روبياليس وفاروق سرية.. متل عنا فرد شكل

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

أثارت قبلة رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم في نهائي مونديال السيدات ضجة عالمية، وفردت الصحف والمجلات صفحات كبرى للحديث عن الواقعة المخزية التي كان بطلها روبياليس رئيس اتحاد الكرة في إسبانيا وضحيتها اللاعبة هيرموسو نجمة المنتخب الإسباني للسيدات، قبلة على شفاه هيرموسو بشكل مفاجئ ومن دون موافقتها أطاحت بالسيد روبياليس من رئاسة الاتحاد.

وعلى الرغم من مواربته المستمرة وتصريحاته المستفزة والمتقلبة، ناصرت جهات رياضية عليا في إسبانيا وأوروبا هيرموسو، وضيقت الخناق على روبياليس وجعلته متهمًا ومطلوبًا للعدالة ومطرودًا من الأسرة الرياضية في إسبانيا، كما اتخذت لاعبات المنتخب الإسباني نفس الموقف المشرف لمناصرة هيرموسو، بعدم اللعب للمنتخب تحت ظل روبياليس.

القضية كانت تستحق هذه الضجة حتى لا تمر مرورًا سريعًا وسط احتفالات إسبانيا وجماهيرها ورياضييها بالحدث الأبرز، كأس العالم للسيدات لأول مرة، وكان لا بد من محاصرة السيد روبياليس لأن ما فعله يستوجب المحاسبة والعقوبة والطرد، وعدا الأضرار المعنوية والنفسية التي أصابت اللاعبة هيرموسو وزميلاتها في المنتخب جراء هذا الحدث المخزي، فإن حقها في محاسبة روبياليس يعتبر معقولًا ومرضيًا من البوابة الإدارية والرياضية.

لا أستطيع أن أرى مبررًا لمن لا يتضامن مع هيرموسو في الحقل الرياضي أو الإعلامي، ولا أستطيع أن أجد عذرًا لمن لا يستنكر ويدين فعل روبياليس الأحمق والمشين والبعيد عن الرياضة وروحها وأخلاقها السامية. بنفس الوقت، لا أستطيع إيقاف تفكيري ومراجعتي لذكريات الحقل الرياضي في سوريا، مئات الانتهاكات بحق الرياضيين السوريين من قبل المسؤولين عن القرار والمتداخلين فيه والقريبين من سدة القرار في منظمة الاتحاد الرياضي العام والاتحادات الخاصة بالألعاب واللجان التنفيذية والمشرف على كل هذه القطاعات الرياضية وهو مكتب الشبيبة والرياضة في القيادة القطرية لحزب “البعث العربي الاشتراكي”.

كانت الانتهاكات بحق لاعب أو لاعبة، مدرب أو مدربة، محط سخرية وحديث وتداول الإعلاميين في سوريا، دون أن يجرؤ أحد على فتح أي ملف اللهم إلا فيما ندر، وقد يكون فتح الملف لإسقاط مسؤول متفق عليه وإدخال اسم جديد في الانتخابات لأي قطاع رياضي في البلاد.

الانتهاكات لم تكن قبلة على الشفاه يا سادة، ولربما حدث في بعض الأوقات أسوأ من ذلك، للمقايضة على بعثة خارجية أو منصب في نادٍ، ولربما تم ابتزاز سباحة أو لاعبة كرة سلة أو مدربة كرة طائرة بما لا يليق بأخلاق الرياضة وشعاراتها السامية للابتعاد عن مركز ما أو منتخب مشارك في دورة عربية أو إدارة ملف رياضي مهم.

ما زلت أذكر أن السيد فاروق سرية، رئيس الاتحاد الكروي أكثر من مرة، وعضو مجلس إدارة الاتحاد الرياضي العام أكثر من مرة، كان يفعل ما يحلو له من دون حسيب أو رقيب، من الصفعة الشهيرة التي وجهها إلى وجه اللاعب سامر درويش، وأتبعها بـ”رفسة” على مؤخرته بعد أن تلقى الورقة الحمراء في مواجهة تركيا ضمن بطولة كرة القدم في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط 1987، إلى تهديداته الوقحة لنجمة الريشة الطائرة آنذاك إيفا قطريب لأنها لم تخسر نهائي البطولة العربية لمصلحة لاعبة سورية ثانية لها من الدعم ما يجعل السيد سرية يتجاوز كل الخطوط الأدبية والأخلاقية، لتصل إيفا قطريب إلى المستشفى متعبة ومصدومة وبحاجة إلى العلاج النفسي.

السيد فاروق سرية كان يقول لأي لاعب لا يعجبه أو يكون مستعدًا للتمرد على قرار جائر إنه لا مكان له في منتخب سوريا طالما أنه في سدة القرار، وحكايات طرده لعديد من اللاعبين المهمين من المنتخب وإهانتهم وملاحقتهم في أنديتهم والتضييق عليهم تناقلتها الأفواه والشفاه في الملاعب ومكاتب الصحف في التسعينيات وأول الألفية الجديدة.

فاروق سرية الذي كان يحضر مباراة الكرامة والوحدة في الدوري العام قبل 15 عامًا، وبحضور لجنة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للمباراة، وبعد أن توتر جو اللقاء في شوطه الأول بإنذارات حكم المباراة للاعبي الفريقين (وهذا طبيعي في كرة القدم)، نزل إلى الملعب وأوقف المباراة وطلب الفريقين وطاقم التحكيم والمدربين، وحاضر بهم بأننا لن نسمح إلا بتقديم صورة لائقة أمام الضيوف وكأنها مباراة ودية أو افتتاح بطولة غير رسمية، ولا يريد أن يشاهد تشنج اللاعبين في الملعب، وبما معناه: لا تبيضوا علينا معلميات بالطابة، و أدار ظهره عائدًا إلى المنصة وهو يقول: “يلعن أبوكم ولاد كلب”. التقطت الكاميرا يومها وجه السيد سرية وكلماته وحاولت بعض البرامج الرياضية محاججة القائد الرياضي الفذ بما قال، وهو ينكر، متمسكًا بصورة الوطن العظيم وقائد الوطن العظيم ورياضة البلد العظيم وتحقيق أهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية.

وعندما تمت مطالبته من الجماهير الرياضية بالاستقالة إبان خروج منتخب سوريا الأول من كأس آسيا للرجال 2011، وتحميله المسؤولة كاملة عن تبديل الجهاز الفني والإداري قبل شهر من المسابقة والسماح باستدعاء لاعبين مصابين للمنتخب وإبعاد لاعبين جاهزين لخوض غمار المباريات… قال يومها على إحدى الشاشات، أنا مستعد للاستقالة، ولكن! هل هم وطنيون من يطالبونني بالاستقالة؟ أها، إذًا ليس الزعيم وحده من يختصر الوطن بصورته وشخصه واسمه… ها هو فاروق سرية، درجة عاشرة بين مسؤولي البلاد العظيمة، ويسأل عن وطنية من يطالبه بالاستقالة، لأن استقالة فاروق سرية هي استقالة الوطن، فمن سيحرر الجولان بعده ويقاتل العدو الإسرائيلي؟!

سيقول لك أحدهم لقد دمروا البنية الرياضية من أساسها، وفي 12 عامًا قتلوا وسجنوا وحرقوا من الرياضيين والمنشآت والملاعب والصالات بما يصعب إحصاؤه، فلا حاجة لتتحدث عن “كف” و”رفسة” ومريضة نفسية وتهديد وطلب استقالة ولفظ “يلعن أبوكم ولاد كلب”… لكني أقول إن من لم يوقف هذه الحركات والتجاوزات والأخطاء والإهانات يومًا، فكيف سيعترف بالجرائم التي ارتكبها خلال السنوات الماضية وما زال يرتكبها بحق الرياضة والشعب بأكمله.

روبياليس صُنف متحرشًا ومجرمًا ومكروهًا ومطرودًا بسبب قبلة، وهنا قمة العدل والحقيقة ورد الاعتبار، فيما عشنا سنوات وعقودًا من فاروق سرية ومن يشبهه من زبانية وأبناء القائد العظيم في البلاد، وقد كمموا أفواهنا وشفاهنا، بل وفي أغلب الأحيان داسوا عليها، ولا حياة لمن تنادي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة