليتر الكاز 2500 ليرة، فيما يلزم الورشة في اليوم الواحد أربعة ليترات، وشرحت كريمة أنه في حال استمرت الأسعار في الارتفاع، ستبدأ بالطهو على الحطب كنوع من أنواع التوفير.

وأفادت كريمة بأنها ستواظب على عمل بيع المؤونة، كون لديها زبائن من العوائل الميسورة الحال، التي تشتري المؤونة من الورشة سنويًا، وتعتمد عليها في إعدادها.

أكياس الملوخية المجففة في ورشة محلية بمدينة القامشلي- 20 من تموز 2023 (عنب بلدي)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة