تراجع المحصول إلى النصف

الفستق الحلبي في الشمال.. احتكار التجار يضاعف الخسائر 

يباع كيلو الفستق الحلبي على “البسطات” بريف حلب بـ200 ليرة تركية- 12 من أيلول 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

camera iconيباع كيلو الفستق الحلبي على “البسطات” بريف حلب بـ200 ليرة تركية- 12 من أيلول 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

tag icon ع ع ع

ريف حلب – ديان جنباز

انتهى موسم جمع الفستق الحلبي في ريفي حلب الشمالي والشرقي مؤخرًا، ليكتشف المزارعون أن “حسابات البيدر” غير ما كانوا يأملون، جراء التكاليف الإضافية وتقلبات الطقس غير المتوقعة التي رافقت الموسم قبل نضوج الفستق.

أثرت تقلبات الطقس بشكل سلبي على نمو الثمار والعملية الإنتاجية للفستق، كما أن دفع ثمن الأسمدة والأدوية بالدولار الأمريكي أثار مخاوف المزارعين من الخسائر أو تحقيق أرباح منخفضة.

وينحصر تصريف الفستق الحلبي الذي يعد محصولًا استراتيجيًا بالمنطقة في الأسواق المحلية، ويخرج منها عبر تجار تطالهم اتهامات بتحديد سعر شرائه وتصديره وتحقيق أرباح كبيرة مقارنة بما يحصل عليه المزارع.

ولا يقوى المزارعون على تحمل أعباء الشحن وتصريف الفستق إلى خارج الريف الحلبي، لما تتطلبه العملية من تكاليف مرتفعة، وضعف خبرة المزارعين بالأسواق خارج مناطقهم أو صعوبة تصريف المنتج في مناطق أخرى.

نصف إنتاج عام 2022

محمد الحمد، مزارع بريف حلب الشرقي، قال لعنب بلدي، إن أرضه تحتوي على 1200 شجرة فستق مثمرة، موزعة على مساحة قدرها 50 دونمًا (خمسة هكتارات) في قرية الضاهرية بريف جرابلس شرقي حلب.

وأوضح المزارع أن هناك تفاوتًا بالإنتاج مقارنة بالعام الماضي، إذ جمع محصوله مطلع آب الماضي، وبلغت كمية الإنتاج خمسة أطنان من الفستق الحلبي درّت عليه 15000 دولار أمريكي، مشيرًا إلى أن 75% من العائدات تُصرف كنفقات تشغيلية.

وأضاف أن سعر الكيلو الواحد من الفستق يتراوح بين 2.5 و3 دولارات أمريكية، لافتًا إلى أن كمية الإنتاج كانت نصف إنتاج العام الماضي، بسبب الظروف الجوية، وارتفاع أسعار المحروقات والأدوية (مبيدات حشرية).

ويحتاج جمع الفستق الحلبي إلى أيدٍ عاملة كثيرة، وتبلغ أجرة عامل الحصاد 100 ليرة تركية في اليوم الواحد.

تكاليف مرتفعة

عن التكاليف قال المزارع محمد الحمد، إن أشجار الفستق الحلبي تحتاج إلى عناية فائقة، وإن أرضه تحتاج سنويًا إلى السقاية خمس مرات وإلى الحراثة سبع مرات، وإلى سماد “أوريا” وفوسفات أسود ومركّب، وفق جدول زمني معيّن.

وأضاف أن الهكتار الواحد يحتاج كل سنة إلى أدوية بمقدار 300 دولار أمريكي، وعشرة أكياس سماد “أوريا” وخمسة أكياس سماد مركّب بتكلفة 550 دولارًا أمريكيًا، بالإضافة إلى السماد العضوي (الطبيعي) على مدار سنتين.

ويتم وضع السماد العضوي على سطح التربة قبل الحراثة ثم يقلب، وفق المزارع، مشيرًا إلى أن بعض الأراضي لا تحتاج إلى هذا السماد بسبب خصوبتها وغناها بالمواد العضوية والحديد.

تسويق “معدوم”

يواجه عديد من مزارعي ريف حلب مشكلات من انعدام التصدير إلى الخارج، عبر المعابر الحدودية التركية، واحتكار بعض التجار المحليين عملية بيع الفستق الحلبي والسيطرة على سعره في الأسواق.

ويؤثر ذلك في انخفاض عوائد المزارعين، وصعوبة أوضاعهم المعيشية، كونهم يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل رئيس، يتراجع وضعهم المعيشي بتراجعه، ويتحسن بتحسنه.

عبد المجيد عاشور، مزارع في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، قال لعنب بلدي، إن بعض التجار هم من يتحكمون في بيع وشراء الفستق الحلبي، من خلال تثبيت أسعاره في الأسواق المحلية.

وذكر المزارع أن بيع المحصول صار محليًا أو من خلال تجار يدخلونه إلى تركيا أو إلى مناطق سيطرة النظام، وغالبًا ما يكون العائد الربحي الأكبر للتجار على حساب المزارع.

ولا تقتصر شكوى المزارعين على محصول الفستق الحلبي، فمع كل موسم يشتكي المزارعون من تدني سعر شراء “الحكومة المؤقتة” لمحاصيلهم أو تحكّم التجار بأسعار شرائها، كما حصل مؤخرًا في رأس العين شمال غربي الحسكة، إذ تخلت “المؤقتة” عن شراء القمح من المزارعين وتركتهم “رهينة” بيد التجار، وفق تقرير سابق أعدته عنب بلدي.

أكثر من مليوني شجرة

توسعت زراعة الفستق الحلبي في أرياف حلب الشمالية والشرقية، خلال السنوات الماضية، وأصبحت بديلًا لدى عديد من المزارعين عن مواسمهم التقليدية كالقمح والشعير والبقوليات، على الرغم من ارتفاع تكاليف زراعتها وتأخر سنوات إنتاجها التي تزيد على ثماني سنوات على أقل تقدير.

حسن الحسن، مدير زراعة حلب في “الحكومة المؤقتة”، قال لعنب بلدي، إن شجرة الفستق الحلبي تحتل مكانة جيدة بين الزراعات التي تنتشر في محافظة حلب عامة وبمدينة جرابلس خاصة، التي تعتبر إحدى أهم المناطق التي تنتشر فيها هذه الزراعة.

وتقدّر المساحة المزروعة بالفستق الحلبي في مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” بـ19 ألفًا و149 هكتارًا، ويبلغ عدد الأشجار المثمرة مليونين و336 ألفًا و178 شجرة، ويقدّر إنتاج الموسم لهذا العام بـ18 ألفًا و700 طن، وفق الحسن.

وأضاف الحسن أن موسم الفستق ذو أهمية اقتصادية في المنطقة، كما أن ثماره ذات قيمة غذائية عالية، وأن عائده المالي للمزارعين جيد في مناطق الزراعة البعلية مقارنة بالمحاصيل الأخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة