قطعة "العربية" بـ20 ألف ليرة 

 قرى بريف اللاذقية لا تعرف “البوظة” منذ ثلاث سنوات

camera iconيبلغ سعر قطعة البوظة العربية 20 ألف ليرة سورية في اللاذقية- آب 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

تحاول وفاء (34 عامًا) إشاحة وجه طفليها عن محال “البوظة” في مدينة اللاذقية حين تصطحبهما إلى السوق أو في نزهة ما بالشوارع، لارتفاع أسعارها، إذ وصل سعر كرة “البوظة” الواحدة إلى 4000 ليرة سورية، والقطعة المغلفة إلى 25 ألف ليرة.

رغم انتهاء شهر آب شديد الحرارة، تشكو عائلات عديدة من مرور الصيف دون شراء “البوظة” سوى مرات قليلة تكاد تُعد على الأصابع، لتنضم “البوظة” إلى قائمة المواد الغائبة عن أغلبية السوريين، بعد أن تحول تناولها إلى رفاهية كبيرة.

وقالت وفاء، إنها مع بداية الصيف اشترت لطفليها “البوظة”، وكان سعر الكرة حينها ألفي ليرة سورية، أي ستة آلاف لـ”القمع” الواحد، بينما امتنعت عن تناولها ليس لعدم رغبتها، إنما لتوفير ثمنها.

“حارمينهم من كل شي، سندويشة الشاورما ما بقا نسترجي نفكر فيها، هي مرة بالصيفية ياكلوا فيها بوظة”، أضافت وفاء.

وبلغت أسعار “البوظة” العام الماضي 20 ألف ليرة للكيلو الواحد، ووصلت إلى 50 ألف ليرة مطلع الصيف الحالي، وارتفعت مجددًا قبل شهر إلى 60 ألف ليرة.

وبعد زيادة سعر ليتر المازوت منتصف آب الماضي، وصل سعر الكيلو إلى 80 ألف ليرة (حوالي ستة دولارات أمريكية)، ويصل سعر الكيلو الواحد من بعض الأنواع إلى 150 ألف ليرة تقريبًا، مع تفاوت في الأسعار بين منطقة وأخرى ومحل وآخر.

“الطابة” بـ4000 ليرة

جعفر (28 عامًا) يعمل في توزيع “البسكويت والشيبس” للمحال التجارية، قال إنه من مدمني “البوظة”، ولا مسؤوليات تمنعه عن تناولها، لذا فإنه وطوال الصيف والشتاء لا يتوقف عن شرائها، لكن ما يزعجه أنه من شبه المستحيل أن يشتريها بالسعر ذاته، فدائمًا هناك ارتفاع جديد.

وأضاف، “في بداية الصيف كنت أشتري قطعة البوظة العربية بـ12 ألف ليرة، بعد أقل من شهر أصبحت بـ15 ألف ليرة، وبعد رفع سعر المازوت أصبحت بـ20 ألف ليرة، وربما تصبح غدًا بـ25 ألفًا، من يدري؟”.

ولا تجرؤ عفاف (42 عامًا) على اصطحاب أطفالها الثلاثة بأي نزهة خارج حيهم بالقرب من ساحة بسنادا في ضواحي اللاذقية.

وقالت عفاف، إنها تخرج مع أطفالها من المنزل إلى الشوارع والحديقة القريبة، وأكثر ما تخشاه أن يلمحوا بائع “بوظة”، فلا إمكانيات لديها، فهي موظفة حكومية براتب لا يتجاوز الـ200 ألف ليرة بعد زيادة الراتب منتصف آب.

حساب بسيط أجرته السيدة قائلة، “إذا اشتريت لكل واحد منهم كورنيه بوظة فسأدفع 18 ألف ليرة”، مضيفة أن الأطفال لا يستطيعون تقدير الظروف ولا يقتنعون بحرمان أنفسهم مثل الكبار، وهي لا تمتلك ما يمكنها من إطعامهم “البوظة”.

وتابعت عفاف أن عليها المفاضلة بين الرغبات، فثمن كرة “البوظة” يشتري كيلو فاصولياء أو بندورة تقريبًا، يمكن بها تحضير وجبة الغداء معبرة عن حرقتها بحرمان الأطفال.

ونتيجة التقنين الكهربائي الذي يصل إلى أربع ساعات ونصف قطع مقابل نصف ساعة وصل، وهي مدة ليست كافية لتخزين “البوظة”، يضطر أصحاب المحال التجارية للاعتماد على “الأمبيرات”، التي زاد أصحابها أجرتها بنحو 75% بعد رفع سعر المازوت مؤخرًا.

مناطق في الريف محرومة منها

منذ العام 2021، غابت “البوظة” عن أغلبية ريف اللاذقية، نتيجة غياب الكهرباء وتقنينها القاسي، ولعدم وجود مشغلي “أمبيرات” فيه، لكن مع بداية هذا الصيف لجأت بعض شركات “البوظة” إلى منح بعض أصحاب المحال التجارية في الأرياف ألواح طاقة شمسية تكفي لتشغيل البراد، فعادت “البوظة” مجددًا.

وقال صالح (52 عامًا)، وهو صاحب محل تجاري (بقالية) بريف اللاذقية، إن بعض الشركات كانت في الماضي تمنح برادات خاصة بـ”البوظة”، لكن هذا العام منحته لوح طاقة شمسية يكفي لتشغيل البراد، على أن تسترده الشركة بمجرد انتهاء الموسم الصيفي.

وأضاف، “البوظة في الريف من الأنواع الرخيصة، ويتراوح السعر بين 1500 و4500 ليرة للقطعة، لكن قبل حوالي شهر ونصف ارتفع السعر ليتراوح بين 2200 و6000 ليرة”.

الحال بالأرياف البعيدة ليست كذلك، إذ يوجد كبار سن وأطفال لم يتذوقوا “البوظة” منذ أكثر من ثلاث سنوات، فلا يستطيعون الوصول إلى المدينة، وليس هناك محال تجارية تبيعها في منطقتهم، كما في ريف القرداحة البعيد، وفق ما قاله “عدنان” 45 عامًا (اسم مستعار)، الذي يعمل سائقًا على خط اللاذقية- القرداحة.

ارتفاع أسعار المواد الأولية

يعزو معاون رئيس جمعية “البوظة” في اللاذقية، هيثم جعارة، أسباب ارتفاع سعرها إلى ارتفاع سعر المواد الأولية اللازمة لصناعتها، مثل السكر والحليب والفواكه، إضافة إلى العلب البلاستيكية وأجور النقل واليد العاملة.

وحذر في تصريحاته لصحيفة “الوحدة” المحلية من وجود من وصفهم بعض “الدخلاء” على المهنة، الذين يستخدمون مادة “الأسبرتام” كبديل عن السكر، والتي تعتبر خطرة جدًا على الصحة.

جعارة كان قال في تصريحات أخرى لإذاعة “شام إف إم” المحلية، إن نسبة الإقبال على شراء “البوظة” ضعيف جدًا، مقابل زيادة الإقبال على شراء مكعبات الثلج.

بدوره، هاجم رئيس الجمعية الحرفية للحلويات في دمشق، بسام قلعجي، وزارة الكهرباء، وقال في تصريحات لموقع “أثر” المحلي، إن ورشات كثيرة توقفت عن صناعة “البوظة” جراء موجة الحر والتقنين الكهربائي، مضيفًا أن نسبة الخسائر في قطاع “البوظة” فاقت الـ80% هذا العام.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة