مخاوف انعدام الأمن الغذائي.. أين وصلت اتفاقية البحر الأسود للحبوب

camera iconجلسة مجلس الأمن لمناقشة تأثير الصراع على انعدام الأمن الغذائي- 3 آب 2023 (UN)

tag icon ع ع ع

بعد نحو نصف شهر على انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب عبر موانئ البحر الأسود بشكل آمن من الموانئ الأوكرانية، وأثره على أسواق القمح العالمية، تصدرت تحذيرات أممية من مخاوف زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وخلال جلسة مجلس الأمن، الخميس 3 من آب، لمناقشة “المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع”، قالت منسقة الأمم المتحدة للوقاية من المجاعة والاستجابة لها، رينا غيلاني، إن خطر المجاعة يجب أن يكون “خط أحمر”، وإن “الجوع والصراع يغذي كل منهما الآخر”.

وحذرت المسؤولة الأممية من أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام حاد للأمن الغذائي بلغ ربع مليار شخص العام الماضي، وهو الرقم الأعلى الذي يسجل منذ سنوات.

وأوضحت غيلاني أن الصراع وانعدام الأمن لا يزالان من العوامل الرئيسية للجوع والمجاعة، مشيرة إلى عدة بلدان يعيش فيها الناس ظروفًا شبيهة بالمجاعة مثل أفغانستان والصومال وجنوب السودان واليمن.

وتحدثت أمام أعضاء المجلس رئيسة منظمة “إيديسيا”، نافين سالم، والتي تعمل في مجال مواجهة سوء التغذية لدى الأطفال، قائلة إن “العالم أمام خيارين وهما إما اطعام جميع الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد في العالم أو وقف النزاعات”.

وأشارت إلى أن هناك حاجة إلى 1.7 مليار دولار لإطعام 117 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد “إلى أن نتمكن من إنهاء هذه الصراعات”، مضيفة أنه مع تزايد النزاعات فإن شركاءهم يعانون من نقص حاد في التمويل ولا يستطيعون سوى الحصول على 50% من احتياجاتهم.

تبادل تهم.. سوريا حاضرة

ترأس جلسة مجلس الأمن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن في آب الحالي، حيث شدد في كلمته على أن الجوع والصراع مرتبطان ارتباطًا وثيقًا حيث يؤدي شح الموارد إلى رفع منسوب التوتر بين المجتمعات والدول.

وذكر أمثلة عن تسبب الصراع بشح الموارد الغذائية في أكثر من دولة، بينها أوكرانيا، حيث اتهم روسيا باستغلال مبادرة البحر الأسود عبر انسحابها منها، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب في العالم بأكثر من 8%، واستخدام المستضعفين في العالم كوسيلة ضغط، ودعا إلى إنهاء ما وصفه بالحرب “غير المبررة وغير المعقولة”.

وخلال الجلسة أكد وزير الخارجية الأمريكي، أن بلاده مستعدة لتجديد الجهود من أجل “فرض شريان الحياة الحيوي” لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا من معبر “باب الهوى” الحدودي، إذا لم تتمكن الأمم المتحدة ودمشق من إيجاد طريقة لإعادة تفعيل المعبر.

بالمقابل، اعتبر نائب الممثل الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، أن آلية إيصال المساعدات عبر الحدود “يستخدمها الغرب لتغيير السلطة في البلاد”، وأنه “على الرغم من كل الشعارات الخيرية، فإن مساعدات المانحين من الدول الغربية لشمال سوريا دائمًا ما تحمل شروطًا سياسية مسبقة”.

وألقا بوليانسكي باللوم على دول الغرب فيما يتعلق بأزمة الأمن الغذائي، قائلًا إنهم يحاولون استغلال هذا الموضوع من أجل “شيطنة روسيا”.

وأضاف أن العديد من أزمات الغذاء الأكثر حدة كانت ناتجة بشكل مباشر أو غير مباشر عن تصرفات الولايات المتحدة وحلفائها أو نتيجة سياساتهم طويلة المدى.

ونفى نائب المندوب الروسي وجود نقص حاد في الغذاء في العالم، بل إن المشكلة في “التوزيع غير المتكافئ للغذاء”، مشيرًا إلى أنه لذلك “وصل 3% فقط من صادرات الحبوب إلى الدول المحتاجة، بينما حصلت الدول الغربية على حصة الأسد”، على حد تعبيره.

وتطرق بوليانسكي إلى ما وصفه “بازدواجية المعايير” فيما يخص اتفاقية الحبوب، عبر عدم الالتزام بالجزء الثاني من الاتفاقية المتعلق بتصدير الأغذية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية، بينما تنفي الولايات المتحدة أي تأثير للعقوبات على روسيا بما يخص صادرات روسيا من الأغذية والأسمدة.

وارتفعت أسعار القمح العالمية بعد انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب في 17 من الشهر الماضي، لتبلغ ذروتها في 24 من تموز، لتعود وتنخفض إلى مستوى الأسعار التي كانت فيه عندما انسحبت روسيا من الاتفاقية.

أول شحنة بموجب مبادرة البحر الأسود في طريقها نحو وجهتها- آب 2022 (أوتشا)

أول شحنة بموجب مبادرة البحر الأسود في طريقها نحو وجهتها- آب 2022 (أوتشا)

الاتفاقية حاضرة في أنقرة

تعد تركيا الوسيط المباشر بالإضافة إلى الأمم المتحدة في اتفاق تصدير الحبوب عبر موانئ البحر الأسود، ويوجد مركز في اسطنبول ضمن بنود الاتفاق لتتبع ومراقبة الشحنات الصادرة من الموانئ.

وسيجري الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، زيارة إلى تركيا الشهر الحالي، وفق تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة 4 من آب.

وحول اتفاقية تصدير الحبوب، أكد الرئيس التركي أن بلاده وروسيا لديهما نفس الموقف في هذا الملف، مشيرًا إلى أن تركيا ستحول الحبوب الواردة من روسيا عبر ممر البحر الأسود إلى دقيق، ومن ثم نقلها إلى البلدان الإفريقية الفقيرة والنامية.

من جهته قال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، خلال مؤتمر صحفي بعد جلسة مجلس الأمن أمس الخميس، “أوكرانيا تنسق مع أردوغان لإعادة بوتين إلى اتفاقية ممر الحبوب في البحر الأسود، هذه مصلحة متبادلة، وأردوغان هو الزعيم الوحيد الذي يمكنه إعادة بوتين إلى الاتفاقية.

وفي 19 من تموز الماضي، حذّر صندوق النقد الدولي، من أن انسحاب روسيا من الاتفاق الذي يسمح بالصادرات الأوكرانية عبر البحر الأسود يفاقم أزمة الأمن الغذائي العالمي وينذر بارتفاع أسعار الغذاء، خاصة بالنسبة للبلدان المنخفضة الدخل.

وقال المتحدث إن الاتفاق سمح لأوكرانيا بتصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب عن طريق البحر، وهو ما كان عاملًا مهمًا للأمن الغذائي العالمي.

وبحسب أرقام أوردتها وكالة “الأناضول”، شحنت هذه الكمية من الحبوب بوساطة أكثر من ألف سفينة عبر الممر، منذ تحرك أول سفينة في 1 من آب 2022 حتى انسحاب روسيا من الاتفاق.

وجرى نقل 40% من الحبوب المشحونة عبر الممر إلى أوروبا، و30% نحو آسيا، و13% إلى تركيا، و12% إلى أفريقيا، و5% للشرق الأوسط.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة